أتنسى بنو سعد جدود التي بها

أتنسى بنو سعد جدود التي بها

​أتنسى بنو سعد جدود التي بها​ المؤلف الفرزدق


أتَنْسَى بَنُو سَعْدٍ جَدُودَ التي بهَا
خَذَلتُمْ بَني سعَدٍ على شرّ مَخذَلِ
عَشِيّةَ وَلّيْتُمْ كَأنّ سُيُوفَكُمْ
ذَآنِينُ في أعْنَاقِكُمْ لمْ تُسَلَّلِ
وَشَيْبَانُ حوْلَ الحَوْفَزَانِ بِوَائِلٍ
مُنِيخاً بجَيْشٍ ذي زَوَائِدَ جَحفَلِ
دَعَوْا يالَ سَعدٍ وادّعَوْا يالَ وَائلٍ،
وَقدْ سُلّ من أغمادِهِ كلُّ مُنصُلِ
قَبِيلَينِ عِنْدَ المُحْصناتِ تَصَاوَلا،
تَصَاوُلَ أعْناقِ المَصَاعيبِ من عَلِ
عَصَوْا بالسّيُوفِ المَشْرَفِيّةِ فيهِمُ
غَيارَى وَألقَوْا كُلَّ جَفنٍ وَيَحمَلِ
حَمَتْهُنّ أسْيَافٌ حِدادٌ ظُبَاتُهَا،
وَمِنْ آلِ سَعْدٍ دَعْوَةٌ لمْ تُهَلَّلِ
دَعَوْنَ، وَمَا يَدْرِينَ مِنهُمْ لأيّهم
يَكُنّ، وَما يُخْفِينَ ساقاً لمُجتَلِ
لَعلّكَ مِنْ في قاصِعائِكَ وَاجِدٌ
أباً، مِثلَ عَبدِ الله، أوْ مثل نهشَلِ
وَآلِ أبي سُودٍ وَعَوْفِ بن مالِكٍ،
إذا جَاءَ يَوْمٌ بَأسُهُ غَيرُ مُنجَلِ
وَمُتّخِذٌ مِنّا أباً مِثْلَ غالِبٍ،
وَكانَ أبي يأتي السّماكَينِ منْ عَلِ
وَأصْيَدَ ذي تاج صَدَعْنَا جَبينَهُ
بأسْيَافنَا، وَالنّقْعُ لَمْ يَتَزَيّلِ
تَرَى خَرَزَاتِ المُلْكِ فَوْقَ جَبينِهِ،
صَؤولٌ، شَبَا أنْيَابِهِ لمْ يُفَلَّلِ
وَما كانَ من آرِيّ خَيْلٍ أمامَكُمْ،
وَلا مُحْتَبىً عِنْدَ المُلُوكِ مُبَجَّلِ
ولا اتَّبَعَتكُمْ يَومَ ظَعْنٍ فِلاؤها؛
وَلا زُجِرَتْ فيكُمْ فِحالَتُها هَلِ
وَلَكِنّ أعْفَاءً على إثْرِ عَانَةٍ،
عَلَيْهِنّ أنْحَاءُ السِّلاءِ المُعَدَّلِ
بَناتُ ابنِ مَرْقُومِ الذّرَاعَينِ لم يكنْ
ليُذْعَرَ من صَوْتِ اللّجامِ المُصَلصِلِ
أرَى اللّيلَ يَجلُوهُ النّهارُ، ولا أرى
عِظامَ المَخازِي عَنْ عَطِيّةَ تَنجلي
أمِنْ جَزَعٍ أنْ لمْ يكُنْ مثلَ غالبٍ
أبُوكَ الذي يَمشِي بِرِيقٍ مُوَصَّلِ
ظَلِلْتَ تُصَادِي عَنْ عَطِيّةَ قائِماً
لتَضْرِبِ أعْلى رَأسِهِ غَيرَ مؤتَلِ
لكَ الوَيْلُ لا تَقْتُلْ عَطِيّةَ، إنّهُ
أبُوكَ، ولَكِنْ غَيرَهُ فَتَبَدّلِ
وَبَادِلْ بِهِ مِنْ قَوْمِ بَضْعَةَ مِثلَهُ
أباً شرَّ ذي نَعْلَين، أوْ غَيرِ مُنعَلِ
فإنْ هُمْ أبَوْا أنْ يَقْبَلُوهُ، ولم تجدْ
فِرَاقاً لَهُ إلاّ الّذِي رُمْتَ فَافعَلِ
وَإنْ تَهْجُ آلَ الزّبْرِقَانِ، فَإنّمَا
هجَوْتَ الطّوَالَ الشّمَّ من هضْبِ يذبلِ
وَقَدْ يَنبحُ الكَلبُ النّجومَ وَدُونَها
فَرَاسِخُ تُنْضِي العَيْنَ للمُتأمِّلِ
فَمَا تَمّ في سَعْدٍ وَلا آلِ مَالِكٍ
غُلامٌ، إذا ما قِيلَ، لمْ يَتَبَهْدَلِ
لَهُمْ وَهَبَ النّعمانُ بُرْدَ مُحَرِّقٍ
بمَجْدِ مَعَدٍّ، وَالعَدِيدِ المُحَصَّلِ
وَهُمْ لرَسُولِ الله أوْفَى مُجِيرُهُمْ،
وَعَمُّوا بِفَضْلٍ يَوْمَ بُسْرٍ مُجَلِّلِ
هَجَوْتَ بَني عَوْفٍ وَما في هِجائِهمْ
رَوَاحٌ لعَبْدٍ مِنْ كُلَيْبٍ مُغَرْبَلِ
أَبَهدَلَةَ الأخيارَ تَهْجُوا وَلمْ يَزَلْ
لَهُمْ أوّلٌ، يَعْلُو على كلّ أوّلِ