أبت الوصال مخافة الرقباء
أبتِ الوِصالَ مَخافَة الرّقباءِ
أبتِ الوِصالَ مَخافَة الرّقباءِ،
وأتَتكَ تحتَ مَدارعِ الظّلماءِ
أصفَتكَ مِن بَعدِ الصّدودِ مَودّةً،
وكذا الدواءُ يكونُ بعدَ الداءِ
أحيَتْ بزَورَتِها النّفوسَ، وطالمَا
ضَنّتْ بها، فقَضَتْ على الأحياءِ
أتتْ بليلٍ، والنجومُ كأنها
دُرَرٌ بباطِنِ خَيمَة زَرقاءِ
أمستْ تعاطيني المدامَ، وبيننا
عَتبٌ غَنِيتُ بهِ عنِ الصّهباءِ
أبكي، وأشكو ما لَقيتُ، فتَلتَهي
عن درّ ألفاظي بدرّ بكاءِ
آبَتْ إلى جَسَدي لتَنظُرَ ما انتَهتْ
من بعدها فيهِ يدُ البرحاءِ
ألفَتْ بهِ وقعَ الصّفاحِ، فراعَها
جزعاً، وما نظرتْ جراحَ حشائي
أمصيبَةً منّا بنَبلِ لِحاظِها
ما أخطأتهُ أسنّةُ الأعداءِ
أعجبتِ مما قد رأيتِ، وفي الحشا
أضعافُ ما عايَنتِ في الأعضاءِ
أُمسِي، ولستُ بسالمٍ من طَعَنَةٍ
نجلاءَ، أو من مُقلَةٍ كَحلاءِ
إن الصوارمَ واللحاظَ تعاهدا
أن لا أزالَ مزملاً بدمائي
أجنتْ عليذ بما رأيتِ معاشرٌ،
نظروا إليّ بمقلةٍ عمياءِ
أكسَبتُهم مالي، فمذ طَلبوا دَمي
لم أشكُهم إلاّ إلى البَيداءِ
أبعدتُ عن أرضِ العراقِ ركائبي
متنقلاً كتنقلِ الأفياءِ
أرجو بقَطعِ البيدِ قَطعَ مَطامعي،
وأرومُ بالمَنصورِ نصرَ لوائي
أدركتُهُ، فجعلتُ ألثمُ، فَرحَةً
بِوُصولِهِ، أخفافَ نُوقِ رَجائي
أضحى يهنيني الزمانُ بقصده،
ويُشيرُ كَفُّ العِزّ بالإيماءِ
أومَتْ إليّ مُشيرَةً أن لا تَخفْ،
وابشِرْ، فإنّكَ في ذُرَى العَلياءِ
أبماردينَ تَخافُ خَطفةَ مارِدٍ،
وشهابُها في القلعةِ الشبهاءِ
ألهيتُ عن قومي بملكٍ عندهُ
تَنسَى البَنونَ فَضائلَ الآباءِ
إنّي تركتُ النّاسَ حينَ وَجدتُهُ،
تَركَ التّيَمّمِ في وُجودِ الماء
المرتقي فلكض الفخارِ، إذا اغتدى،
ـرّاياتِ، بل بسَواكنِ الآراءِ
أسيافُهُ نِقَمٌ على أعدائِهِ،
وأكَفُّهُ نِعَمٌ على الفُقَراءِ
إن حلّ حلّ النهبُ في أركانهِ،
أو سارَ سارَ الخلفُ في الأعداءِ
أمجندلِ الابطالِ، بل يا منتهى
الآمالِ، بل يا كعبةَ الشعراءِ
أقَبلتُ نحوَكَ في سَوادِ مَطالبي،
حتى أتتني باليدِ البيضاءِ
أُرقي إلى عَرشِ الرّجا رَبَّ النّدى،
فكأنّ يومي لَيلَةُ الإسراءِ