مجموع الفتاوى/المجلد الأول/وسئل هل يجوز التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم أم لا
وسئل هل يجوز التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم أم لا؟
عدلوسئل شيخ الإسلام رحمه الله تعالى:
هل يجوز التوسل بالنبي ﷺ أم لا؟
فأجاب:
الحمد لله، أما التوسل بالإيمان به، ومحبته وطاعته، والصلاة والسلام عليه، وبدعائه وشفاعته ونحو ذلك، مما هو من أفعاله، وأفعال العباد المأمور بها في حقه، فهو مشروع باتفاق المسلمين، وكان الصحابة رضى الله عنهم يتوسلون به في حياته، وتوسلوا بعد موته بالعباس عمه، كما كانوا يتوسلون به.
وأما قول القائل: اللهم إني أتوسل إليك به. فللعلماء فيه قولان، كما لهم في الحلف به قولان. وجمهور الأئمة كمالك والشافعي وأبي حنيفة على أنه لا يسوغ الحلف بغيره من الأنبياء والملائكة. ولا تنعقد اليمين بذلك باتفاق العلماء، وهذا إحدى الروايتين عن أحمد، والرواية الأخرى تنعقد اليمين به خاصة دون غيره؛ ولذلك قال أحمد في منسكه الذي كتبه للمروذى 1 صاحبه: إنه يتوسل بالنبي ﷺ في دعائه، ولكن غير أحمد قال: إن هذا إقسام على الله به، ولا يقسم على الله بمخلوق، وأحمد في إحدى الروايتين قد جوز القسم به، فلذلك جوز التوسل به.
ولكن الرواية الأخرى عنه هى قول جمهور العلماء أنه لا يقسم به، فلا يقسم على الله به كسائر الملائكة والأنبياء، فإنا لا نعلم أحدا من السلف والأئمة قال: إنه يقسم به على الله كما لم يقولوا: إنه يقسم بهم مطلقا؛ ولهذا أفتى أبو محمد بن عبد السلام: أنه لا يقسم على الله بأحد من الملائكة والأنبياء وغيرهم، لكن ذكر له أنه روى عن النبي ﷺ حديث في الإقسام به فقال: إن صح الحديث كان خاصا به، والحديث المذكور لا يدل على الإقسام به، وقد قال النبي ﷺ: (من كان حالفا فليحلف بالله وإلا فليصمت)، وقال: (من حلف بغير الله فقد أشرك، والدعاء عبادة، والعبادة مبناها على التوقيف والاتباع، لا على الهوى والابتداع. والله أعلم.
هامش
عدل- ↑ [أبو بكر أحمد بن محمد بن الحجاج المروذى، صاحب الإمام أحمد، حدث عن أحمد بن حنبل ولازمه وعن هارون بن معروف ومحمد بن منهال وروى عنه أبو بكر الخلال وعبد الله الخرقى، ولد في حدود المائتين، وتوفي سنة خمس وسبعين ومائتين. سير أعلام النبلاء 13 173-175]