أتعرف رسم الدار من أم معبد

أتعرِف رسم الدار من أم معبد

​أتعرِف رسم الدار من أم معبد​ المؤلف عدي بن زيد


أَتَعرِفُ رَسمَ الدارِ مِن أُمِّ مَعبَدِ
نَعَم وَرَماكَ الشَوقُ قَبلَ التَجَلُّدِ
أَعاذِلَ ما أَدنى الرَشادَ مِنَ الفَتى
وأَبعَدَهُ مِنهُ إِذا لَم يُسَدَّدِ
أَعاذِلَ قَد لاقَيتَ ما يَزَعُ الفَتى
وَطابَقتَ في الحِجلَينِ مَشيَ المُقَيَّدِ
أَعاذِلَ ما يُدريكِ أَنَّ مَنِيَّتي
إِلى ساعَةٍ في اليَومِ أَوفي ضُحى غَدِ
أَعاذِلَ مَن يُكتَب لِهُ المَوتُ يَلقَهُ
كِفاحاً وَمَن يُكتَب لَهُ الفوزُ يَسعَدِ
أَعاذِلَ إِنَّ الجَهلَ مِن لَذَّةِ الفَتى
وَإِنَّ المَنايا لِلرِجالِ بِمَرصَدِ
فَذَرني فَمالي غَيرَ ما أُمضِ إِن مَضى
أَمامِيَ مِن مالي إِذا خَفَّ عُوَّدي
وَحُمَّت لِميقاتٍ إِلَيَّ مَنِيَّتي
وَغودِرتُ قَد وُسِّدتُ أَو لَم أُوَسِّدِ
وَلِلوارِثِ الباقي مِنَ المالِ فَاِترُكي
عِتابي فَإِنّي مُصلِحٌ غَيرُ مُفسِدِ
أَعاذِلَ مَن لا يُصلِحِ النَفسَ خالِياً
عَنِ اللُبِّ لا يُرشَد لِقَولِ المُفَنِّدِ
كَفى زاجِراً لِلمَرءِ أَيّامُ دَهرِهِ
تَروحُ لَهُ بِالواعِظاتِ وَتَغتَدي
بَلَيتُ وَأَبلَيتُ الرِجالَ وَأَصبَحَت
سِنونَ طِوالٌ قَد أَتَت دونَ مَولِدي
فَلَستُ بِمَن يَخشى حَوادِثَ تَعتَري
رِجالاً فَبادوا بَعدَ بُؤسٍ وَأَسعُدِ
فَنَفسَكَ فَاِحفَظها عَنِ الغَيِّ وَالرَدى
مَتى تُغوِها يَغوَ الَّذي بِكَ يَهتَدي
وَإِن كانَتِ النَعماءُ عِندَكَ لِاِمرِئٍ
فَمَثِّل بِها وَاِجزِ المُطالِبَ وَاِردُدِ
إِذا ما اِمرُؤٌ لم يرج منك مودّة
فَلا تَرجُها مِنهُ وَلا دَفعَ مَشهَدِ
وَعَدِّ سَواءَ القَولِ وَاِعلَم بِأَنَّهُ
إِذا لَم يَبِن في اليَومِ يَصرِمكَ في الغَدِ
وَإِن أَنتَ فاكَهتَ الرِجالَ فَلاتَجِم
وَقُل مِثلَ ما قالوا وَلا تَتَزَنَّدِ
إِذا أَنتَ نازَعتَ الرِجالَ نَوالَهُم
فَعِفَّ وَلا تَطلُب بِجَهدٍ فَتَنكَدِ
عَسى سائِلٌ ذو حاجَةٍ إِن مَنَعتَهُ
مِنَ اليَومِ سُؤلاً أَن يَسُرَّكَ في غَدِ
سَتُدرِكُ مِن ذي الفُحشِ حَقَّكَ كُلَّهُ
بِحِلمِكَ في رِفقٍ وَلَم تَتَشَدَّدِ
وَساِسِ أَمرٍ لَم يَسُسهُ آبٌ لَهُ
وَرائِمِ أَسبابِ الَّتي لَم تُعَوَّدِ
وَراجي أُمورٍ جَمَّةٍ لا يَنالُها
سَتَشعَبُهُ عَنها شَعوبٌ لِمُلحِدِ
وَوارِثِ مَجدٍ لَم يَنَلهُ وَماجِدٍ
أَصابَ بِمَجدٍ طارِفٍ غَيرِ مُتلِدِ
فَلا تَقعُدَن عَن سَعيِ ما قَد وَرِثتَهُ
وَما اِسطَعتَ مِن خَيرٍ لِنَفسِكَ فَاِزدَدِ
إِذا ما رَأَيتَ الشَرَّ يَبعَثُ أَهلَهُ
وَقامَ جُناةُ الشَرِّ بِالشَرِّ فَاِقعُدِ
وَبِالعَدلِ فَاِنطِق إِن نَطَقتَ وَلا تَجُر
وَذا الذَمِّ فَاِذمُمهُ وَذا الحَمدِ فَاِحمَدِ
وَلا تَلحُ إِلّا مَن أَلامَ وَلا تَلُم
وَبِالبَذلِ مِن شَكوى صَديقَكَ فَاقتَدِ
عَنِ المَرءِ لا تَسأَل وَسَل عَن قَرينِهِ
فَكُلُّ قَرينٍ بِالمُقارِنِ مُقتَدِ
وَفي الخَلقِ إِذلالٌ لِمَن كانَ باخِلاً
ضَنيناً وَمَن يَبخَل يَذِلَّ وَيُزهَدِ
أَفادَتني الأَيّامُ وَالدَهرُ إِنَّهُ
وَدادي لِمَن لا يَحفَظُ الوِدِّ مُفسِدي
وَلاقَيتُ لَذّاتِ الغِنى وَأَصابَني
قَوارِعُ مَن يَصبِر عَلَيها يُخَلَّدِ
إِذا ما كَرِهتَ الخَلَّةَ السوءَ لِاِمرِئٍ
فَلا تَغشَها وَاِخلِد سِواها بِمِخلَدِ
إِذا أَنتَ لَم تَنفَع بِوُدِّكَ أَهلَهُ
وَلَم تَنكِ بِالهَيجا عَدُوَّكَ فَاِبعُدِ
وَمَن لا يَكُن ذا ناصِرٍ عِندَ حَقِّهِ
يُغَلَّب عَلَيهِ ذو النَصيرِ وَيَعتَدِ
وَفي كَثرَةِ الأَيدي عَنِ الظُلمِ زاجِرٌ
إِذا خَطَرَت أَيدي الرِجالِ بِمَشهَدِ
وَلِلمَرءِ ذي المَيسورِ خَيرُ مَغَبَّةٍ
مِنَ المَرءِ ذي المَعسورَةِ المُتَرَدِّدِ
سَأَكسِبُ مَجداً أَو تَقومَ نَوائِحٌ
عَلَيَّ بِلَيلٍ مُبدِياتِ التَبَلُّدِ
يَنُحنَ عَلى مَيتٍ وَأَعلَنَّ رَنَّةً
تُؤَرِّقُ عَيني كُلِّ باكٍ وَمُسعَدِ