للأقاحي بفيك نور ونور

للأقاحي بفيكِ نَوْرٌ ونورُ

​للأقاحي بفيكِ نَوْرٌ ونورُ​ المؤلف عبد الجبار بن حمديس


للأقاحي بفيكِ نَوْرٌ ونورُ
ما كذا تسنحُ المهاةُ النفورُ
من لها أنْ تعيرها منكِ مشياً
قَدَمٌ رَخْصَةٌ وخطوٌ قصير
أنت تسبين ذا العفاف بدلّ
يستخفّ الحليمَ وهو وقور
وهي لا تستبي بلفظ رخيم
يُنزِلُ العُصْمَ وهي في الطود فور
وحديثٍ كأنَّهُ قِطَعُ الرّوْ
ضِ إذا اخضلّ من نداه البكور
فثناني من روض حسنك عنها
نرجسٌ ذابلٌ ووردٌ نضير
وشقيقٌ يُشقّ عن أقحوانٍ
لنقاب النقا عليه خفير
وأريجٌ على النوى منك يسري
ويجيب النسيم منه عبير
وثنايا يضاحكُ الشمسَ منها
في مُحْيّاكِ كوكبٌ يستنير
ريقها في بقيّةِ الليل مسكٌ
شِيبَ بالرّاحِ منه شهدٌ مشور
لسكونِ الغرامِ منه حراكٌ
ولميتِ السقام فيه نشور
ألبسَ الله صورةً منكَ حسناً
وعيونُ الحسانِ نحوكِ صور
لكِ عينٌ إنْ ينبعِ السحرُ منها
فهو بالخَبْلِ في العقول يغور
وجفونٌ تشير بالحبّ، منها
عن فؤادٍ إلى فؤادٍ سفيرُ
وقعتْ لحظةٌ على القلب منها
أفلا يترك الحشا ويطير
يطبعُ الوشي فوق حسنك لمساً
منه أمثال ما له تصوير
فإذا ما نمى الحديث إليها
قيل هل ينقشُ الحريرَ حرير
أنت لا ترحمين منك، فَيُفْدَى،
مِعْصَماً في السوار منه أسير
فمتى يَرْحَمُ الصَّبَا منك صَبّا
فَاضَ مستولياً عليه القتير
ودعيني فقد تَعَرّضَ بَيْنٌ
بوشيكِ النوى إليَّ يشيرُ
وغلى بالفراق مِرجلُ حزني
فهو بالدّمْعِ من جُفُونِي يَفُورُ
قالت: اللهم لا أراهُ حَلالاً
بيننا، والعناقُ حظٌّ كبير
قلت: هذا علمتُهُ غيرَ أنِّي
أسالُ اليومَ منك ما لا يضير
فاجعلي اللحظَ زادَ جسمٍ سيبقى
روحهُ في يديك ثم يسير
فَلِي الشوقِ خاذلٌ عن سُلُوّي
ولدينِ الهدى عليّ نصير
ملكٌ تتقي الملوكُ سناه
أوَمَا يَفْرِسُ الذئابَ الهَصُور
وهو ضارٌ آجامهُ ذُبّل الخطّ
على مقتضى العلى وقصور
حازمٌ للطعان أشْرعَ سمرا
حُطمتْ في الصدور منها صدور
وحَمَى سَيْفُهُ الثغورَ فما تَقْـ
ـرّبْ رَشْفَ العُدَاةِ منها ثغور
ذو عطاءٍ لو أنهُ كان غيثاً
أوْرَقَتْ في المحول منه الصخور
تحسبُ البحرَ بعضَ جدواه لولا
أنَّه في الورود عذب نمير
من تراهُ يحدّ فَضْلَ عليّ
وهو مستصعبُ المرام عسيرُ
فبمعروفه، الخضمّ غنيّ،
وإلى بأسه الحديدُ فقيرُ
كم له من خميسِ حربٍ رحاها
بسيولٍ من الغُمود تدور
أرضهُ من سنابكٍ قادحات
شَرر النّقْعِ، والسماءُ نسور
واجدات القِرى بقتلى الأعادي،
من حشاها لدى النشور نشور
جحفلٌ صُبْحُهُ من النقع ليلٌ
يضحكُ الموتُ فيه وهو بسور
تضع البيضُ منه سودَ المنايا
بنكاح الحروب وهي ذكور
وكأنَّ القتامِ فيها غمامٌ
بنجيعٍ من البروق مطير
وكأن الجوادَ والسيفَ واللأ
مَةَ بحرٌ وجدولٌ وغدير
وإذا ما استطالَ جبّارُ حربٍ
يجزعُ الموتُ منه وهو صبور
والتظى في اليمين منه يمانٍ
كاد للأثر منه نَمْلٌ يثور
ودعا وهو كالعُقاب كماةً
لهمُ كالبُغاثِ عنه قصور
جدلته يدا عليّ بعضبٍ
لِرُبُوعِ الحياةِ منه دُثُور
فغدا عاطلاً من الرأس لمّا
كان طوْقاً له الحسام البتور
لحظَ الرومَ منه ناظرُ جَفْنٍ
للرّدَى فيه ظُلْمَةٌ وهو نور
رَمِدتْ للمنون فيه عيونٌ
فكأن الفرندَ فيه ذرور
يا ابن يحيى الذي بكلّ مكانٍ
بالمعالي لهُ لسانٌ شَكُور
لكَ من هيبةِ العلى في الأعادي
خيلُ رُعْبٍ على القلوب تغير
وسيوفٌ مقيلها في الهوادي
كلما شبّ للقراع هجير
ودروعٌ قد ضوعف النسجُ منها
وتناهَى في سردها التقدير
كصغارِ الهاءاتِ شُقّتْ فأبْدَتْ
شكلَها من صفُوفِ جيشٍ سطور
أنتَ شَجّعْتَ نفسَ كلّ جبانٍ
فاقترابُ الأسود منه غرور
فهو كالماءِ أحرقَ الجسمَ لمَّا
أحدث اللذع في قواه السعير
خيرُ عامٍ أتاكَ في خيرِ وقتٍ
لوجوه الرّبيع فيه سفور
زارَ مثواك وهو صبٌّ مشوقٌ
بمعاليكَ، والمشوقُ يزور
فبدا منك في الجلال إليه
مَلِكٌ كابرٌ ومُلْكٌ كبير
ورأى في فناءِ قصركَ حفلاً
ما له في فِناءِ قَصْرٍ نظير
تشتري فيه بالمكارم حَمْدا
لك منه تجارةٌ لا تبور
فكأن المُدّاحَ فيه قرومٌ
ملأ الخافقين منه الهدير
بقوافٍ هدوا إليهنّ سُبلاً
ضلّ عنهنّ جرولٌ وجريرُ
إنّ أيَّامَكَ الحسانَ لَغُرٌّ
فكأنَّ الوجوهَ منها بُدور
واصَل العزَّ في مغانيكَ عِزٌّ
دائمُ الملك، والسرورَ سرور