أحرقتني نار الجوى والبعاد

أَحْرَقَتْني نارُ الجَوى والبعادِ

​أَحْرَقَتْني نارُ الجَوى والبعادِ​ المؤلف عنترة بن شداد


أَحْرَقَتْني نارُ الجَوى والبعادِ
بَعد فَقْدِ الأَوْطانِ والأَولاد
شابَ رأسي فصارَ أبيض لوناً
بعد ما كان حالكاً بالسواد
وتذكرتُ عبلةَ يومَ جاءت
لوداعي والهمُّ والوجد باد
وَهي تُذْري من خيفَةِ البُعْدِ دمْعاً
مُستهِلاًّ بلَوْعةٍ وَسُهاد
قلْتُ كِفِّي الدُّمُوعَ عنْكِ فقلبي
ذاب حزناً ولوعتي في ازديادِ
ويحَ هذا الزَّمانِ كيفَ رَماني
بسهامٍ صابتْ صميمَ فؤادي
غيرَ أني مثْلُ الحُسام إذا ما
زادَ صقلاً جادّ يوم جلادِ
حنكتني نوائبُ الدهر حتى
أوقفتني على طريقِ الرشادِ
ولقيتُ الأبطالَ في كل حربٍ
وهزمتُ الرجال في كلِّ وادي
وتركتُ الفرسانَ صرعى بطعنٍ
منْ سِنانٍ يحْكي رُؤُوس المزاد
وحسامٍ قد كنتُ من عهد شدَّا
دٍ قديماً وكانَ منْ عهدِ عادِ
وقهرتُ الملوكَ شرقاً وغرباً
وأَبَدْتُ الأَقْرانَ يوْم الطِّراد
قلَّ صبري على فراق غصوبٍ
وهْو قد كان عُدَّتي واعتِمادي
وكذا عروةٌ وميسرةٌ حا
مي حمانَا عِند اصْطدام الجياد
لأَفُكَّنّ أَسْرَهُمْ عن قريبٍ
منْ أيادِي الأَعداءِ والحُسَّاد