أأبكتك المعاهد والمغاني
أأبكتْكَ المعاهدُ والمغاني
أأبكتْكَ المعاهدُ والمغاني
كدأبك قبلُهنَّ من الغواني
وقفتُ بهن فاستمطرتُ بيني
غياثاُ والتذكُّرُ قد شجاني
فجاد سحابُها تَمْريه ريحٌ
من الزفرات تلحَى من لحاني
أجلتُ بها جُماناً من دموعي
لذكري غير جائلة الجمان
وما إن زلتُ أنعي الصبرَ مِنِّي
إلى ذي خُلَّتي حتى نُعاني
ولم تر مثلَ دمع مستغاث
ولا كزفير صدرٍ مستعانِ
مُعيناً مُغرمٍ إذْ لا معينٌ
نصيرا مُسْلمٍ متظاهران
أعاناني على البُرَحاء لمَّا
أعان عليَّ ثَم العاذلان
عدِمتهما لقد خذلا وضنَّا
هناك برعيتي عمَّن رعاني
ألا أسقي دموعي دارَ ظَبْي
لو اسْتَسْقَيْتُ رِيقتَه سقاني
بِلَى لاسيّما وبيَ اشتفاء
بسحِّي عَبْرَتِي مِمَّا عراني
قَضى حقَّيْنِ في حَقٌ عميدٌ
بكى شجوَ الأحبَّة والمغاني
وداوى قلبَهُ من داء وشَوْق
عراه ففيم لامَ اللائمان
ولكن لا ارتجاعَ لما تقضَّى
فما استشعارُ باقٍ ذِكرَ فاني
وفي هذا الأوان وفي نُهاهُ
شواغلُ عن صِبَى ذاك الأوان
برئتُ من الصبابةِ والتَّصابي
إلى الغزلان والنفرِ الرواني
وزاريةٍ عليَّ بأن رأتني
من الهزلى حقيراً في السِّمان
صَبرَتُ لها وقلتُ مقال حُرٍّ
إليكِ فإنَّني باللَّه غاني
وليستْ خِسَّةُ الأجفانِ مِمَّا
يُخَسِّ قيمةَ النَّصْلِ اليماني
وليْسَتْ إنْ نظرتِ بزائداتٍ
حُلى الأغماد في السَّيْفِ الددانِ
فمن يكُ سائلاً ما وجهُ فَخْرِي
فإني فاخِرٌ أدبي زَهاني
ونحنُ معاشرَ الشُّعَراءِ نَنْمي
إلى نسب من الكُتاب داني
وإن كانوا أحقَّ بكلِّ فَضْلٍ
وأبلغَ باللسان وبالبنان
أبُونا عندَ نِسْبتنَا أبوهم
عطاردٌ السماويُّ المكان
أديبٌ لم يلِدْ إلاّ أديباً
ذكيّ القلبِ مشحوذَ اللسان
مليئاً إن توسّم بالمعاني
وفيَّا إنْ تَكَلَّمَ بالبيان
أإخوتَنا من الكتابِ رِقُّوا
عليْنَا من مُغالطةِ الزَّمان
فإنْ لم تفعلوا وجفوْتمونا
على إثرائِكم فيمن جفاني
فإنَّ أبا الحسين أخا المعالي
طَبيبٌ إنْ تَفَرَّد بي شفاني
طبيبٌ كم شفاني من سَقامٍ
وما جدحَ الدواءَ ولا رقاني
فهلْ يُرْضيهِ شكرٌ أعجزتْهُ
يداه فما له بهما يدان
نعَمْ إنَّ الفتَى سمحٌ تمامٌ
وفي السَّمَحاءِ منقوصُ المعاني
يجودُ أبو الحسين ولا يعاني
منافَسةَ الجِراء كما نُعاني
غدا عن كلِّ مَحْمدةٍ سَخِيّاً
وليس بها عليه من هوان
ولكنْ همَّةٌ رَفَعَتْهُ حتى
سمتْ قدماه فوق الفرقدان
وتخفيفٌ عن الإخوان منه
وإنْ هم ثقَّلوا في كل آنِ
ولم تر طالباً للحمد أحْظَى
به من طالبٍ فيه تواني
إذا نامَ الجوادُ عن التقاضي
أتاه الحمدُ يركض غيرَ واني
أعدِّدُ لابن أحمد بن يحيى
مكارمَ غير خاشعة المباني
فتىً ضَمنَ الصيانة وهي سُؤْلي
فكان ضمانه أملَى ضمان
وآمَننِي تلونَ حالتيْهِ
فكان أمانه أوفى أمان
بل انتقدَ الحياةَ من المنايا
بجودٍ كالجلادِ وكالطعان
قسطْتُ على الزَّمانِ به فأضحى
وقد أعفَى بحقِّي واتَّقاني
فتَى الكتاب نُبْلاً واضطلاعاً
وصدقَ أمانةٍ وعلوَّ شان
شكرتُ له نداه وإن أراني
نداه تخلُّفي فيما أراني
أنالَ وقلتُ يُعطيني وأثنَى
فما جاريتُهُ حتى شآني
أبرَّ عليَّ إبرارَ المُعادي
وليُّ منه بَرَّ فما اتَّلاني
فلولا أنَّه رجلٌ كريمٌ
لقلتُهناك ممدوحي هجاني
ولولا أنني رجلٌ سليمٌ
لقابلتُ الصنيعةَ باضْطغان
ولو سَخِطَ امرؤ يُولي جميلاً
سَخِطَت وحُقَّ لي ممَّا اعتلاني
وما سَخَطِي على من جاءَ يَجرِي
إليَّ وغبطتي فَرَسيْ رِهان
وما حسدي امرءاً ما زال يُغْرِي
بي الحُسَّادَ وهْوَ علَيَّ حاني
حلفتُ لقد غدا في النَّاسِ فرداً
فليتَ اللَّهَ يُؤْنسُه بثاني
وليتَ اللَّه يغفِرُ لي اشتطاطي
فقد جاز اشتطاط ذوي الأماني
محمد يابنَ أحمدَ يابن يحيى
أخا الآلاءِ والنَّعمِ الحسان
أما لقد ارتَهنْتَ الدهرَ شكري
بعرفكَ غيرَ معتمدِ ارتهان
كما اسْتعبدْتَني وملكت رِقِّي
بلطفك غيرَ معتمد امتهان
وما الرجُل الطليقُ الحُرُّ إلاَّ
أسيرٌ في يدَيْ نعماك عاني
ولا الرجلُ الأسيرُ العَبْدُ إلاَّ
طليقٌ من يدٍ لك وامتنان
بقيتَ بقاءَ ما تبني فإني
أراهُ بقاءَ يذبِلُ أو أَبان