1 أغسطس 1970 - بيان منظمة فلسطين العربية، والهيئة العاملة لتحرير فلسطين، حول موقفهما من قبول الجمهورية العربية المتحدة بمشروع روجرز

بيان منظمة فلسطين العربية، والهيئة العاملة لتحرير فلسطين، حول موقفهما من قبول الجمهورية العربية المتحدة بمشروع روجرز، عمان، 1 أغسطس 1970.

إن رفض الأمة العربية للحلول السلمية طيلة السنوات الثلاثة الماضية على أساسين رئيسيين:

أ - الرفض الجماهيري الذي رفعت لواءه حركة المقاومة بمجموع فصائلها باعتبارها قائدة الجماهير وطليعتها الثورية.

ب - الرفض العملي المسلح الذي جسدته الجيوش العربية الثورية وعلى رأسها جيش الجمهورية العربية المتحدة الذي كان القاعدة الأساسية التي استند إليها الرفض الجماهيري وشكل قوة الردع العملية التي أفشلت مخطط العدو الإسرائيلي لضرب الصمود العربي والقضاء على المقاومة.

كان بناء القوات النظامية الثورية، وخاصة قوات الجمهورية العربية المتحدة، العامل الحاسم في معركة الصمود العربية التي خاضتها الأمة العربية وفي طليعتها حركة المقاومة منذ معركة حزيران (يونيو) حتى الآن. وكان لا بد للأنظمة الثورية المعنية لتحقيق معجزة بناء جيوشها التي دمرت في حزيران (يونيو) من توفير شرطين أساسيين، الجو السياسي الدولي المناسب للحصول على الأسلحة الضرورية من مصادرها، والوقت اللازم لإعادة بناء الجيش عددا وعدة وعدادا بمأمن من التدخلات المضادة.

ولم تكن حركة المقاومة بطبيعة تكوينها بحاجة إلى هذه العوامل، الأمر الذي جعل من التحرك السياسي سلاحا أساسيا ومشروعا وفعالا من أسلحة الإعداد العسكري والصمود لبعض الدول العربية الثورية وأسقطه من حساب حركة المقاومة.

تحملت الجمهورية العربية المتحدة وما زالت تتحمل العبء الأكبر في معركة الصمود القومية، وارتقى ما حققته قيادتها السياسية في السنين الثلاثة الماضية إلى مستوى المعجزة التاريخية.

وقد بنت جيشا عصريا قوامه 650 ألف مقاتل وجهزته بأحدث الأسلحة والمعدات الحديثة.

وزادت ميزانية قواتها المسلحة من 130 مليون جنيه سنة 1967 إلى 566 مليون جنيه سنة 1970، وأعطت احتياجات هذه القوات الأولوية في كل شيء.

وضحت بكل ما بنته من مصانع ومؤسسات اقتصادية في منطقة القنال ثمنا للصمود.

وانفردت بين الدول العربية بإلغاء قرار وقف إطلاق النار الصادر من الأمم المتحدة في 9/ 6/ 1970.

وأعلنت حرب الاستنزاف دافعة قواتها المسلحة لاشتباكات يومية متصاعدة مع قوات العدو رغم تفوقها الجوي مكبدة إياه الخسائر الفادحة، متقبلة في الوقت نفسه ردود فعله التي تتجسد في مئات الأطنان من القنابل التي تنهال يوميا على مصانعها ومدارسها ومدنها.

بهذا كله وفرت الجمهورية العربية الحماية الحقيقية لرفض الجماهير العربية لمشاريع الاستسلام والتصفية، وبهذا أيضًا سجلت رفضها العملي للحلول السلمية.

رفضتها من خنادقها ومتاريسها، ومن فوق أنقاض مصانعها ومدارسها، وعلى أشلاء شهدائها، ولم ترفضها من فوق المنابر وفي الصالات الأنيقة وعلى صفحات الجرائد والصحف.

رفضتها رفضا يجسد شرف المناضلين وأخلاقهم وإحساسهم بالمسؤولية، ولم ترفضها رفض الانتهازيين والمزايدين وأصحاب الشعارات البراقة.

رفضتها عملا وهي تعلن القبول، بينما كان تجار السياسة القابعون بعيدًا عن أرض المعركة يتبجحون برفضهم لها.

وبالرغم من هذه الإنجازات الثورية المذهلة التي انفردت بها الجمهورية العربية المتحدة، وبالرغم من توفر القناعة لدى الجماهير العربية بأن الجمهورية العربية المتحدة تلجأ إلى التحرك الديبلوماسي البارع كسلاح بعيد المدى بغض النظر عن غموض الرؤية الآنية لأهدافه، فضلا عن تحركها العسكري - وهو الأمر الذي اتضح بجلاء في قبولها لقرار مجلس الأمن قبل ثلاث سنوات والذي ما زال حبرا على ورق - فإن البعض من فصائل الثورة المخلصة بدوافع لا نشك في صدق نواياها، وكل القوى المضادة للثورة بدوافع العداء للثورة والرغبة في القضاء عليها، فسرت التحرك الديبلوماسي الأخير للجمهورية العربية المتحدة بأنه تمهيد للحل السلمي، فشنت حملات عدائية لأسباب مختلفة للتشكيك في مواقف الجمهورية العربية واتهامها بالتآمر على الثورة وعلى شعب فلسطين.

كما يجب أن تعي أن التسرع في إصدار الأحكام قبل انجلاء المواقف واتضاحها على حقيقتها وتحميل المناورات التكتيكية أبعادا استراتيجية هو أمر لا يخدم مصلحة الثورة، كما أن عليها أن تعي أيضًا أن القبول اللفظي للمبادرة الأميركية من جانب واحد لا يعني بأي حال من الأحوال تنفيذ الحل السلمي الذي يبقى تنفيذه في التحليل الأخير مرهونا بإرادة الجماهير العربية المناضلة وفوهات بنادقها، كما أن عليها أن تعي أخيرا خطورة وقوفها مع قوى الرجعية المضادة للثورة في خندق واحد.

إن منظمة فلسطين العربية والهيئة العاملة لتحرير فلسطين، وهما تؤكدان رفضهما لقرار مجلس الأمن ومشروع روجرز، تؤكدان رفضهما أيضًا لتحويل الثورة الفلسطينية إلى سلاح للمزايدات السياسية وتجارة المكاسب الصغيرة.

كما أن المنظمتين ترفضان رفضا قاطعا أن تستغل الثورة الفلسطينية للتهجم على الجمهورية العربية المتحدة وهي قلعة الصمود في معركة التحرير العربية أو التهجم على الاتحاد السوفييتي الصديق الوفي لأمتنا العربية تنفيذا لمخططات لا علاقة لها بالثورة.