مجلة الرسالة/العدد 2/العالم المسرحي والسينمائي
مجلة الرسالة/العدد 2/العَالم المسرحيّ والسِّينمائِي
للأستاذ محمد توفيق يونس
خاتمة الرواية الحديثة
عدلأصاب نقدي على رواية (بنات اليوم) شيء من البتر أثناء الطبع جعل قولي في خاتمة الرواية وحلها غير مفهوم فأحببت أن أوضح هذه الفكرة فأقول:
قام على هذا الموضوع خلاف شديد بين أنصار المذهبين الرومانتيكي والواقعي. فهؤلاء يأخذون على أولئك ختامهم الروائي الذي ينتهي في المآسي بالذبح العام والقتل الشامل. وربما ادخلوا بعض أشخاص الرواية في هذه الرواية لأنها أسهل طريق للتخلص منهم. أما في الكوميديات فغالباً ما يسدل الستار على مكافآت عظيمة، وجوائز سنية، وعيش رغيد يبعد عن الحقيقة كل البعد.
رأى الواقعيون أن المسرح وهو قطعة من الحياة يجب أن لا يفصل عنها. فليس من الفن والواقع في شيء أن يعامل المؤلف القطعة التي اختارها من الحياة كأنها كائن قائم بنفسه. لذلك كان من الواجب عليه، وهو يسير بروايته إلى الغاية، أن يترك في نفوس جمهوره أثراً بأن الدنيا لا تزال مستمرة الحركة فيخرجون وهم يشعرون (بعد أن كوفئت الفضائل، وعوقبت الرذائل، وحققت الرغائب) أن أشخاص الرواية لم يزيدوا ولم يقلوا عن كونهم آدميين سيجدون ولا شك أفراحا جديدة وأحزانا أخرى مكتوبة لهم في سجل القدر. أما في الروايات القديمة فقد كان المؤلف يجعل النهايات حاجزا بين الحاضر والمستقبل كأنما العالم بعد ختام روايته قد وصل إلى نهايته.
الجامحة على مسرح بريتانيا
عدلرفع الستار وبدأت الرواية. الحوار شائق لذيذ، والعمل محكم جميل، والتحليل قوي دقيق، ولكنا نشعر كلما تقدمت الرواية ونما العمل بجو أجنبي، فالحادث غريب، والبيئة غريبة، والأشخاص غير مصريين وإن كان الكاتب (الأستاذ طاهر حقي) قد أعارهم أسماءنا وألبسهم ثيابنا. فليست الرواية مصرية في الواقع؛ وإذا كان الكاتب قد اقتبسها فكان ينبغي أن يعرضها في صيغة تلائم الذوق المصري، ويعنى فيها باللون المحلي حتى لا يجد المشاهد نفسه في جو لا يحسه ولا يألفه ولا يتأثر به، وأمام أشخاص لا تدنيه بهم معرفة ولا تربطه بأحدهم صلة. وإذا كان التوفيق بين فكرة الرواية الأصلية والصبغة المحلية متعذرا فكان أجدر به ترجمة الرواية كما هي حتى لا يسئ الاقتباس، ويخطئ المغزى، ويخدع الجمهور.
أما التمثيل فلم يكن في مجموعه صحيحا متسقا. ونجاح الرواية في الواقع يرجع إلى بطلتها السيدة فاطمة رشدي، فقد لبست دورها ببراعة وحذق وكانت في موقعها في ختام الفصل الثاني جديرة بالإعجاب حقا.
الرواية السينمائية المصرية
عدلشهدت القاهرة هذا الأسبوع محاولتين جديدتين في سبيل إيجاد الرواية السينمائية المصرية الصحيحة، (الزواج) للسيدة فاطمة رشدي، ثم (كفري عن خطيئتك) للسيدة عزيزة أمير وهي أول من وضع الحجر التاريخي للسينما المصرية. وهذه حركة نقابلها بالغبطة، وإن كنا نلاحظ على روايتنا السينمائية بوجه عام عدم توفر الأصول الفنية فيها، وكثرة ما بها من نقائص وعيوب. ولن تقوم الرواية السينمائية المصرية وتنهض الا على أساس من المعرفة الصحيحة والدرس الطويل. ومن الضروري أن يعهد بها إلى فنيين زاولوا السينما وأدركوا دقائقها، وفهموا حقائقها، وعرفوا أسرارها. وإذا كانت جهود الأفراد تعجز عن القيام بما يتطلبه هذا الاستعداد من نفقات، فلدينا شركة قائمة هي شركة مصر للتمثيل والسينما تستطيع أن تسد هذا الخلل وتقضي هذه الحاجة. ولنا وطيد الأمل أن تدخل الميدان وتساهم في وضع أساس الرواية السينمائية المصرية فنستقدم الخبيرين نسترشد بفنهم ونهتدي بتجاريبهم حتى ينتظم العمل من وجوهه الفنية جميعا.
ولقد رأينا ما كان لاشتراك المسيو روبير بدرويز المخرج بشركة جومون في رواية (كفري عن خطيئتك) من أثر جميل وتقدم محسوس فخرجت الرواية واضحة متسقة منتظمة. ولا يسعنا نحن إلا أن نرحب بهذه الخطوة الحميدة وأن نقابل بالتشجيع ونذكر بالخير مجهود عزيزة أمير والسادة أحمد الشريعي وتوفيق المردنلي ومحمد صلاح الدين وزكي رستم.