مجموع الفتاوى/المجلد العشرون/سئل هل كان البخاري ومسلم والترمذي وغيرهم مجتهدين أم مقلدين
سئل هل كان البخاري ومسلم والترمذي وغيرهم مجتهدين أم مقلدين
عدلوسئل أيضا رضي الله عنه:
هل البخاري؛ ومسلم؛ وأبو داود؛ والترمذي؛ والنسائي؛ وابن ماجه؛ وأبو داود الطيالسي؛ والدارمي؛ والبزار؛ والدارقطني؛ والبيهقي؛ وابن خزيمة؛ وأبو يعلى الموصلي هل كان هؤلاء مجتهدين لم يقلدوا أحدا من الأئمة؛ أم كانوا مقلدين؟ وهل كان من هؤلاء أحد ينتسب إلى مذهب أبي حنيفة؟ وهل إذا وجد في موطأ مالك: عن يحيى بن سعيد؛ عن إبراهيم بن محمد بن الحارث التيمي؛ عن عائشة. ووجد في البخاري: حدثني معاذ بن فضالة؛ قال: حدثنا هشام عن يحيى هو ابن أبي كثير؛ عن أبي سلمة؛ عن أبي هريرة. فهل يقال أن هذا أصح من الذي في الموطأ؟ وهل إذا كان الحديث في البخاري بسند وفي الموطأ بسند فهل يقال: إن الذي في البخاري أصح؟ وإذا روينا عن رجال البخاري حديثا ولم يروه البخاري في صحيحه فهل يقال. هو مثل الذي في الصحيح؟
فأجاب:
الحمد لله رب العالمين. أما البخاري؛ وأبو داود فإمامان في الفقه من أهل الاجتهاد. وأما مسلم؛ والترمذي؛ والنسائي؛ وابن ماجه؛ وابن خزيمة؛ وأبو يعلى؛ والبزار؛ ونحوهم؛ فهم على مذهب أهل الحديث ليسوا مقلدين لواحد بعينه من العلماء ولا هم من الأئمة المجتهدين على الإطلاق بل هم يميلون إلى قول أئمة الحديث كالشافعي؛ وأحمد؛ وإسحاق وأبي عبيد؛ وأمثالهم. ومنهم من له اختصاص ببعض الأئمة كاختصاص أبي داود ونحوه بأحمد بن حنبل وهم إلى مذاهب أهل الحجاز - كمالك وأمثاله - أميل منهم إلى مذاهب أهل العراق - كأبي حنيفة والثوري -. وأما أبو داود الطيالسي فأقدم من هؤلاء كلهم من طبقة يحيى بن سعيد القطان؛ ويزيد بن هارون الواسطي؛ وعبد الله بن داود. ووكيع بن الجراح؛ وعبد الله بن إدريس؛ ومعاذ بن معاذ؛ وحفص بن غياث؛ وعبد الرحمن بن مهدي؛ وأمثال هؤلاء من طبقة شيوخ الإمام أحمد. وهؤلاء كلهم يعظمون السنة والحديث ومنهم من يميل إلى مذهب العراقيين كأبي حنيفة والثوري ونحوهما كوكيع ويحيى بن سعيد، ومنهم من يميل إلى مذهب المدنيين: مالك ونحوه كعبد الرحمن بن مهدي. وأما البيهقي فكان على مذهب الشافعي؛ منتصرا له في عامة أقواله. والدارقطني هو أيضا يميل إلى مذهب الشافعي وأئمة السند والحديث لكن ليس هو في تقليد الشافعي كالبيهقي مع أن البيهقي له اجتهاد في كثير من المسائل واجتهاد الدارقطني أقوى منه؛ فإنه كان أعلم وأفقه منه.
هامش