أحبة قلبي طال ليلي بعدكم

أحبة قلبي طال ليلي بعدكم

​أحبة قلبي طال ليلي بعدكم​ المؤلف عماد الدين الأصبهاني


أحبة قلبي طال ليلي بعدكم
أسى فمتى ألقى بوجهكم الفجرا
سكنتم فؤادي وهو في نار شوقكم
فهلا أخذتم فيه من ناره حذرا
فقدت حياتي مذ فقدت لقاءكم
فهل بحياتي منكم نشأة أخرى
لقد عاد أنسي وحشة بفراقكم
كما عاد عرف الدهر بعدكم نكرا
وقد كنت مغترا بأيام وصلكم
ولا يأمن الأيام من كان مغترا
أجيران جيرون المجيرين جارهم
من الجور حوزوا في مشوقكم الأجرا
محبتكم قد خانه الصبر فاطلبوا
محبا سواء عنكم يحسن الصبرا
ومذ غبت عن مقرى مقري قد نبا
سقى ورعى ربي مقري في مقرى
أحن إلى عذرا وعذري واضح
لأن الهوى العذري مني في عذرا
إذا القدر المحتوم من جلق بنا
إلى مصر أسرى فالقلوب بها أسرى
رحلنا فما باحت بأسرارنا سوى
عبارة عين خوف يوم النوى عبرى
تركنا دمشقا والجنان وراءنا
وقد أمنا بالكسوة الرفقة السفرا
وجئنا إلى المرج الذي طاب نشره
فلا زال من أحبابنا طيبا نشرا
رحلنا بمرج الصفر بالعيس غدوة
فسارت وحطت في محجتها ظهرا
وقد قطعت تبنى إلى الدير بعدها
وما عرست حتى أنأخت على بصرى
نزلنا الدناح والجلاعب بعدها
وبعدهما غدر البشامية الغزرا
ورأس الجشا والقريتين وكلها
موارد فيها السحب قد غادرت غدرا
وردنا من الزيتون حسمى وأيلة
وجزنا عقابا كان مسلكها وعرا
إلى قلة الراعي إلى نابع إلى
جراول فالنخل الذي لم يزل قفرا
إلى منزل في روضة الجمل اغتدت
به عيسنا في صدر شارحه صدرا
ودون حثا لما حثثنا ركابنا
عيون لموسى لم يزل ماؤها مرا
هناك تلقانا الوفود ببرهم
فسروا بنا نفسا وزادوا بنا بشرا
قطعنا إلى بحر الندى بحر قلزم
ومن قصده بحر الندى يقطع البحرا
عبرنا إلى من كاثر الرمل جوده
وجزنا إليه ذلك الرمل والجسرا
ولم يرونا ماء الثماد بعجرد
ولم يقتنع بالقل من يأمل الكثرا
وجبنا البويب والمصانع قبله
إلى بركة الجب التي قربت مصرا
إلى عزمة في المجد غير قصيرة
وكان قصارى أمرنا أن نرى القصرا
ولما نزلنا مصر في شهر طوبة
وردنا بكف العادل النيل في مسرى
غدا قاصرا عن قصره قصر قيصر
وإيوان كسرى عند إيوانه كسرا