لقد أعقبت بالبؤس منك وبالنعمى

لقد أعقبتْ بالبؤسِ منك وبالنعمى

​لقد أعقبتْ بالبؤسِ منك وبالنعمى​ المؤلف ابن سهل الأندلسي


لقد أعقبتْ بالبؤسِ منك وبالنعمى
و أصبحَ طرفاً لا أراكَ بهِ أعمى
سُقيتَ الحيا من ظاعنِ الثُّكلِ قد ثوى
و أبقى ربوعَ المجدِ موحشةً عتما
وقد كنتُ أُمضيهِ على الخطبِ مُنْصُلاً
وآوي لَهُ ركناً، وأسري بِهِ نجما
ترحل لما أن تكاملَ مجدهُ
ولَيْس كسوفُ البدرِ إلاّ إذا تمّا
لقد عاشَ رغماً للحواسدِ والعدا
و ماتَ على أنفِ الندى والهدى رغما
و كانتْ ليالي العيشِ بيضاً بقربهِ
فقد أصبحَتْ أيامنا بعده دُهما
و قد كان يعطي السيفَ في الروعِ حقه
و يرضى إذا أرواهُ في الشركِ أن يظما
وَيُضحِكُ ثَغْرَ النصرِ في كلِّ معركٍ
يُرى وسطَهُ وَجْهُ الردى عابساً جهما
و كان إذا الأمجادُ ظنوا نوالهمْ
لمستمنحٍ غرماً، رأى بذلهُ غنما
إذا بخلوا أعطى وإن أحجموا مضى
وإن أصلدوا أورى ونار عما
ألا فَأْتيا بطحاءَ لبلة فانْدبا
بها مصرعاً غالَ الشجاعةَ والحِلما
وأجْوَدها تَنْدى الصِّلادُ غضارةً
بهِ ويفوحُ التربُ مسكاً إذا شما
وما عذرُ أرضٍ أُشربَتْهُ فأنبتَتْ
نباتاً ولمْ تنبتْ ذكاءً ولا حزما
بني فاخرٍ أمسيتمُ يومَ فقدهِ
كأنجمِ أفقٍ فارقتْ بدرها التما
ذهبتَ أبا الحجّاج لَمْ تُبْقِ ذلّةً
و أبقيتَ فينا المجدَ والسؤددَ الضخما
فرزؤكَ قَدْ عَمَّ البريّةَ كلَّهُمْ
كما كانَ فيهمْ جودُ يمناكَ قد عما
فكم حلَّ في أحشائِهِمْ منكَ مِنْ جوًى
وكم حلَّ فيأيديهمُ لكَ من نُعمى
و خلفتَ ثكلى لا تكفُّ جفونها
بكاءً ولا تَنْدَى جوانِحُها غَمّا
تنوحُ لها الأطيارُ في القضبِ رقةً
و يذري عليها المزنُ أدمعه رحما
عَلَيْكَ سلامُ اللَّه الردى
وما دامَ فِيكَ الدمعُ دونَ العزا خصما
و لاحَ أصيلُ اليومِ بعدك شاحباً
و ريحُ الصبا معتلةً تشتكي السقما