أبى الله إلا أن يرى يدك العليا

أبى الله إلا أن يرى يدك العليا

​أبى الله إلا أن يرى يدك العليا​ المؤلف ابن دارج القسطلي


أبى الله إلا أن يرى يدك العليا
فيبليها سعدا وتبليه سعيا
ويوسعها سقيا ورعيا كمثل ما
سمت للمنى سقيا وسامت بها رعيا
وأي حيا في الشرق والغرب للورى
وأي حمى للملك والدين والدنيا
وأي فتى والنفس كاذبة المنى
وأي فتى والحرب صادقة الرؤيا
علا فحوى ميراث عاد وتبع
بهمته العليا ونسبته الدنيا
فأعرب عن إقدام يعرب واحتبى
فلم ينس من هود سناء ولا هديا
ومن حمير رد القنا أحمر الذرى
ومن سبإ قادت كتائبه السبيا
وما نام عنه عرق قحطان إذ فدى
عروق الثرى من غلة القحط بالسقيا
ولا أسكنت عنه السكون سيادة
ولا رضيت طي لراحته طيا
ولا كندت أسيافه ملك كندة
فيترك في أركان عزتها وهيا
ولا أقعدته عن إجابة صارخ
تجيب ولو حبوا إلى الطعن أو مشيا
وكائن له في الأوس من حق أسوة
بنصر الهدى جهرا وبذل الندى خفيا
هم أورثوه نصر دين محمد
وحازوا له فخر الندى والقرى وحيا
وهم أوجدوه الجود أعذب مطعما
من الريقة الشنباء في الشفة اللميا
مناقب أدوها إليه وراثة
فكان لها صدرا وكان له حليا
وروضة ملك عاهدتها عهاده
فأغدق بها ريا وأعبق بها ريا
وصوت ثناء أسمع الله ذكره
ليسمع منه الصم أو يهدي العميا
لمن يلحظ الأعلين في المجد من عل
وجارى فأعيا السابقين وما أعيا
أنيس القلوب في الصدور ولم يكن
ليوحش مثواه الفراقد والجديا
ومورد من أظمأ وإصباح من سرى
ومبرك من أعيا وغاية من أعيا
فقصر ملوك الأرض سدة قصره
وإن سحقوا بعد وإن شحطوا نأيا
وأهدت له بغداد ديوان علمها
هدية من والى ونخبة من حيا
فكانت كمن حيا الرياض بزهرها
وأهدى إلى صنعاء من نسجها وشيا
وحسب رواة العلم أن يتدارسوا
مآثره حفظا وآثاره وعيا
ويكفي ملوك الأرض من كل مفخر
إذا امتثلوا من بعض أفعاله شيا
وأن يسمعوا من ضيفه في ثنائه
غرائب حلى من جواهرها الدنيا
وأن ينظروا كيف ازدهى مفرق العلا
بعقدي له تاجا من الكلم العليا
أوابد حالفن الليالي أنها
تموت الليالي وهي باقية تحيا
لمن كفل الإسلام أم سيادة
فبرت به حجرا ودرت له ثديا
ومن ذعر الأعداء حتى توهموا
به الصبح جيشا والظلام له دهيا
لطاعة من وصى المنايا بطوعه
فلم تعصه من الشرك أمرا ولا نهيا
فكم رأس كفر قد أنافت برأسه
من الصرعة السفلى إلى الصعدة العليا
فأوفت به في مرقب السور كالحا
يؤذن بالأعداء حي هلا حيا
ونقلي الصبا منه ذوائب لمة
تفاخر أيدي المصيبات بها فليا
فهامته للهام تستامها القرى
وأشلاؤه للريح تستامها السفيا
وكم رد عن نفس ابن شنج سهامها
وقد أغرقت نزعا وأمكنها رميا
طليقك من كف الإسار وقد هوت
به الرقم الرقماء والموبد الدهيا
فحكمت فيه حد سيفك فاقتضى
وشاورت فيه الفضل فاستعجم الفتيا
فأخرت عنه حكم بأسك بالردى
وأمضيت فيه حكم عفوك بالبقيا
ووقيته حر الحمام لو اتقى
وزودته برد الحياة لو استحبا
فأفلت ينزو في حبائل غدرة
بأوت بها عزا وباء بها خزيا
فأتبعته تحت العجاجة راية
بهرت بها رايا وأعيتها رأيا
وجردت سيف الحق مدرع الهدى
لمن سل سيف النكث وادرع البغيا
وأعليتها في دعوة الحق دعوة
كفاك بها بشرى وأعداءها نعيا
فجاءتك تحت الخافقات كتائبا
كما حدت الأفلاك أنجمها جريا
مهلين بالنصر العزيز لمن دعا
ملبين بالفتح المبين لمن أيا
بكل أمير طوع يمناك جيشه
وطاعتك العلياء غايته القصيا
وكل كمي في مناط نجاده
دواء لداء الناكثين إذا أعيا
وإن لم يبق داء ابن شنج بطبه
فقد بلغت أدواؤه النار والكيا
بسابحة الأجياد في كل لجة
تريك عباب البحر من هو لها حسيا
قدحت بأيديها صفا الشرك قدحة
جعلت ضرام المشرفي لها وريا
خواطف إبراق جلاهن عارض
من النقع لا يوني دماء العدى مريا
عقدن بأيمان الضراب وعوقدت
بأيمان عهد لا انثناء ولا ثنيا
وزرقا تشكى من ظماء كعوبها
وتسقي ربوع الكفر من دمه ريا
إذا غربت ناءت بمنهمر الكلى
وإن طلعت فاءت بملء الملا فيا
فأبت بأعداد النجوم مساعيا
وأمثالها سمرا وأضعافها سبيا
وجوها سلبن العصب والحلي فاكتست
محاسن أنسين المجاسد
كأن لم تدع بالبيد أيكا ولا غضى
ولا في شعاب الرمل خشفا ولا ظبيا
إياب مليك قلدت عزماته
من الرشد والتوفيق ما دمر الغيا
يقر عيون الخيل في حومة الوغى
إذا ما قدور الحرب فارت بها غليا
ويعرض عن فرش القصور وثيرة
ليركب ظهر الحرب محدودبا عريا
ويحسو ذعاف السم في جاحم الوغى
ليروي آمال النفوس بها أريا
ويصلي بحر الشمس حر جبينه
ليبسط للإسلام من نوره فيا
ويا شامتا أني طريد حجابه
ليخزك أني حزته بين جنبيا
ويا حاجبا قد رد طرفي دونه
تأمل تجده وهو إنسان عينيا
صفاء وداد إن رمى فوقه القذى
ظنونا من الاشفاق طيرها نفيا
وصدق رجاء كلما مت رحمة
على مثل أفراخ القط ردني حيا
ظماء وما يدرون في الأرض مشربا
سوى كبدي الحرى ومهجتي الظميا
وكم عسفوا بحرا ولا بحر للندى
وخاضوا سراب البيد نهيا ولا نهيا
وماتوا يراعون النجوم وقد رأت
وسائلهم ألا حفاظ ولا رعيا
ولا خلة إلا الهجير إذا التظى
فكان لهم جمرا وكانوا له شيا
ولا نسب إلا الثريا إذا انتحت
فكانت لهم نصفا وكانوا لها ثنيا
وكم زجروها باسمها وخفوقها
فما صدقتهم لا ثراء ولا ثريا
ولا صدق إلا للرجاء الذي سرى
فقصر طول الليل واستقرب النأيا
وبارى هوي الريح يسبقها هوى
وغال قفار البيد ينسفها طيا
إلى سابق الأملاك علم سيفه
ندى كفه أن يسبق الوعد والوأيا
أبو الحكم الممضي لحكم عفاته
رغائب لا يعرفن سوفا ولا ليا
ومثل لي في الحرب حسر ذراعه
بحسري في حرب الخطوب ذراعيا
إذا لمعت بيض الصورام حوله
كإضرام نيران الهموم حواليا
وقد عاذ أبطال الجلاد بعطفه
كما عاذ أطفال الجلاء بعطفيا
وقد قصرت عنه رماح عداته
كما قصرت عنهم رياش جناحيا
ولكن أواسي بين عار ولابس
أقلص عن ذيا لأثني على تيا
وإن لوت اللألواء من شأو همتي
وألحق ذل العسر وجهي بنعليا
فلم تلو عن مدح ابن يحيى مدائحي
بأطيب ذكر في الممات وفي المحيا
يصيخ إليه كل سمع موقر
ويجلو سناه كل ناظرة عميا
وأنشيك عنه المسك ما عشت يا ورى
وأكسوك منه الدر ما دمت يا دنيا
وإن برت الأيام من حد همتي
وفلت سلام الحادثات غراريا
فهل قلم خطت به الأرض كلها
نظاما ونثرا ينكر القط والبريا
وزند ينير الشرق والغرب قدحه
جدير بأن يستلحق المحق والوهيا
ويا لك من ذكرى سناء ورفعة
إذا وضعوا في الترب أيمن جنبيا
وفاحت ليالي الدهر مني ميتا
فأخزين أياما دفنت بها حيا
وكان ضياعي حسرة وتندما
إذا لم يفد شيئا ولم يغنني شيا
وأصبحت في دار الغنى عن ذوي الغنى
وعوضت فاستقبلت أسعد يوميا
سوى حسرتي عرض ووجه تضعضعا
لقارعة البلوى وكانا عتاديا
وللستر والصبر الجميل تأخرا
فأمهما حرصي وكانا إماميا
فيا عبرتي سحي لعلي مبلل
ببحريك ما أنزفت من ماء عينيا
ويا زفرتي هل في وقودك جذوة
تنير لنا صبحا ثناه الأسى مسيا
ويا خلتي إن سوف الغوث بالمنى
ويا غلتي إن أبطأ الغيث بالسقيا
قوما إلى رب السماء فأسعدا
نقلب وجهي في السماء وكفيا
سقى ميت الأظماء في روضة الندى
سيرجع عن رب السماء وقد أحيا
ويا أوجه الأحرار لا تتبدلي
بظل ابن يحيى بعد ظلا ولا فيا
ويا حلبة الآمال زيدي على المدى
بقاء ابن يحيى ثم حيي على يحيى