أتذكر دون الجزع بالخيف أربعا
أَتَذكُرُ دون الجزع بالخَيْف أربُعا
أَتَذكُرُ دون الجزع بالخَيْف أربُعا
ولعتَ بها والصبّ لا زال مولعا
تعاورها صرف الزمان فأصبحت
معالمها بعد الأوانس بلقعا
تخال قلوب العاشقين بأرضها
طيوراً على نهلٍ من الماء وقّعا
معالم تستقي السحاب رسومها
فتسقى حيا وبلين قطراً وأدمعا
منازلنا من دار سلع ولعلع
سقى الله صوب المزن سلعاً ولعلعا
لئن كنت قد أصبحت مبكىً ومجزعاً
فقد كنت باللذات مرأى ومسمعا
تذكّرت أيامي بمنعرج اللوى
وقولي هات الكأس يا سعد مترعا
تدور الغواني بيننا بمدامة
تخيّلتها في الكأس نوراً مشعشعا
لقد أقلعت أيّامنا بعد رامة
كما أجفل الغيث المُلِثُّ وأقلعا
وما أَخْلَفَتْ إلا فؤاداً ولوعة
هما أسقما هذا الفؤاد وأوجعا
وذا عبرةٍ نوصولةٍ وحشاشةٍ
تكاد من الأشواق أنْ تتقطَّعا
رعى الله من لم يرع عهداً لمغرم
رعيت له الودّ القديم كما رعى
تناءى فشيعت اصطباراً ومهجة
ولولا النوى تنأى به ما تشيَّعا
ولم تر من صبٍّ فؤاداً مودّعاً
إلى أنْ ترى يوماً حبيباً مودّعا
خليليّ إنْ لم تسعداني فهاتيا
ملامكما لي في الصبابة أو دعا
بعثتم إلى جسمي الضّنى يوم بنتم
وزدتم إلى قلبي حنيناً مرجّعا
وفَتَّشْتُ قلبي في هواكم فلم أجد
لغير هواكم في الحشاشة موضعا
رأيت به سرّ النبوّة مودَعا
ولكّنني لم أبقِ في القوس منزعا
متى تنظر العينان من بعد فقدها
بذات الغضا ذاك الغزال المقنعا
فيا ليتَ شعري في الأبيرق بارقٌ
فأغدو به العيش صفواً ممتِّعا
ويا ليت من أهواه في الحبّ حافظ
من العهد ما قد كان بالأمس ضيّعا
إلى كم أُعاني دمع جفنٍ مقرحٍ
وقلباً بأعباء الهموم مروّعا
وأصبر في اللأواء حتى كأَنَّني
وَجَدْتُ کصطباري في الحوادث أنفعا
رُميت بأرزاء من الدهر تسوؤني
مخافة يا لمياءُ أنْ يتوجَّعا
ومن مضض الأيام مدحي عصابة
بذلت يداً فيهم وما نلت إصبعا
كأنّي إذا أدعوهمُ لملمة
أخاطب موتى راقدين وهجّعا
وهل تسمع الصمُّ الدعاءَ وترتجى
موارد لا تَفنى من الآل لُمَّعا
وحسبي شهاب الدين وهو أبو الثنا
ملاذاً إذا ناب الزمان ومرجعا
متى ما دعا الداعي معاليه للندى
أجابض إلى الحسنى بداراً وأسرعا
وابلجَ وضاحِ الجبين تخاله
تَبَلُّجَ صبحٍ أو بصبحٍ تبرقعا
ولما بدا نور النبيّ بوجهه
رأيت به سرّ النبوّة نودعا
له الكلمات الجامعات تخالها
نجوماً بآفاق البلاغة طُلَّعا
وإنْ كَتَبَتْ أقلامه فحمائم
ثبت إلى السمع الكلام المسجّعا
وكتبٌ لدين االله أضحتْ مطالعاً
كما كانت الأفلاك للشمس مطلعا
إذا ضَلَّتِ الأفهام عن فهم مشكل
هدى وعليه في الحقيقة أطلعا
وإنْ قال قولاً فهو لا شك فاعل
قؤولٌ من الأمجاد إنْ قال أبدعا
كلام ترى الأقلام في الطّرس سجّداً
له وترى أهل الفصاحة ركّعا
يحيّر ألباب الرّجال كأَنَّما
أتانا بإعجاز من القول مصقعا
سعى طالباً بالعلم أبعد مطلب
وفي الله مسعاه ولله ما سعى
دعا فأتى ولو أنَّ غيره
دَعاه إليه مرّةً لتمنَّعا
وأدرعَ لم يتفذ به سهم قادح
كأَنَّ عليه سابغاتٍ وأدْرُعا
إذا باحث الخصم الأَلَدَّ أعاده
بعرنين مخذول من الذل أجدعا
وذي همم تفري الخطوب كأنَّما
يجرّدُها بيضاً على الخطب قُطَّعا
حريص على أن يقتنيها محامداً
أحاديثها تبقى حساناً لمن وعى
سبقت جميع الطالبين إلى التي
غدت دونها الآمال حسرى وظلّعا
لقد ملأَ الأقطار فضلُك كلَّها
ونادى إليه المادحين فأسمعا
ومهما کدَعى ذو النقد أنَّك واحدٌ
فما أنتَ إلاّ في الأنام كما ادعى
وإن مُدَّتِ الأَبواع في طلب العلى
مددتَ إلى العلياء بوعاً وأذرعا
فإنّك في هذا الطريق الذي به
سلكَت طريقاً أعجز الناس مسبعا
أرى مدحك العالي عَلَيّ فريضةً
وغيرك لم أمدحه إلاّ تطوّعا
عليَّ لك الفضل الذي هو شاملي
وإنك قد حزتَ الفضائل أجمعا
وما ظفِرت كفُّ الليالي من الورى
بأرغبَ منّي في نداك وأطمعا
وإنّي إذا ضاق الخناق لحادث
ترفَّعتُ إلاّ عن نداك ترفعا
ولم أر أندى منك في الناس راحةً
وأمرى نوالاً من يديك وأمرعا