أبت آيات حبى أن تبينا
أبتْ آياتُ حبّى أنْ تبينا
أبتْ آياتُ حبّى أنْ تبينا
لنا خبرًا فأبكينَ الحزينا
وكيفَ سؤالنا عرصاتِ ربعٍ
تُرِكْنَ بِقَفْرَةٍ حَتَّى بَلِينا
وأحجارًا منَ الصّوّانِ سفعًا
بهنَّ بقيّةٌ ممّا صلينا
عَرَفْنَاهَا مَنَازِلَ آلِ حُبَّى
فَلَمْ نَمْلِكْ مِنَ الطَّرَبِ الْعُيُونا
تراوحها رواعدُ كلِّ هيجٍ
وأرواحٌ أطلنَ بها حنينا
بدارةِ مكمنٍ ساقتْ إليها
رياحُ الصّيفِ أرآمًا وعينا
حَفَرْنَ عُرُوقَهَا حَتَّى أجَنَّتْ
مقاتلها وأضحينَ القرونا
كناسُ تنوفةٍ ظلّتْ إليهِ
هجانُ الوحشِ حارنةً حرونا
يَقِلْنَ بِعَاسِمَيْنِ وَذَاتِ رُمْحٍ
إذَا حَانَ الْمَقِيلُ وَيَرْتَعِينا
كأنَّ بكلِّ رابيةٍ وهجلٍ
منَ الكتّانِ أبلاقًا بنينا
وَنَارِ وَدِيقَةِ فِي يَوْمِ هَيْجٍ
مِنَ الشِّعْرَى نَصَبْتُ لَهَا الْجَبِينَا
إذا معزاءُ هاجرةٍ أرنّتْ
جَنادِبُهَا وَكَان الْعِيسُ جُونا
وعاريةِ المحاسرِ أمِّ وحشٍ
تَرَى قِطَعَ السَّمَامِ بِهَا عِزِينا
نصبتُ بها روائيَ فوقَ شعثٍ
بموماةٍ يظنّونَ الظّنونا
إلى أقتادِ راحلتي فظلّتْ
تُنَازِعُهُ الأعَاصِيرُ الْوَضِينا
ونحنُ لدى دفوفِ مغوّراتٍ
نقيسُ على الحصى نطفًا بقينا
قليلاً ثمَّ طرنا فوقَ خوصٍ
يلاعبنَ الأزمّةَ والبرينا
مُضَبَّرَةٍ مَرَافِقُهُنَّ فُتْلٌ
نَوَاعِبَ بِالرُّؤُوسِ إذَا حُدِينا
إذا الحاجاتُ كنَّ وراءَ خمسٍ
مِنَ الْمَوْمَاةِ كُنَّ بِهَا سَفِينا
وَمَاءٍ تُصْبِحُ الفَضَلاَتُ مِنْهُ
كخمرِ براقَ قدْ فرطَ الأجونا
وردتْ مديّهُ فطردتُ عنهُ
سَوَاكِنَ قَدْ تَمَكَّنَّ الْحُضُونا
بصفنةِ راكبٍ وموصّلاتٍ
جَمَعْتُ الرَّثَّ مِنْهَا والْمَتِينا
وَمَصْنَعَةٍ هُنَيْدَ أَعَنْتُ فِيهَا
على لذّاتها الثّملَ المنينا
وَنَازَعَنِي بِهَا نَدْمَانُ صِدْقٍ
شِوَاءَ الطَّيْر والْعِنَبَ الْحَقِينا
وطنبورٍ أجشَّ وريحِ ضغثٍ
مِنَ الرَّيْحَانِ يَتَّبِعُ الشُّؤُونا
وَعَيْشٍ صَالِحٍ قَدْ عِشْتُ فِيهِ
لَوَ أَنَّ عِمَادَ ظُلَّتِهِ يَقِينا
وأظعانٍ طلبتُ بذاتِ لوثٍ
يَزِيدُ رَسِيمُهَا سَرَعاً وَلِينا
منَ العيديِّ تحملني ورحلي
وتحملها ملاطسُ ما يقينا
إذَا خَفَقَتْ مَشَافِرُهَا وَظَلَّتْ
بسيرتها مصانعةً ذقونا
عقيلةُ أينقَ أغدو عليها
إذَا حَاجاتُ قَوْمٍ يَعْتَرِينا
ألاَ يا لَيْتَ رَاحِلَتِي بِخَبْتٍ
ميمّمةً أميرَ المؤمنينا
وإنْ دميتْ مناسمها وألقتْ
بموماةٍ على عجلٍ جنينا
تَشُقُّ الْطَّيْرُ ثَوْبَ الْمَاءِ عَنْهُ
بعيدَ حياتهِ إلاّ الوتينا
وَهِزَّةِ نِسْوَةٍ مِنْ حَيٍّ صِدْقٍ
يُزَجِّجْنَ الْحَوَاجِبَ والْعُيُونا
طَلَبْتُ وَقَدْ تَوَاهَقَتِ الْمَطَايا
بيعملةٍ تبذُّ السّابقينا
وحثَّ الحاديانِ بأمِّ لهوٍ
ظَعَائِنَ في الْخَلِيطِ الرَّافِعِينا
أَنَخْنَ جِمَالَهُنَّ بِذاتِ غِسْلٍ
سَرَاةَ الْيَوْمِ يَمْهَدْنَ الْكُدُونا
بِرَوْضٍ عازِبٍ سَرَّحْنَ فِيهِ
سوامًا وانتظرنَ بهِ الظّعونا
وما مالَ النّهارُ وهنَّ فيها
يخدّرنَ الدّمقسَ ويحتوينا
فَرُحْنَ عَشِيَّةً كَبَنَاتِ مَخْرٍ
عَلَى الْغُبُطَاتِ يَمْلأَنَ الْعُيُونا
دعونَ قلوبنا بأثيفياتٍ
فَألْحَقْنَا قَلاَئِصَ يَغْتَلِينا
بِغَيْطَلَةٍ إذَا الْتَفَّتْ عَلَيْنَا
نَشَدْنَاهَا الْمَوَاعِدَ والدُّيُونا
عطفنَ لها السّوالفَ منْ بعيدٍ
فَقُلْتُ عُيُونَ آرَامٍ كُسِينا
أولائكَ نسوةٌ في إرثِ مجدٍ
كرائمُ يصطفينَ ويصطفينا
مُدِلاَّتٌ يَسِرْنَ بِكُلِّ ثَغْرٍ
إذَا أُرِّقْنَ مِنْ فَزَعٍ حُمِينا
لَهُنَّ فَوَارِسٌ لَيْسُوا بِمِيلٍ
ولا كشفٍ إذا قلنَ: امنعونا
ظَعَائِنُ مِنْ كِرَامِ بَنِي نُمَيْرٍ
خَلَطْنَ بِمِيسَمٍ حَسَباً وَدِينا
تَفَرَّعْنَ النُّصُورَ وَحَيَّ مَعْنٍ
وسادةَ عامرٍ حتّى رضينا
وَسَبْقٍ تَعْظُمُ الأَخْطَارُ فِيهِ
وَيَحْسِرُ جَرْيُهُ الْبَطَلَ الْبَطِينا
شهدناهُ بفتيانٍ كرامٍ
فَلَمْ نَبْرَحْ بِهِ حَتَّى عُلِينا
تَبَادَرْنَا إسَاءَتَهُ فَجِئْنا
منَ الأفواجِ نلتهمُ المئينا
وَمُعْتَرَكٍ تُشَقُّ الْبَيْضُ فِيهِ
كشقِّ الجارزِ القمعَ السّمينا
لنا جببٌ وأرماحٌ طوالٌ
بهنَّ نمارسُ الحربَ الشّطونا
وَأفْرَاسٍ إذَا نَلْقَى عَدُوّاً
بِمَلْحَمَةٍ عُرِفْنَ إذَا رُبِينا
وردنَ المجدَ قبلَ بني نزارٍ
فما شربوا بهِ حتّى روينا
وَجَدْنَا عَامِراً أشْرَافَ قَيْسٍ
فكنّا الصّلبَ منها والوتينا
ذُؤَابَتُنَا ذُؤَابَتُهَا وَكَانَتْ
قَناةَ لِوَائِهَا الْمَتْبُوعِ فِينا
وَمَنْ يَفْخَرْ بِمَكْرُمَةٍ فَإنَّا
سبقناها لأيدي العالمينا
عَصَا كَرَم وَرَثْنَاهَا أبَانَا
ونورثها إذا متنا بنينا
وَإنْ وُزِنَ الْحَصَى فَوَزَنْتُ قَوْمِي
وجدتُ حصى ضريبتهمْ رزينا
وَمَنْ يَحْفِرْ أَرَاكَتَنَا يَجِدْهَا
أرَاكَةَ هَضْبَةٍ ثَقَبَتْ شُؤُونا
ونحنُ الحابسونَ إذا عزمنا
ونحنُ المقدمونَ إذا لقينا
ونحنُ المانعونَ إذا أردنا
ونحنُ النّازلونَ بحيثُ شينا
إذا ندبتْ روايا الثّقلِ يومًا
كَفَيْنَا الْمُضْلِعَاتِ لِمَنْ يَلِينا
إذا ماقيلَ أينَ حماةُ ثغرٍ
فنحنُ بدعوةِ الدّاعي عنينا
وتلقى جارنا يثني علينا
إذا ما حان يومٌ أنْ يبينا
هُمُ فَخَرُوا بِخَيْلِهِمُ فَقُلْنَا
بغيرِ الخيلِ تغلبُ أوعدينا
لنا آثارهنَّ على معدِّ
وخيرُ فوارسٍ للخيرِ فينا
وعلّمنا سياستهنَّ إنّا
ورثنا آلَ أعوجَ عنْ أبينا
مُقَرِّبَةً إذَا خَوَتِ الثُّرَيَّا
جَعَلْنَا رِزْقَهُنَّ مَعَ الْبَنِينا
وَكُنَّ إذَا أبَرْنَ دِيَارَ قَوْمٍ
عطفناها لقومٍ آخرينا
كأنَّ شوادخَ الغرّاتِ منهمْ
بوازي يصطفقنَ ويلتقينا
أصابتْ حربنا جشمَ بنَ بكرٍ
فَأَصْبَحَ بَيْتُ عِزِّهِمُ عِزِينا
ألمْ نتركْ نساءهمُ جميعًا
بِأَقْبَالِ الْهِضَابِ مُسَنَّدِينا
بَدَأْنَا ثُمَّ عُدْنَا فَاصْطَلَمْنَا
شراذمَ من أنوفكمُ بقينا
قتلناكمْ ببلدةِ كلِّ أرضٍ
وكنّا في الحروبِ مجرّبينا
بأسيافٍ لنا متوارثاتٍ
كشهبانٍ بأيدي مصلتينا
إذا خالطنَ هامةَ تغلبيٍّ
فلقنَ الرّأسَ منهُ والجبينا
ألمْ نتركْ نساءَ بني زهيرٍ
على الآسي يحلّقنَ القرونا
تَمَنَّيْتَ الْمُنَى فَكَذَبْتَ فِيهَا
وَرَوَّيْتَ الرِّمَاحَ وَمَا رَوِينا
وَمَا تَرَكَتْ رِمَاحُ بَنِي سُلَيْمٍ
لفحلٍ في حواصنهمْ جنينا
وَإنَّ بَنَاتِ حَلاَّبٍ وَجَدْنَا
فوارسهنَّ في الهيجا قيونا
وهمْ تركوا على أكنافِ لبنى
نِسَاءَهُمُ لَنَا لَمَّا لَقُونا
إذَا مَا حَارَبَتْكَ بُطُونُ قَيْسٍ
حسبتَ النّاسَ حربًا أجمعينا
عليكَ البحرُ حيثُ نفيتَ إنّا
منعناكَ السّهولةَ والحزونا
ثناءٌ تشرقُ الأحسابُ منهُ
بهِ نتودّعُ الحسبَ المصونا
فَلَمْ نَشْعُرْ بِضَوْءِ الصُّبْحِ حَتَّى
سَمِعْنَا فِي مَسَاجِدَنَا الأَذِينا
يَقُدْنَ وَلاَ يُقَدْنَ لِكُلِّ غَيْثٍ
وفي رأسٍ يسرنَ وينتوينا
وَنَحْنُ ذَوُو الأنَاةِ وإنْ أُصِبْنَا
بمظلمةٍ حسبتَ بنا جنونا