مجموع الفتاوى/المجلد الخامس عشر/قال شيخ الإسلام لم يفعل يوسف ذنبا الذي نسي ذكر ربه هو الفتى


قال شيخ الإسلام لم يفعل يوسف ذنبا الذي نسي ذكر ربه هو الفتى عدل

«وقال شيخ الإسلام رحمه الله بعد كلام» 1

يهم أحدهم بالذنب فيذكر مقامه بين يدي الله فيدعه، فكان يوسف ممن خاف مقام ربه ونهي النفس عن الهوى.

ثم إن يوسف عليه الصلاة والسلام كان شابا عزبًا أسيرا في بلاد العدو، حيث لم يكن هناك أقارب أو أصدقاء، فيستحي منهم إذا فعل فاحشة، فإن كثيرا من الناس يمنعه من مواقعة القبائح حياؤه ممن يعرفه، فإذا تغرب فعل ما يشتهيه، وكان أيضا خاليا لا يخاف مخلوقا، فحكم النفس الأمارة لو كانت نفسه كذلك أن يكون هو المتعرض لها، بل يكون هو المتحيل عليها، كما جرت به عادة كثير ممن له غرض في نساء الأكابر إن لم يتمكن من الدعوة ابتداء. فأما إذا دعي ولو كانت الداعية خدامة؛ لكان أسرع مجيب، فكيف إذا كانت الداعية سيدته الحاكمة عليه، التي يخاف الضرر بمخالفتها؟

ثم إن زوجها الذي عادته أن يزجر المرأة لم يعاقبها، بل أمر يوسف بالإعراض، كما ينْعَرُ الديوث، ثم إنها استعانت بالنساء وحبسته، وهو يقول: { رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلاَّ تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُن مِّنَ الْجَاهِلِينَ } 2.

فليتدبر اللبيب هذه الدواعي التي دعت يوسف إلى ما دعته، وأنه مع توفرها وقوتها، ليس له عن ذلك صارف إذا فعل ذلك، ولا من ينجيه من المخلوقين؛ ليتبين له أن الذي ابتلي به يوسف كان من أعظم الأمور، وأن تقواه وصبره عن المعصية حتى لا يفعلها مع ظلم الظالمين له، حتى لا يجيبهم كان من أعظم الحسنات وأكبر الطاعات، وإن نفس يوسف عليه الصلاة والسلام كانت من أزكى الأنفس، فكيف أن يقول: { وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ } 3 والله يعلم أن نفسه بريئة ليست أمَّارة بالسوء، بل نفس زكية من أعظم النفوس زكاء، والهَمُّ الذي وقع كان زيادة في زكاء نفسه وتقواها، وبحصوله مع تركه للّه لتثبت له به حسنة من أعظم الحسنات التي تزكي نفسه.

الوجه السادس: أن قوله: { ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ } 4، إذا كان معناه على ما زعموه: أن يوسف أراد أن يعلم العزيز أني لم أخنه في امرأته على قول أكثرهم، أو ليعلم الملك أو ليعلم الله لم يكن هنا ما يشار إليه، فإنه لم يتقدم من يوسف كلام يشير به إليه، ولا تقدم أيضا ذكر عفافه واعتصامه؛ فإن الذي ذكره النسوة قولهن: { مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِن سُوءٍ } 5، وقول امرأة العزيز: { أَنَاْ رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ } 6، وهذا فيه بيان كذبها فيما قالته أولا، ليس فيه نفس فعله الذي فعله هو.

فقول القائل: إن قوله: { ذلك } من قول يوسف مع أنه لم يتقدم منه هنا قول ولا عمل لا يصح بحال.

الوجه السابع: أن المعنى على هذا التقدير لو كان هنا ما يشار إليه من قول يوسف أو عمله: إن عفتي عن الفاحشة كان ليعلم العزيز أني لم أخنه، ويوسف عليه الصلاة والسلام إنما تركها خوفا من الله، ورجاء لثوابه، ولعلمه بأن الله يراه؛ لا لأجل مجرد علم مخلوق. قال الله تعالى: { وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَن رَّأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاء إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ } 7، فأخبر أنه رأي برهان ربه، وأنه من عباده المخلصين.

ومن ترك المحرمات ليعلم المخلوق بذلك لم يكن هذا لأجل برهان من ربه، ولم يكن بذلك مخلصا؛ فهذا الذي أضافوه إلى يوسف إذا فعله آحاد الناس لم يكن له ثواب من الله، بل يكون ثوابه على من عمل لأجله.

فإن قيل: فقد قال يوسف أولا: { إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ } 8.

قيل: إن كان مراده بذلك سيده، فالمعنى: أنه أحسن إلي، وأكرمني، فلا يحل لي أن أخونه في أهله، فإني أكون ظالما ولا يفلح الظالم، فترك خيانته في أهله خوفا من الله لا ليعلم هو بذلك.

فإن قيل: مراده تأتي إظهار براءتي ليعلم العزيز أني لم أخنه بالغيب، فالمعلل إظهار براءته لا نفس عفافه.

قيل: لم يكن مراده بإظهار براءته مجرد علم واحد، بل مراده علم الملك وغيره؛ ولهذا قال للرسول: { ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللاَّتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ } 9، ولو كان هذا من قول يوسف لقال: ذلك ليعلموا أني بريء وأني مظلوم.

ثم هذا لا يليق أن يذكر عن يوسف؛ لأنه قد ظهرت براءته، وحصل مطلوبه، فلا يحتاج أن يقول ذلك لتحصيل ذلك، وهم قد علموا أنه إنما تأخر لتظهر براءته، فلا يحتاج مثل هذا أن ينطق به.

الوجه الثامن: أن الناس عادتهم في مثل هذا يعرفون بما عملوه من لذلك عنده قدر، وهذا يناسب لو كان العزيز غيورا، وللعفة عنده جزاء كثير، والعزيز قد ظهر عنه من قلة الغيرة وتمكين امرأته من حبسه مع الظالمين مع ظهور براءته؛ ما يقتضي أن مثل هذا ينبغي في عادة الطباع أن يقابل على ذلك بمواقعة أهله، فإن النفس الأمارة تقول في مثل هذا: هذا لم يعرف قدر إحساني إليه، وصوني لأهله، وكف نفسي عن ذلك، بل سلِّطها ومكِّنها.

فكثير من النفوس لو لم يكن في نفسها الفاحشة إذا رأت من حاله هذا تفعل الفاحشة، إما نكاية فيه ومجازاة له على ظلمه، وإما إهمالا له لعدم غيرته وظهور دياثته، ولا يصبر في مثل هذا المقام عن الفاحشة إلا من يعمل للّه خائفا منه، وراجيا لثوابه، لا من يريد تعريف الخلق بعمله.

الوجه التاسع: أن الخيانة ضد الأمانة، وهما من جنس الصدق والكذب؛ ولهذا يقال: الصادق الأمين، ويقال: الكاذب الخائن. وهذا حال امرأة العزيز؛ فإنها لو كذبت على يوسف في مغيبه وقالت: راودني؛ لكانت كاذبة وخائنة، فلما اعترفت بأنها هي المراودة، كانت صادقة في هذا الخبر أمينة فيه؛ ولهذا قالت: { وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ } فأخبرت بأنه صادق في تبرئته نفسه دونها.

فأما فعل الفاحشة فليس من باب الخيانة والأمانة، ولكن هو باب الظلم والسوء والفحشاء، كما وصفها الله بذلك في قوله تعإلى عن يوسف: { مَعَاذَ اللهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ } . ولم يقل هنا: الخائنين، ثم قال تعالى: { كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاء إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ } ، ولم يقل: لنصرف عنه الخيانة؛ فليتدبر اللبيب هذه الدقائق في كتاب الله تعإلى.

الوجه العاشر: أن في الكلام المحكي الذي أقره الله تعالى: { إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّيَ إِنَّ رَبِّي } 10، وهذا يدل على أنه ليس كل نفس أمارة بالسوء، بل ما رحم ربي ليس فيه النفس الأمارة بالسوء.

وقد ذكر طائفة من الناس أن النفس لها ثلاثة أحوال: تكون أمارة بالسوء، ثم تكون لوامة، أي تفعل الذنب ثم تلوم عليه، أو تتلوم فتتردد بين الذنب والتوبة، ثم تصير مطمئنة.

والمقصود هنا أن ما رحم ربي من النفوس ليست بأمارة، وإذا كانت النفوس منقسمة إلى مرحومة وأمارة، فقد علمنا قطعا أن نفس امرأة العزيز من النفوس الأمارة بالسوء ؛ لأنها أمرت بذلك مرة بعد مرة، وراودت وافترت، واستعانت بالنسوة وسجنت، وهذا من أعظم ما يكون من الأمر بالسوء.

وأما يوسف عليه الصلاة والسلام فإن لم تكن نفسه من النفوس المرحومة عن أن تكون أمَّارَة فما في الأنفس مرحوم؛ فإن من تدبر قصة يوسف علم أن الذي رحم به وصرف عنه من السوء والفحشاء من أعظم ما يكون، ولولا ذلك لما ذكره الله في القرآن وجعله عبرة، وما من أحد من الصالحين الكبار والصغار إلا ونفسه إذا ابتليت بمثل هذه الدواعي، أبعد عن أن تكون مرحومة من نفس يوسف. وعلى هذا التقدير: فإن لم تكن نفس يوسف مرحومة، فما في النفوس مرحومة، فإذا كل النفوس أمارة بالسوء، وهو خلاف ما في القرآن.

ولا يلتفت إلى الحكاية المذكورة عن مسلم بن يسار 11: أن أعرابية دعته إلى نفسها، وهما في البادية؛ فامتنع وبكي، وجاء أخوه وهو يبكي فبكي وبكت المرأة، وذهبت فنام فرأي يوسف في منامه، وقال: أنا يوسف الذي هممت، وأنت مسلم الذي لم تهم، فقد يظن من يسمع هذه الحكاية أن حال مسلم كان أكمل. وهذا جهل لوجهين:

أحدهما: أن مسلما لم يكن تحت حكم المرأة المراودة ولا لها عليه حكم، ولا لها عليه قدرة أن تكذب عليه، وتستعين بالنسوة وتحبسه، وزوجها لا يعينه ولا أحد غير زوجها يعينه على العصمة، بل مسلم لما بكى ذهبت تلك المرأة، ولو استعصمت لكان صراخه منها أو خوفها من الناس يصرفها عنه. وأين هذا مما ابتلي به يوسف عليه الصلاة والسلام؟

الثاني: أن الهم من يوسف لما تركه للّه كان له به حسنة، ولا نقص عليه. وثبت في الصحيحين من حديث السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: «رجل دعته امرأة ذات منصب وجمال، فقال: إني أخاف الله رب العالمين» وهذا لمجرد الدعوة، فكيف بالمراودة والاستعانة والحبس؟

ومعلوم أنها كانت ذات منصب، وقد ذُكِرَ أنها كانت ذات جمال وهذا هو الظاهر، فإن امرأة عزيز مصر يشبه أن تكون جميلة، وأما البدوية الداعية لمسلم فلا ريب أنها دون ذلك، ورؤياه في المنام وقوله: أنا يوسف الذي هممت، وأنت مسلم الذي لم تهم؛ غايته أن يكون بمنزلة أن يقول ذلك له يوسف في اليقظة، وإذا قال هذا، كان هذا خيرا له ومدحا وثناء، وتواضعا من يوسف، وإذا تواضع الكبير مع من دونه لم تسقط منزلته.

الوجه الحادي عشر: أن هذا الكلام فيه مع الاعتراف بالذنب الاعتذار بذكر سببه، فإن قولها: { أَنَاْ رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ } 12، فيه اعتراف بالذنب، وقولها: { وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ } 13، إشارة تطابق لقولها: { أَنَاْ رَاوَدتُّهُ } أي: أنا مقرة بالذنب ما أنا مبرئة لنفسي. ثم بينت السبب فقالت: { إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ } . فنفسي من هذا الباب، فلا ينكر صدور هذا مني. ثم ذكرت ما يقتضي طلب المغفرة والرحمة، فقالت: { إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ } .

فإن قيل: فهذا كلام من يقر بأن الزنا ذنب، وأن الله قد يغفر لصاحبه.

قلت: نعم. والقرآن قد دل على ذلك، حيث قال زوجها: { يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا وَاسْتَغْفِرِي لِذَنبِكِ } 14، فأمره لها بالاستغفار لذنبها دليل أنهم كانوا يرون ذلك ذنبا ويستغفرون منه، وإن كانوا مع ذلك مشركين، فقد كانت العرب مشركين وهم يحرمون الفواحش، ويستغفرون الله منها، حتى إن النبي لما بايع هند بنت عتبة بن ربيعة بيعة النساء على ألا تشرك بالله شيئًا، ولا تسرق ولا تزني. قالت: أو تزني الحرة؟ وكان الزنا معروفًا عندهم في الإماء.

ولهذا غلب على لغتهم أن يجعلوا الحرية في مقابلة الرق، وأصل اللفظ هو العفة، ولكن العفة عادة من ليست أمة، بل قد ذكر البخاري في صحيحه عن أبي رجاء العطاردي، أنه رأى في الجاهلية قردا يزنى بقردة، فاجتمعت القرود عليه حتى رجمته.

وقد حدثني بعض الشيوخ الصادقين، أنه رأي في جامع نوعًا من الطير قد باض، فأخذ الناس بيضه، وجاء ببيض جنس آخر من الطير، فلما انفقس البيض خرجت الفراخ من غير الجنس، فجعل الذكر يطلب جنسه، حتى اجتمع منهن عدد فما زالوا بالأنثي حتى قتلوها، ومثل هذا معروف في عادة البهائم.

والفواحش مما اتفق أهل الأرض على استقباحها وكراهتها، وأولئك القوم كانوا يقرون بالصانع مع شركهم؛ ولهذا قال لهم يوسف: { يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُّتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ مَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَآؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ } 15.

الوجه الثاني عشر: أن يقال: إن الله سبحانه وتعإلى لم يذكر عن نبي من الأنبياء ذنبا إلا ذكر توبته منه، ولهذا كان الناس في عصمة الأنبياء على قولين: إما أن يقولوا بالعصمة من فعلها، وإما أن يقولوا بالعصمة من الإقرار عليها؛ لا سيما فيما يتعلق بتبليغ الرسالة، فإن الأمة متفقة على أن ذلك معصوم أن يقر فيه على خطأ، فإن ذلك يناقض مقصود الرسالة، ومدلول المعجزة.

وليس هذا موضع بسط الكلام في ذلك، ولكن المقصود هنا أن الله لم يذكر في كتابه عن نبي من الأنبياء ذنبا إلا ذكر توبته منه، كما ذكر في قصة آدم وموسى، وداود وغيرهم من الأنبياء.

وبهذا يجيب من ينصر قول الجمهور الذين يقولون بالعصمة من الإقرار على من ينفي الذنوب مطلقا، فإن هؤلاء من أعظم حججهم ما اعتمده القاضي عياض وغيره، حيث قالوا: نحن مأمورون بالتأسي بهم في الأفعال، وتجويز ذلك يقدح في التأسي؛ فأجيبوا بأن التأسي إنما هو فيما أقروا عليه، كما أن النسخ جائز فيما يبلغونه من الأمر والنهي، وليس تجويز ذلك مانعا من وجوب الطاعة؛ لأن الطاعة تجب فيما لم ينسخ، فعدم النسخ يقرر الحكم، وعدم الإنكار يقرر الفعل، والأصل عدم كل منهما.

ويوسف عليه الصلاة والسلام لم يذكر الله تعإلى عنه في القرآن أنه فعل مع المرأة ما يتوب منه، أو يستغفر منه أصلا. وقد اتفق الناس على أنه لم تقع منه الفاحشة، ولكن بعض الناس يذكر أنه وقع منه بعض مقدماتها، مثل ما يذكرون أنه حل السراويل، وقعد منها مقعد الخاتن ونحو هذا، وما ينقلونه في ذلك ليس هو عن النبي ، ولا مستند لهم فيه إلا النقل عن بعض أهل الكتاب، وقد عُرِفَ كلام اليهود في الأنبياء وغَضِّهِم منهم، كما قالوا في سليمان ما قالوا، وفي داود ما قالوا، فلو لم يكن معنا ما يرد نقلهم لم نصدقهم فيما لم نعلم صدقهم فيه، فكيف نصدقهم فيما قد دل القرآن على خلافه.

والقرآن قد أخبر عن يوسف من الاستعصام والتقوي والصبر في هذه القضية؛ ما لم يذكر عن أحد نظيره، فلو كان يوسف قد أذنب؛ لكان إما مُصِرا وإما تائبا، والإصرار ممتنع، فتعين أن يكون تائبا. والله لم يذكر عنه توبة في هذا ولا استغفارا، كما ذُكِرَ عن غيره من الأنبياء، فدل ذلك على أن ما فعله يوسف كان من الحسنات المبرورة، والمساعي المشكورة، كما أخبر الله عنه بقوله تعالى: { إِنَّهُ مَن يَتَّقِ وَيِصْبِرْ فَإِنَّ اللهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ } 16.

واذا كان الأمر في يوسف كذلك، كان ما ذكر من قوله: { إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّيَ } ، إنما يناسب حال امرأة العزيز لا يناسب حال يوسف، فإضافة الذنوب إلى يوسف في هذه القضية فِرْيةُ على الكتاب والرسول، وفيه تحريف للكلم عن مواضعه، وفيه الاغتياب لنبي كريم، وقول الباطل فيه بلا دليل، ونسبته إلى ما نزهه الله منه، وغير مستبعد أن يكون أصل هذا من اليهود أهل البُهْتِ 17، الذين كانوا يرمون موسى بما برأه الله منه، فكيف بغيره من الأنبياء؟ وقد تلقي نقلهم من أحسن به الظن، وجعل تفسير القرآن تابعا لهذا الاعتقاد.

واعلم أن المنحرفين في مسألة العصمة على طرفي نقيض، كلاهما مخالف لكتاب الله من بعض الوجوه: قوم أفرطوا في دعوي امتناع الذنوب، حتى حَرَّفُوا نصوص القرآن المخبرة بما وقع منهم من التوبة من الذنوب، ومغفرة الله لهم، ورفع درجاتهم بذلك، وقوم أفرطوا في أن ذكروا عنهم ما دل القرآن على براءتهم منه، وأضافوا إليهم ذنوبا وعيوبا نزههم الله عنها. وهؤلاء مخالفون للقرآن، وهؤلاء مخالفون للقرآن، ومن اتبع القرآن على ما هو عليه من غير تحريف، كان من الأمة الوسط، مهتديا إلى الصراط المستقيم، صراط الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين.

قال النبي : «اليهود مغضوب عليهم، والنصارى ضالون»، وقد ثبت في الصحيح عن النبي أنه قال: «لتتبعن سَنَن من كان قبلكم حَذْو القَذَّة بالقذة، حتى لو دخلوا جحر ضَبٍّ لدخلتموه»، قالوا: يا رسول الله، اليهود والنصارى؟ قال: «فمن؟ »، وفي الحديث الآخر الذي في الصحيح: «لتأخذن أمتي مأخذ الأمم قبلها، شبرا بشبر، وذراعًا بذراع» قالوا: يا رسول الله، فارس والروم؟ قال: «ومن الناس إلا هؤلاء؟ ».

ولا ريب أنه صار عند كثير من الناس من علم أهل الكتاب ومن فارس والروم، ما أدخلوه في علم المسلمين ودينهم وهم لا يشعرون، كما دخل كثير من أقوال المشركين من أهل الهند واليونان وغيرهم، والمجوس والفرس والصابئين من اليونان وغيرهم في كثير من المتأخرين؛ لا سيما في جنس المتفلسفة والمتكلمة.

ودخل كثير من أقوال أهل الكتاب اليهود والنصارى في طائفة هم أمثل من هؤلاء، إذ أهل الكتاب كانوا خيرا من غيرهم.

ولما فتح المسلمون البلاد كانت الشام ومصر ونحوهما مملوءة من أهل الكتاب، النصارى واليهود، فكانوا يحدثونهم عن أهل الكتاب بما بعضه حق وبعضه باطل؛ فكان من أكثرهم حديثا عن أهل الكتاب كعب الأحبار. وقد قال معاوية رضي الله عنه: ما رأينا في هؤلاء الذين يحدثونا عن أهل الكتاب أصدق من كعب، وإن كنا لنبلو عليه الكذب أحيانا.

ومعلوم أن عامة ما عند كعب أن ينقل ما وجده في كتبهم، ولو نقل ناقل ما وجده في الكتب عن نبينا لكان فيه كذب كثير، فكيف بما في كتب أهل الكتاب مع طول المدة، وتبديل الدين، وتفرق أهله، وكثرة أهل الباطل فيه.

وهذا باب ينبغي للمسلم أن يعتني به، وينظر ما كان عليه أصحاب رسول الله ، الذين هم أعلم الناس بما جاء به، وأعلم الناس بما يخالف ذلك من دين أهل الكتاب والمشركين والمجوس والصابئين. فإن هذا أصل عظيم.

ولهذا قال الأئمة كأحمد بن حنبل وغيره: أصول السنة هي التمسك بما كان عليه أصحاب رسول الله .

ومن تأمل هذا الباب وجد كثيرا من البدع أحدثت بآثار أصلها عنهم، مثل ما يروي في فضائل بقاع في الشام، من الجبال والغيران، ومقامات الأنبياء ونحو ذلك. مثل ما يذكر في جبل قاسيون، ومقامات الأنبياء التي فيه، وما في إتيان ذلك من الفضيلة حتى إن بعض المفترين من الشيوخ جعل زيارة مغارة فيه ثلاث مرات تعدل حجة، ويسمونها مقامات الأنبياء.

والآثار التي تروي في ذلك لا تصل إلى الصحابة، وإنما هي عمن دونهم ممن أخذها عن أهل الكتاب، وإلا فلو كان لهذا أصل؛ لكان هذا عند أكابر الصحابة الذين قدموا الشام، مثل بلال بن رباح، ومعاذ بن جبل، وعبادة بن الصامت، بل ومثل أبي عبيدة بن الجراح أمين الأمة وأمثالهم. فقد دخل الشام من أكابر الصحابة أفضل ممن دخل بقية الأمصار غير الحجاز، فلم ينقل عن أحد منهم اتباع شيء من آثار الأنبياء، لا مقابرهم ولا مقاماتهم، فلم يتخذوها مساجد، ولا كانوا يتحرون الصلاة فيها، والدعاء عندها، بل قد ثبت عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه كان في سفر، فرأي قوما ينتابون مكانا يصلون فيه، فقال: ما هذا؟ قالوا: هذا مكان صلى فيه رسول الله ، فقال: ومكان صلى فيه رسول الله ؟ أتريدون أن تتخذوا آثار أنبيائكم مساجد؟ إنما هلك من كان قبلكم بهذا، من أدركته الصلاة فيه فليصل، وإلا فليمض.

ولما دخل بيت المقدس وأراد أن يبني مصلى المسلمين، قال لكعب: أين أبنيه؟ قال: ابنه خلف الصخرة، قال: خالطتك يهودية يابن اليهودية، بل أبنيه أمامها؛ ولهذا كان عبد الله ابن عمر إذا دخل بيت المقدس صلى في قِبْلَيهِ، ولم يذهب إلى الصخرة.

وكانوا يكذبون ما ينقله كعب: إن الله قال لها: أنت عرشي الأدني، ويقولون: من وسع كرسيه السموات والأرض كيف تكون الصخرة عرشه الأدني؟ولم تكن الصحابة يعظمونها، وقالوا: إنما بني القُبَّة عليها عبد الملك بن مروان لما كان محاربا لابن الزبير، وكان الناس يذهبون إلى الحج فيجتمعون به عظم الصخرة؛ ليشتغلوا بزيارتها عن جهة ابن الزبير، وإلا فلا موجب في شريعتنا لتعظيم الصخرة، وبناء القُبَّة عليها وسترها بالأنطاع والجوخ. ولو كان هذا من شريعتنا؛ لكان عمر وعثمان ومعاوية رضي الله عنهم أحق بذلك ممن بعدهم؛ فإن هؤلاء أصحاب رسول الله ، وأعلم بسنته، وأتبع لها ممن بعدهم.

وكذلك الصحابة لم يكونوا ينتابون قبر الخليل ، بل ولا فتحوه، بل ولا بنوا على قبر أحد من الأنبياء مسجدا؛ فإنهم كانوا يعلمون أن النبي قال: «إن من كان قبلكم كانوا يتخذون القبور مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك».

ولما ظهر قبر دانيال بتُسْتَر كتب فيه أبو موسى إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه فكتب إليه عمر، إذا كان بالنهار فاحفر ثلاثة عشر قبرا، ثم ادفنه بالليل في واحد منها، وعفِّر قبره لئلا يفتتن به الناس، وقد تأملت الآثار التي تروي في قصد هذه المقامات، والدعاء عندها أو الصلاة، فلم أجد لها عن الصحابة أصلا، بل أصلها عمن أخذَ عن أهل الكتاب.

فمن أصول الإسلام أن تميز ما بعث الله به محمدا من الكتاب والحكمة، ولا تخلطه بغيره، ولا تلبس الحق بالباطل، كفعل أهل الكتاب. فإن الله سبحانه أكمل لنا الدين، وأتم علينا النعمة، ورضي لنا الإسلام دينا.

وقد قال النبي : «تركتكم على البيضاء ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك»، وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: خط لنا رسول الله خطا، وخط خطوطًا عن يمينه وشماله، ثم قال: «هذا سبيل الله، وهذه السبل، على كل سبيل منها شيطان يدعو إليه»، ثم قرأ قوله تعالى: { وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ } 18.

وجماع ذلك بحفظ أصلين:

أحدهما: تحقيق ما جاء به الرسول ، فلا يخلط بما ليس منه من المنقولات الضعيفة، والتفسيرات الباطلة، بل يعطي حقه من معرفة نقله، ودلالته.

والثاني: ألا يعارض ذلك بالشبهات لا رأيا ولا رواية. قال الله تعإلى فيما يأمر به بني إسرائيل، وهو عبرة لنا: { وَآمِنُواْ بِمَا أَنزَلْتُ مُصَدِّقا لِّمَا مَعَكُمْ وَلاَ تَكُونُواْ أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ وَلاَ تَشْتَرُواْ بِآيَاتِي ثَمَنا قَلِيلا وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ وَلاَ تَلْبِسُواْ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُواْ الْحَقَّ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ } 19، فلا يكتم الحق الذي جاء به الرسول ، ولا يلبس بغيره من الباطل، ولا يعارض بغيره.

قال الله تعالى: { اتَّبِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلاَ تَتَّبِعُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء قَلِيلا مَّا تَذَكَّرُونَ } 20، وقال تعإلى: { وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللهِ كَذِبًا أَوْ قَالَ أُوْحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَن قَالَ سَأُنزِلُ مِثْلَ مَا أَنَزلَ اللهُ } 21.

وهؤلاء الأقسام الثلاثة هم أعداء الرسل، فإن أحدهم إذا أتي بما يخالفه، إما أن يقول: إن الله أنزله على فيكون قد افتري على الله، أو يقول: أوحي إليه ولم يسم من أوحاه، أو يقول: أنا أنشأته، وأنا أنزل مثل ما أنزل الله، فإما أن يضيفه إلى الله أو إلى نفسه، أو لا يضيفه إلى أحد.

وهذه الأقسام الثلاثة هم من شياطين الإنس والجن، الذين يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا. قال الله تعالى: { وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِّنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا } 22، والله أعلم، والحمد للّه.


هامش

  1. [هكذا بالأصل. يبدو وجود سقط من الأصل]
  2. [يوسف: 33]
  3. [يوسف: 53]
  4. [يوسف: 52]
  5. [يوسف: 51]
  6. [يوسف: 51]
  7. [يوسف: 24]
  8. [يوسف: 23]
  9. [يوسف: 50]
  10. [يوسف: 53]
  11. [هو أبو عبد الله مسلم بن يسار البصري مولي بني أمية، فقيه ناسك من رجال الحديث، لا يفضل عليه أحد في زمانه، قال ابن سعد: كان ثقة فاضلا عابدًا ورعًا، توفي سنة 100 هـ]
  12. [يوسف: 51]
  13. [يوسف: 53]
  14. [يوسف: 29]
  15. [يوسف: 39، 40]
  16. [يوسف: 90]
  17. [البُهْتُ: الكذب والافتراء]
  18. [الأنعام: 153]
  19. [البقرة: 41، 42]
  20. [الأعراف: 3]
  21. [الأنعام: 93]
  22. [الفرقان: 30، 31]


مجموع الفتاوى لابن تيمية: المجلد الخامس عشر
سورة الأعراف | فصل في حجة إبليس | تفسير قوله تعالى إنه يراكم هو وقبيله | تفسير قوله تعالى وإذا فعلوا فاحشة قالوا وجدنا عليها آباءنا | تفسير قوله تعالى ادعوا ربكم تضرعا وخفية | تفسير قوله تعالى قال الملأ الذين استكبروا من قومه | تفسير بعض آيات مشكلة في سورة الأعراف | تفسير قوله تعالى وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون | فصل في تفسير قوله تعالى واذكر ربك في نفسك تضرعا وخيفة | سورة الأنفال | فصل في تفسير قوله تعالى إذ تستغيثون ربكم | فصل في تفسير قوله تعالى فلم تقتلوهم | فصل في قوله تعالى وما كان الله ليعذبهم | سورة التوبة | تفسير في قوله لا تتخذوا آباءكم وإخوانكم أولياء إن استحبوا الكفر على الإيمان | تفسير قوله تعالى وقالت اليهود عزير ابن الله | تفسير قوله تعالى قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون | تفسير قوله تعالى لقد تاب الله على النبي | سورة يونس | فصل تفسير قوله تعالى هو الذي جعل الشمس ضياء | تفسير آيات مشكلة في سورة يونس | سورة هود | فصل تفسير قوله تعالى أفمن كان على بينة من ربه | فصل في تفسير قوله تعالى أفمن كان على بينة من ربه | فصل في أن المؤمن على أمر من الله | فصل في تفسير قوله تعالى كتاب أحكمت آياته | سئل عن تفسير قوله تعالى وأما الذين سعدوا ففي الجنة | سورة يوسف | فصل في تفسير قوله تعالى هيت لك قال معاذ الله | فصل في تفسير قوله تعالى رب السجن أحب إلي | فصل في مقارنة حال يوسف عليه السلام بحال محمد | قال شيخ الإسلام لم يفعل يوسف ذنبا الذي نسي ذكر ربه هو الفتى | سئل عن قوله تعالى قل هذه سبيلي أدعو إلى الله | فصل في تفسير قوله تعالى حتى إذا استيأس الرسل | سورة الرعد | فصل في تفسير قوله تعالى وجعلو لله شركاء قل سموهم | سورة الحجر | فصل في تفسير ثلاث آيات متشابهة اللفظ والمعنى | سورة النحل | فصل في منافع اللباس | تفسير قوله تعالى قل نزله روح القدس من ربك بالحق | سورة الإسراء | تفسير قوله تعالى قل ادعوا الذين زعمتم من دونه | سورة الكهف | فصل في تفسير قوله تعالى وكان الإنسان أكثر شيء جدلا | سورة مريم | فصل في بيان مضمون سورة مريم | سئل عن تفسير قوله تعالى فخلف من بعدهم خلف | سورة طه | فصل في بيان مضمون سورة طه | فصل في طريقتي العلم والعمل | فصل في تفسير قوله تعالى إن هذان لساحران | فصل في نكتة الإعراب في قوله تعالى إن هذان لساحران | سورة الأنبياء | فصل في بيان منزلة سورة الأنبياء | سورة الحج | فصل في بيان المكي والمدني من السورة | تفسير قوله تعالى ومن الناس من يجادل في الله بغير علم | تفسير قوله تعالى ومن الناس من يعبد الله على حرف | سورة المؤمنون | تفسير قوله تعالى أيعدكم أنكم إذا متم وكنتم ترابا وعظاما | سورة النور | فصل في معاني مستنبطة من سورة النور | فصل في ضرورة امتحان من يراد الزواج منه وغيره | فصل في تعظيم الفاحشة بالباطل | فصل في تفسير قوله تعالى والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء | تفسير قوله تعالى إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات | فصل في تفسير قوله تعالى يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم | فصل في تفسير قوله تعالى وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون | سئل عن تفسير قوله تعالى قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم | سورة الفرقان | فصل في بيان أكبر الكبائر | فصل في تقسيم الأمم | فصل في تقسيم الفضائل | فصل في تفضيل الإسلام على سائر الأديان الأخرى | فصل في بيا ن أجناس الناس | فصل في أن فعل المأمور به صادر عن القوة الإرادية | سورة النمل | تفسير بعض الآيات المشكلة في سورة النمل | سورة الأحزاب | تفسير قوله تعالى النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم | فصل في لفظ الطلاق