أ«عَاتِكَ» بَعْضُ الْوُدِّ مُرٌّ مُمَزَّج

​أ«عَاتِكَ» بَعْضُ الْوُدِّ مُرٌّ مُمَزَّج​ المؤلف بشار بن برد


أ«عَاتِكَ» بَعْضُ الْوُدِّ مُرٌّ مُمَزَّج
وَلَيْسَ مِنَ أقْوَالِ الْخَلِيفَةِ أعْوَجُ
لَهُ حِينَ يَنْأى مُذْكرٌ مِنْ سَمَاحَةٍ
يَعُودُ بِهِ طَلْقاً وَلاَ يَتَلَجْلَجُ
أ«عَاتِكَ» ظُنِّي بِالْخَلِيفَةِ هِمَّةً
وَقُولِي: كَرِيمٌ مَاجِدٌ يَتَحَرَّجُ
يفيء إلى حلمٍ ويصدق نجدةً
وتنساب منه الحية المتمعج
وفي القوم ميلاعٌ وليس بنافعٍ
يضج كما ضج القعود المحدج
لَبِسْتُ الْغِنَى طَوْراً وأحْوَجْت تَارَةً
ومن ذا من الأحرار لا يتحوج
وَلَمَّا رَأيْتُ النَّاسَ تَهْوِي قُلُوبُهُمْ
إِلَى مَلِكٍ يُجْبَى إِلَيْهِ الشَّمَرَّجُ
عرضت إلى وجه الحبيب وراعني
غزال عليه زعفران مضرج
وَنَازَعَنِي شَوْقِي إِلَى مِلِك قَدْى
وداع إلى "المهدي" لا يتلجلج
فوالله ما أدري:أأجلس قانعاً
إلى المصر أم ألقى الإمام فأفلج
وإني لميلاعٌ مراراً وربما
تَصَدَّعَ عَنِّي الْمَجْلِسُ الْمُتَوَشِّجُ
أقول وقد دفت إلي عصابةٌ
مِنَ الْقَوْم مِنْهَا حَاسِرٌ وَمُدَجَّجُ
أ"واقدُ" ذب القوم عني بزجرةٍ
وهات نصيحاً لا يطيب الملهوج
ولا تبك من خيس بباب خليفةٍ
يذل عليه القسوري الخمرنج
يطيعك في التقوى ويعطيك في الندى
وَلاَ تَلْقَهُ إِلاَّ وَلِلْجُودِ أمْعَجُ
أرقت إلى بطن الخرين ورغبتي
إِلَى مَلِكٍ يَجْلُو الدَّجَى حِينَ يَخْرُجُ
مِنَ الصِّيدِ مَكْتُوبٌ عَلَى حُرِّ وَجْهِهِ:
جواد قريشٍ هاشمي متوج
يصب دماء الراغبين عن الهدى
كما صب ماء الظبية المترجرج
ولا بد أني راحلٌ للقائه
فَقَدْ بشَّرَتْ بِالنُّجْحِ عَيْنٌ تَخَلَّجُ
لَقَدْ سَرَّنِي فَأل جَرَى مِنْ مُوَفَّقٍ
وتأويل ما قال الغراب المشحج
فَهَيَّجْتُ مِرْقَالَ الْعَشِيِّ شِمِلَّةً
تزفُّ كما زف الهجف السفنج
تلوح لغامات النجاء بوجهها
كما لاح بيت العنكبوت المنسج
تعز عن الحوراء إن مقامنا
عَلَيْهَا وَتَرْكَ الْمُلْكِ رَأيٌ مُزَلَّجُ
سَألْقَى أمِيرَ الْمؤْمِنِينَ لِحَاجَتِي
وَإِنْ عُطَّ فِي حَجْرِ الْفَتَاةِ الْخَدَلَّجُ
فَتَى الدِّينِ قَوَّاماً بِهِ وَفَتَى النَّدَى
وَنِعْمَ لِزَازُ الْحَرْبِ حِينَ تَبَرَّجُ
لقد زين الإسلام ملك محمدٍ
وَفِي الْحَرْبِ لِلأعْدَاء نَارٌ تَأجُّجُ
إِمَامَ الْهُدَى أمْسَكْتَ بَعْدَ كَرَامَتِي
وقد كنت تعطيني ووجهك أبلج
إمَامَ الْهُدَى صَغْوِي إِلَيْكَ وَحَاجَتِي
ولي حشمٌ أصغى إليك وأحوج
فلو كان حرماني يزيدك نعمةً
ثلجْتُ بِهِ، إِنِّي بِمَا نِلْتَ أثْلَجُ
لَعَمْري لَقَدْ أشْمَتَّ بِي غَيْرَ نَائِم
فَنَامَ وَهَمِّي سَاهِرٌ يَتَوَهَّجُ
أخاف انقطاع الدر بعد ابتزازه
وتبليغ من يسدي الحديث وينسج
وقدْ تُبْتُ فاقْبلْ توْبتي يابْن هاشِم
فإن الذي بيني وبينك مدمج
وما لك لا ترجى وأنت خليفةٌ
تحج كما حج الدوار المدلج
وإن سر حسادي فسيبك واسعُ
على الناس لا يسطيعه المتفجفج
فدونك فامسكها أو اعط فإنها
زواريق من كفيك للناس تخرج
فُضُولُ فَتًى أسْخَى يَداً فِي سَبِيلِهَا
ففاضت عباباً أو حواريَّ ينسج
ستحمد ما يأتي إذا بلغ المدى
وضمَّكَ فِي الْفِرْدوْسِ ظِلٌّ وسجْسجُ
صنيع امرئٍ أعطاه رب محبةً
وللخير صناع وللبر منهج
تجيء مواعيد الكرام سويةً
وتنضى مواعيد اللئام فتخدج
ولي حاجةٌ لا تدريها بحجةٍ
إِلَى ملِكٍ يجْلُو الدُّجى حِين يخْرُجُ