مجموع الفتاوى/المجلد السابع/فصل: ومما يدل من القرآن على أن الإيمان المطلق مستلزم للأعمال
فصل: ومما يدل من القرآن على أن الإيمان المطلق مستلزم للأعمال
عدلومما يدل من القرآن على أن الإيمان المطلق مستلزم للأعمال قوله تعالى: {إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ} 1، فنفى الإيمان عن غير هؤلاء، فمن كان إذا ذكر بالقرآن لا يفعل ما فرضه الله عليه من السجود لم يكن من المؤمنين، وسجود الصلوات الخمس فرض باتفاق المسلمين، وأما سجود التلاوة ففيه نزاع، وقد يحتج بهذه الآية من يوجبه، لكن ليس هذا موضع بسط هذه المسألة، فهذه الآية مثل قوله: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِالله وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ} 2، وقوله: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ الله وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ} 3، وقوله{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِالله وَرَسُولِهِ وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ} 4، ومن ذلك قوله تعالى: {عَفَا الله عَنكَ لِمَ أَذِنتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُواْ وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ لاَ يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالله وَالْيَوْمِ الآخِرِ أَن يُجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ وَالله عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ إِنَّمَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالله وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَارْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ} 5.
وهذه الآية مثل قوله {لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِالله وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ الله وَرَسُولَهُ} 6، وقوله: {وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِالله والنَّبِيِّ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاء} 7، بين سبحانه أن الإيمان له لوازم وله أضداد موجودة تستلزم ثبوت لوازمه وانتفاء أضداده ومن أضداده موادة من حاد الله ورسوله، ومن أضداده استئذانه في ترك الجهاد، ثم صرح بأن استئذانه إنما يصدر من الذين لا يؤمنون بالله واليوم الآخر، ودل قوله: {وَالله عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ} 8 على أن المتقين هم المؤمنون.
ومن هذا الباب قوله ﷺ: «لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن» وقوله: «لا يؤمن من لا يأمن جاره بَوَائِقَه» وقوله: «لا تؤمنوا حتى تحابوا» وقوله: «لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين» وقوله: «لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه من الخير ما يحب لنفسه» وقوله: «من غَشَّنَا فليس مِنَّا ومن حَمَل علينا السِّلاحَ فليس منا».
هامش
- ↑ [السجدة: 15]
- ↑ [الحجرات: 15]
- ↑ [الأنفال: 2]
- ↑ [النور: 62]
- ↑ [التوبة: 43: 45]
- ↑ [المجادلة: 22]
- ↑ [المائدة: 81]
- ↑ [التوبة: 44]