أحزاننا بلقائكم أفراح

أحزاننا بلقائكم أفراح

​أحزاننا بلقائكم أفراح​ المؤلف عبد الغني النابلسي


أحزاننا بلقائكم أفراح
...
وزماننا قدح وأنتم راح
...
يا سادة من ذكرهم نرتاح
...
أبدا تحن إليكم الأرواح
ووصالكم ريحانها والراح
هذا الوجود جميعه إشراقكم
...
وجميع من في الكون هم عشاقكم
...
ما هكذا يا سادتي أخلاقكم
...
وقلوب أهل ودادكم تشتاقكم
وإلى لذيذ لقائكم ترتاح
من ذا ترى يدري بكم من يعرف
...
أنتم حقيقة كل شيء يوصف
...
غلب الهوى أين المعين المسعف
...
وارحمتا للعاشقين تكلفوا
ستر المحبة والهوى فضاح
قوم صفا عما يغاير ماؤهم
...
وإليك من دون السوى إيماؤهم
...
كتموك حتى أنكرت أحشاؤهم
...
بالسر إن باحوا تباح دماؤهم
وكذا دما البائحين تباح
عرف الوصال يفوح فينا منهم
...
وسواهم المستحقرون فمن هم
...
قوم لهم حال شريف مبهم
...
فإذا همو كتموا تحدث عنهم
عند الوشاة المدمع السفاح
أوصافهم يسمو بها من يفهم
...
وهم الدواء من الردى والمرهم
...
كل المعارف والعلوم لديهم
...
وكذا شواهد للسقام عليهم
فيها لمشكل أمرهم إيضاح
يا سادتي مني السلام إليكم
...
فأنا هو المطروح بين يديكم
...
ومن الجميع على البعاد لديكم
...
خفض الجناح لكم وليس عليكم
للصب في خفض الجناح جناح
لجمالكم في كل قلب ساحة
...
وزهورنا بنسيمكم فواحة
...
هل للمتيم من حفاكم راحة
...
فإلى لقاكم نفسه مرتاحة
وإلى رضاكم طرفه طماح
كدر الحوادث زال عن عين الصفا
...
وبدا جمال أحبتي بعد الخفا
...
فبحق ذاك العهد يا أهل الوفا
...
عودوا بنور الوصل من غسق الجفا
فالهجر ليل والوصال صباح
قد راق في حان الوفا مشروبهم
...
ولهم أباح وصاله محبوبهم
...
صوفية تبدي الشهود غيوبهم
...
صافاهم فصفوا لها فقلوبهم
في نوره المشكاة والمصباح
يا قومنا أنا زائد وجدي بكم
والصبر مني قد مضى في حبكم
فاهنوا بما فزتم به من شر بكم
...
وتمتعوا فالوقت طاب بقربكم
راق الشراب وراقت الأقداح
لأمير حسن ما لديه جهاله
...
أنظر عذولي في الجمال جلاله
...
يا صاح ليس على المحب ملامه
إن لاح في أفق الوصال ملاح
رفقا بنا يا أهل ذياك اللوى
...
إن المتيم عن هواكم ما لوى
...
والله حلفه مغرم يشكو النوى
...
لا ذنب للعشاق إن غلب الهوى
كتمانهم فنما الغرام وباحوا
سلمى التي يا ويح مهجة صبها
...
جرحت بمقلتها وأسهم هدبها
...
لله در عصابة في حبها
...
سمحوا بأنفسهم وما بخلوا بها
لما رأوا أن السماح رباح
شربوا كؤوس هوى الأحبة قهوة
...
ولهم غدت كل المكاره شهوة
...
طلبتهم الذات النزيهة نخوة
...
ودعاهم داعي الحقائق دعوة
فغدوا بها مستأنسين وراحوا
هم سادة منهم يطيب خضوعهم
...
للحب حيث به تنير ربوعهم
...
لما تزايد بالفراق ولوعهم
...
ركبوا على سفن الدجا فدموعهم
بحر وشدة خوفهم ملاح
نزعوا الثياب فعوضوا بثيابه
...
وعن الخطا قد ساقهم لصوابه
...
وهو المعز لهم برفع حجابه
...
والله ما طلبوا الوقوف ببابه
حتى دعوا وأتاهم المفتاح
هو إن نأى أو زاد في تقريبهم
...
يشكو كما يشكون فرط نحيبهم
...
وهم الذين تمتعوا بلبيبهم
...
لا يطربون لغير ذكر حبيبهم
أبدا فكل زمانهم أفراح
فيهم لقد دارت كؤوس سقاتهم
...
حتى بها زالت عقول صحاتهم
...
وحبيبهم لما بدا بصفاتهم
...
حضروا وقد غابت شواهد ذاتهم
فتهتكوا لما رأوه وصاحوا
نور التجلي الحق حير عقلهم
...
لفروعهم أخفى وأظهر أصلهم
...
قوم جميع الفضل مننسب لهم
...
فتشبهوا إن لم تكونوا مثلهم
إن التشبه بالكرام فلاح
سكرت غصون الروض من نسماتها
...
وترنمت أطياره بلغاتها
...
والذات تجلى في بديع صفاتها
...
قم يا نديم إلى المدام فهاتها
في كأسها قد دارت الأقداح
عرفت أهاليها بحفظ أمانة
...
وكمال عرفان ورفع مكانة
...
بكر أجل طلا وخير مدامه
...
من كرم إكرام بدن ديانة
لا خمرة قد داسها الفلاح