و حلو الدلال مليح الغضب
و حلوُ الدلالِ مليحُ الغضبْ
و حلوُ الدلالِ، مليحُ الغضبْ،
يشوبُ مواعيده بالكذبْ
قصيرُ الوفاءِ لأحبابهِ،
فهمْ من تلونهِ في تعبْ
سَقاني، وقد سُلّ سيفُ الصّبا
حِ، والليلُ من خوفه قد هرب
عقاراً، إذا ما جلتها السقا
ةُ، ألبَسَها الماءُ تاجَ الحَبب
فأصلحَ بَيني وبينَ الزّمانِ،
وأبدَلَني بالهُمومِ الطّرَب
و ما العيشُ إلاّ لمستهترٍ،
تظلُّ عواذلهُ في شغب
يَهِيمُ إلى كلّ ما يشْتَهي،
وإن رَدّهُ العَذلُ لم يَنجذِب
ويَسخو بما قدْ حَوتْ كفُّه،
و لا يتبعُ المنَّ ما قدْ وهب
فكم فضّةٍ فضّها في سرورِ
يومٍ، وكم ذهبٍ قد ذهب
ولا صِيدَ إلاّ بِوَثّابَةٍ
تَطِيرُ عَلى أربَعٍ كالعَذَب
وإن أطلقَتْ مِن قِلاداتِها،
وطارَ الغبارُ وجدّ الطّلَب
فَزَوْبَعَةٌ من بناتِ الرّياحِ
تريكَ على الأرضِ شداً عجب
تَضُمُّ الطُّريدَ إلى نَحرِها،
كضَمّ المحِبّ لمَن قد أحبّ
ألا ربّ يومٍ لها لا يذمُّ،
أراقَت دماً، وأغابَت سَغَب
لها مجلِسٌ في مَكانِ الرّديفِ،
كتركيةٍ قدْ سبتها العرب
ومُقلتُها سائِلٌ كُحلُها،
و قد جليتْ سبجاً من ذهب
فظلتْ لحومُ ظباءِ الفلاةِ
على الجَمرِ مُعجَلةً تُنتَهب
و طافتْ سقاتهمُ يمزجون
بماءِ الغَديرِ بناتِ العِنَب
و حثوا الندامى بمشمولةٍ،
إذا شاربٌ عبّ فيها قطَب
فراحُوا نَشاوَى بأيدي المُدامِ،
وقد نَشطوا عن عِقالِ التّعَب
إلى مجلسٍ أرضه نرجسٌ،
وأوتارُ عِيدانِه تَصطخِبْ
و حيطانه خراطُ كافورةٍ،
وأعلاه من ذَهَبٍ يَلتهِب
فيا حسنه، يا إمامَ الهدى،
و خيرَ الخلائفِ نفساً واب
غذا ما تربعَ فوقَ السريرِ،
و بالتاجِ مفرقهُ معتصب
له راحةٌ، يا لها راحةً،
ترَى جدّ نائِلِها كاللّعِب
و أهيبَ ما كان عندَ الرضى،
و ارحمَ ما كان عندَ الغضب
وكم قد عَفا وأقرّ الحياةَ
في آيسٍ قلبه يضطرب
على طرف العيسِ قد حدقت
إليه المنايا، وكادَت تَثِب
وما زالَ مُذْ كان في مَهدِهِ،
ملياً خليقاً بأعلى الرتب
كأنّا نَرَى الغيبَ في أمْرِهِ،
بأعينِ ظنًّ لنا لم تخب
ونَسترزِقُ الله تمليكَه،
ونَستعجِلُ الدّهرَ فيما نُحِب
ويَبدو لنا في المَنامِ الخَيالُ
بما نَشتهِيهِ، فتُنفَى الكُرَب
بشارةُ ربٍّ لنا بُلّغَت،
وكانَت لتَعجِيلِ شُكرٍ سَبب
إلى أن دعتهُ إلى بيعةٍ،
فكم عتقِ رقًّ، ونذرٍ وجب
وَرِثتَ الخلافةَ عن والدٍ،
فأحرزتَ ميراثهُ عن كثب
ولم تَحوِها دونَ مُستوجِبٍ،
و لا صادها لكَ سهمُ عزب
فلا زِلتَ تَبقَى وتُوقى لنَا،
خطوبَ الزمانِ، وصرفَ النوب