أبى الدهر إلا فعالا خسيسا
أَبى الدَّهرُ إِلاَّ فعالاً خسيسا
أَبى الدَّهرُ إِلاَّ فعالاً خسيسا
وصرفاً يُبدِّلُ نعماءَ بُوسا
وكنتُ أرى منهُ وجهاً ضحوكاً
فأَبدلني منهُ وَجْهاً عبوسا
وَشَيَّبني حادثاتُ الزمانِ
وأحداثُهُنَّ تُشيب الرؤوسا
ونازعني الدَّهرُ ثوبَ الشَّبابِ
فنازعني منهُ علقاً نفيسا
تعاتبني أنْ أطلتُ الجلوسَ
وعنْ عُذُرٍ أنْ أطَلتُ الجلوسا
وقد يمكُث السَّيفُ في غمدِهِ
مَصُوناً ويستوطِنُ الليثّ خيسا
أَأَخْدُمُ من كانَ لي خادماً
وأتبعُ مَنْ قد رآني رئيسا
جَفوتُ النَّديمَ إذَنْ والمُدَامَ
وأَصبحتُ بعدَكَ أُوذِي الجَليسا
كأنِّي لم أَعْدُ في مقنبٍ
أَفلُّ بِحَدِّ الخَميسِ الخَميسا
واقتنصُ الوحشَ في بيدِهَا
بمضمرةٍ تجتذبْنَ المُروسا
تروحُ الظّباءَ بأشخاصِهَا
فتقبضُ قبلَ الرؤوسِ النُّفوسا
كأَنَّ الكؤُّوسَ بايديهِمُ
نجومُ سماءٍ تُلاقِي شُموسا
ولَمْ أَدِرِ الكأَسَ في فتيةٍ
تباكرُهَا قهوةً خندَريسا
ويا رُبَّ يومٍ تملَّيتُه
سروراً ببطناسَ أو بانقوسا
ويا حبَّضَا الدَّيرُ ديرُ البريحِ
تجيبُ النَّواقيسُ فيها القُسُوسا
وهيفاءَ لَوْ لَمْ تَمِسْ مَا اهتَدَى
قضيبُ الرِّياضِ إلى أَنْ يميسا
ولَوْ برَزَتْ لِنَصارَى المسيحِ
لدانوا لها طاعةً دونَ عيسى
إذا شئتُ أُنطِقُ في حُجرِها
لسانَ فصيحٍ يَهيجُ الرسيسا
وآمِرةٍ بركوبِ الفلاةِ
وأن أُعمِلَ الطَّيْرَ والعنتريسا
رَأتني قنعتُ ولَمْ ألتمِسْ
لقاءَ وجوهٍ تطُيلُ العُبوسا
دعين أُمارِسُ صرفَ الزمانِ
وألبسُ في كلِّ حين لُبُوسا
فإنِّي رأيتُ فروعَ الكرامِ
يَشِبْنَ إذا ما ابتَدَلْنَ العَروُسا