ما أعجب الحب في مذاهبه

ما أَعجب الحبّ في مذاهبه

​ما أَعجب الحبّ في مذاهبه​ المؤلف ابن الزيات


ما أَعجَبَ الحُبَّ في مَذاهِبِه
ما يَنقَضي القَولُ في عَجائِبِه
يُفسِدُ ذا الدّينِ بَعدَ عِفَّتِه
وَيُذهِلُ المَرءَ عَن مَآرِبِه
الحُبُّ نارٌ وَلا خُمودٌ لَها
تَترُكُ ذا اللُّبِّ جدّ عازِبِه
ثُمَّتَ تَرفَضُّ في مَفاصِلِه
فَتُشعِلُ السُّقمَ في جَوانِبِه
لَيسَ أَخو الحُبِّ مَن يَمَلُّ وَلا
مَن يَطرَحُ الحَبلَ فَوقَ غارِبِه
يَأخُذُ مِنهُ الَّذي يَطيبُ لَه
غَيرَ صَبورٍ عَلى نَوايِبِه
لَم أَرَ داءً وَلا دَواءَ لَه
إِلَّا وَفي الحُبِّ ما يُقاسُ بِه
سائِل عَنِ الحُبِّ من تَضَمَّنَه
ما شاهِدُ الأَمرِ مِثلُ غايِبِه
ما جَرَّبَ الحُبَّ فَوقَها أَحَدٌ
إِلَّا رَأى المَوتَ في تَجارِبِه
وَلا رَأى المَوتَ في تَجارِبِه
إِلَّا فَتىً مُخلِصٌ لِصاحِبِه
انظُر إِلى المُؤمِنِ الَّذي اِجتَمَعَت
أَلسِنَةُ النَّاسِ في مَناقِبِه
مِن بَعدِ سجَّادة مرَكَّبَةٍ
تَلوحُ لِلعَينِ فَوقَ حاجِبِه
وَلِحيَةٍ كَالمِجَنِّ وافِرَةٍ
أَليقُ شَيءٍ بِحُفِّ شارِبِه
لا يَرفَعُ الطَّرفَ في السَّماءِ من ال
إِشفاقِ وَالخَوفِ من مُحاسِبِه
أُتيح لِلحَينِ وَالقَضاءِ لَهُ
مَن قَصَّرَت عَنهُ كفُّ طالِبِه
اِنسَكَبَ الحَسنُ فَوقَ جَبهَتِه
فَمَرَّ يَجري إِلى ترايِبِه
ثُمَّ تَوافى إِلى أَظافِرِه
فَاِنطَمَسَت ثمَّ عَينُ عايِبِه
ثُمَّ أَعادَت عَلَيهِ ثانِيَةً
فَثَبَّتَ الحُسنَ كَفُّ ساكِبِه
فَالحُسنُ فيهِ مُضاعَف وَلَهُ
شيمَةُ بُخل عَلى مطالِبِه
لَم يَخلِقِ اللَّهُ مِثلَهُ أَحَداً
في مَشرِقِ الأَرضِ أَو مَغارِبِه
كَأَنَّهُ دُميَةٌ مُصَوَّرَةٌ
يَعبُدُها القَسُّ في مَحارِبِه
صَوَّرَها راهِبٌ وَزَخرَفَها
فَاِبتَزَّها القَسُّ دونَ راهِبِه
تَنازَعاها كِلاهُما حَنِقٌ
يَفقَأ بِالسِّنِّ عَينَ صاحِبِه
وَأَجلَبَ القسُّ أَهلَ بيعَتِه
وَجاءَ يَختالُ في كتايِبِه
فَصانَها دونَ ما حَوَت يَدُه
مِن جُلِّ مالٍ وَمِن رَغايِبِه
يَسطو عَلى أَهلِ بيعَتِه
كَسَطوِ كِسرى عَلى مَرازِبِه
تَبكي اِبن عَبَّاد إِنَّ لَه
فَضلاً سَأُبدِيهُ غَير كاذِبِه
في لَفظِهِ غنَّةٌ يخالُ بِها
دُراً جَرى مِن سُلوكِ ثاقِبِة
إِذا عَلا مَوضِع الحقابِ وَقَد
ضَمَّ يَدَيهِ عَلى مَناكِبِه
واهاً لَهُ مركباً لِراكِبِه
لا خَيَّبَ اللَّهُ سَعيَ جالِبِه