مجموع الفتاوى/المجلد السادس عشر/فصل في الأمر بتسبيح الله يقتضي أيضا تنزيهه عن كل عيب وسوء وإثبات صفات الكمال له
فصل في الأمر بتسبيح الله يقتضي أيضا تنزيهه عن كل عيب وسوء وإثبات صفات الكمال له
عدلوالأمر بتسبيحه يقتضي أيضا تنزيهه عن كل عيب وسوء وإثبات صفات الكمال له، فإن التسبيح يقتضي التنزيه والتعظيم، والتعظيم يستلزم إثبات المحامد التي يحمد عليها. فيقتضي ذلك تنزيهه، وتحميده، وتكبيره، وتوحيده.
قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، ثنا ابن نفيل الحرانd، ثنا النضر بن عربي، قال: سأل رجل ميمون بن مهران 1 عن «سبحان الله». فقال: «اسم يعظم الله به ويحاشى به من السوء».
وقال: حدثنا أبو سعيد الأَشَجّ، ثنا حفص بن غِياث، عن حجاج عن ابن أبي مُلَيْكَة، عن ابن عباس قال: سبحان، قال: تنزيه الله نفسه من السوء. وعن الضحاك عن ابن عباس في قوله: { سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا } 2، قال: عجب. وعن أبي الأشهب، عن الحسن قال: سبحان: اسم لا يستطيع الناس أن ينتحلوه.
وقد جاء عن غير واحد من السلف مثل قول ابن عباس: أنه تنزيه نفسه من السوء. وروي في ذلك حديث مرسل. وهو يقتضي تنزيه نفسه من فعل السيئات، كما يقتضي تنزيهه عن الصفات المذمومة.
ونفي النقائص يقتضي ثبوت صفات الكمال، وفيها التعظيم كما قال ميمون بن مِهْران: «اسم يعظم الله به ويحاشى به من السوء». وروى عبد بن حميد: حدثنا أبو نعيم، ثنا سفيان، عن عثمان بن عبد الله بن مَوْهَب، عن موسى بن طلحة قال: سئل النبي ﷺ عن التسبيح، فقال: «إنزاهه عن السوء». وقال: حدثنا الضحاك بن مَخْلدَ، عن شبيب عن عكرمة، عن ابن عباس: سبحان الله، قال: تنزيهه.
حدثنا كثير بن هشام، ثنا جعفر بن بُرْقان، ثنا يزيد بن الأصم قال: جاء رجل إلى ابن عباس فقال: لا إله إلا الله، نعرفها أنه لا إله غيره، والحمد لله، نعرفها أن النعم كلها منه وهو المحمود عليها، والله أكبر، نعرفها أنه لا شيء أكبر منه، فما سبحان الله؟ فقال ابن عباس: وما ينكر منها؟ هي كلمة رضيها الله لنفسه، وأمر بها ملائكته، وفزع إليها الأخيار من خلقه.
هامش
- ↑ [هو أبو أيوب ميمون بن مهران الرقى، فقيه من القضاة، كان مولى لامرأة بالكوفة وأعتقته، فنشأ فيها ثم استوطن الرقة من بلاد الجزيرة الفراتية، فكان عالم الجزيرة وسيدها، واستعمله عمر بن عبد العزيز على خراجها وقضائها، وكان ثقة في الحديث كثير العبادة، توفي عام 711ه]
- ↑ [الإسراء: 1]