أبا العلاء ألا تدلى بأخبار
أبا العلاء ألا تدلى بأخبار
أبا العلاء ألا تدلى بأخبار
وأنت في عالم مجهول أسرار
ما قلت في القبر إذ جاء الملائك هل
أقنعتهم بروايات وأشعار
أم ذاك منك خيال في الحياة وكم
حيرتنا بخيال فيك جبار
ما كنت ترهب في دنياك من أحد
هلا تمردت في الأخرى على الباري
وجئتنا رغم أنف الموت تتحفنا
برحلة لك في الفردوس والنار
فيها الحقائق لا نسج الخيال ولا
تنميق راو ولا تعزيم سحار
وقيل لا يكذب الرواد أهلهم
خبر فما جال عباد وفجار
إنا لفي حيرة من أمر عالمكم
ونحن في عالم من أصل فخار
أبا العلاء وأنت اليوم منتسب
لعالم طاهر من كيد أشرار
ما كنت تصنع لو شاهدت عالمنا
والناس للحرب أغنام لجزار
هل تشترى صحف الأخبار تعلن عن
قتل الألوف وعن تدمير أمصار
أم كنت تدعو على كل العباد بما
دعا الإله به نوح باصرار
أم كنت تقبع كالمعتاد مبتعدا
عن سائر الناس في ركن من الدار
لا شك عندك سكنى الغاب أفضل من
سكني بلاد بها الإنسان كالضاري
فالوحش ارحم في ذا العصر من بشر
هم الوحوش بدوا في زي أبرار
أبا العلاء ونحن اليوم في زمن
فيه الحقيقة لم تظفر بأنصار
زعمت أنك رهن المحبسين وقد
كنت الطليق فلم تخضع لتيار
دافعت مستنكرا عن راحة سرقت
ما بالها قطعت في ربع دينار
فمن يدافع عن نفس تساق إلى
موت بلا جنحة تقضى ولا ثار
إن كنت سرحت برغوثا ظفرت به
وقد تعود يؤذي جسمك العاري
فعندنا العطف من ضعف وغايتنا
قتل الأباة أو استعباد أحرار
وعلمنا اليوم لو تدري فضائله
عمت جميع الورى لكن بأضرار
لقد تفنن في حصد النفوس وفي
هدم الديار وفي إخضاع أقطار
وجارنا باختراعات تدمر أر
كان الحضارة بالفولاذ والنار
للجهل أفضل من علم نتائجه
سفك الدماء وظلم الجار للجار
أبا العلاء تأمل حال عالمنا
واذكر زمانك لا تظلم بإكبار
عزريل في عصرنا بارت تجارته
فكل مخترع عزريل أعمار
وندعى بعد هذا أننا بشر
وللضمائر فينا حكمها الساري
تضخم العقل في الإنسان وانعكست
آثاره فأتى بالشر والعار
فلنرجع القهقري أو فلنكن بشرا
نسعى إلى الخير ما دمنا بذي الدار