أحسن الوديعة في تراجم مشاهير مجتهدي الشيعة/04
العالم النحرير والفاضل الشهير السيد دلدار علي بن السيد محمد معين النقوي الهندي (رحمه الله) هو أول من أسس قواعد الدين في أرجاء الهند الفسيحة وشيَّد أركان الشريعة وقد ابتدأت منه وانتهت إليه رياسة الجعفرية في هاتيك البلاد، ووصفه صاحب الجواهر (قدس سره) في بعض مكاتيبه بقوله ”العلامة الفائق وكتاب الله الناطق خاتم المجتهدين شمس الأنام مصباح الظلام من بهر العقول بدقايق أفكاره وأنار شبهات المعقول بكواكب أنظاره حجَّة الله على العالمين وآيته العظمى من الأولين والآخرين“ إلى آخر ما ذكره.
ولادته ومنشأه
ولد رحمه الله في قرية نصير آباد من بلاد الهند سنة 1166 هـ، ولمَّا صار يميز بين اليمين والشمال. اشتغل في تحصيل العلوم على أفاضل الهند، فما زال يسير في البلاد لطلب العلوم والمعارف حتى قضى فيها الوطر، وشد رحل السفر إلى مشاهد العراق، فصار يختلف إلى أندية البحث والتحقيق بكمال الجد والسعي في التقاط لآلئ العلم عن أصداف صدور العلماء الأعلام حتى ارتقى إلى الذرورة القصوى من الكمال.
مؤلفاته ومصنفاته
- عماد الإسلام في علم الكلام، برزت منه خمس مجلدات في الأصول الخمسة وقد طبع منها التوحيد والعدل والنبوة في مطبعة عماد الإسلام في لكنهور وأمَّا الإمامة فهي تحت الطبع على ما نقل.
- أساس الأصول، في الرد على الفوائد المدنية للمحدث الأمين الاسترآبادي، طبع.
- منتهى الأفكار، في أصول الفقه، مطبوع.
- الشهاب الثاقب، في الرد على الصوفية، لم يطبع.
- شرح الصوم والزكاة من حديقة المقربين، بالفارسية، غير مطبوع.
- رسالة في الجمعة.
- رسالة استدلالية في بعض مسائل المعاملات وتعرف برسالة الأرضين.
- رسالة في أحكام أواني الذهب والفضة تعرف بالرسالة الذهبية.
- حاشية على شرح هداية الحكمة.
- الصوارم الإلهية، في النقد على ما ذكر في باب التوحيد من التحفة الإثني عشرية لعبد العزيز الدهلوي.
- حسام الإسلام، في نقض ما ذكره عبد العزيز الدهلوي في باب النبوة من كتابه المزبور، وهذان الكتابان قد طبعا في كلكتا في حياته.
- خاتمة كتاب الصوارم، في إثبات الإمامة.
- رسالة في الغيبة، في الرد على التحفة المتقدم ذكرها، مطبوعة.
- إحياء السنة، في الرد على ما ذكر في باب المعاد والرجعة من التحفة.
- ذو الفقار، في رد الباب الثاني عشر منها.
- رسالة في الجواب من أسئلة محمد سميع الصوفي.
- حاشية على شرح سلم العلوم، للمولى حمد الله في المنطق.
- المواعظ الحسينية.
- إثارة الأحزان، في مقتل الحسين عليه السلام.
- إجازة مبسوطة لولده سلطان العلماء السيد محمد.
- مسكن القلوب عند فقد المحبوب، صنَّفه عند فقد والده الشاب السيِّد مهدي، وقد نسج فيه على منوال مسكن الفؤاد لشيخنا الشهيد الثاني (رحمه الله)، لم يطبع.
مشايخه في القراءة
حضر في كربلاء المشرفة على شيخ مشايخنا المروج البهبهاني (رحمه الله)، والعلامة الأصولي الأمير سيد علي الطباطبائي (رحمه الله) صاحب الرياض والعلامة السمي الشهرستاني، ثم إرتحل إلى النجف الأشرف وتتلمذ على سميِّنا العلامة الطباطبائي صاحب الدرة (قدس الله سره)، ولم يبرح حتى برع وارتوى من حياض العلم، فصرف عزمه إلى طوس وزار مشهد الرضا (عليه السلام)، وأقام برهة من الزمان في المشهد الرضوي مشتغلاً عند الشهيد الرابع السيِّد مهدي بن السيد هداية الله الأصفهاني.
رجوعه إلى الهند
وبعد أن أخذ من العلوم حظه الأوفى ونصيبه الأوفر رجع إلى الهند سنة 1200 هـ، وألقى رحل الإقامة في لكنهور عاصمة الشيعة في بلاد الهند، وقاعدة مملكة أودة، وكان المسيطر على تلك الأقطار وقتئذ سلطانها آصف الدولة، فشمَّر عن ساق الجد في ترويج الشريعة، وتشييد الدين، وقد أقيمت في ذلك العهد أول جمعة في الهند يوم 27 رجب سنة 1200 هـ، ثم من بعده أقيمت الجماعات وأندية الذكر والمواعظ وعلت كلمة الدين وهدأت شقائق المبطلين، وأكَّب عليه الأفاضل والطلاب من كل جانب وتشعشعت أنوار علومه في تلك الآفاق.
مشايخه في الرواية
بعد أن استقر به الدار في لكنهور، واشتغل بإقامة الشعائر الإسلامية؛ استجاز من مشايخه العظام، وبعثوا له الإجازات، فهو يروي عن مشايخه المذكورين غير المروج البهبهاني فإنه توفي قبل تحرير الإجازة.
وفاته
ارتحل إلى رحمة الله في 19 رجب سنة 1235 هـ على عهد الملك غازي الدين حيدر في لكنهور، ودفن في الحسينية التي كان قد بناها.
أولاده الأعلام
كان للسيد رحمه الله خمسة بنين كلهم علماء:
- أكبرهم سلطان السيِّد محمد، وإليه انتهت الرياسة العلمية بعد أبيه، وسيأتي ذكره في عنوان مستقل إن شاء الله.
- الثاني السيد علي ولد في 18 شوال سنة 1200 هـ، وقرأ على أبيه، وكانت له المهارة في أكثر العلوم لا سيما التجويد والقراءة فإنه كان فيهما فريد دهره، وقد سافر سنة 1245 هـ إلى العراق فزار المشاهد المشرفة، وتلقاه أعاظم العلماء بتأهيل وترحاب، وعاد إلى وطنه بعد سنة واشتغل بالبحث والتأليف إلى أن شد الرحل ثانياً سنة 1306 هـ إلى زيارة مشهد الرضا (عليه السلام)، وبدأ إلى مشاهد العراق فتوفى في كربلاء المشرفة في 18 من شهر رمضان سنة 1259 هـ، ودفن في جنب قبر السيد العلامة المجاهد صاحب المناهل والمفاتيح، وتشادقت أدباء العراق في الرثاء عليه والتأبين له، وصنَّف في ذلك المولى هادي بن محمد الاسترآبادي تلميذ صاحب الضوابط كتاباً سماه المراثي الخليلة. له من المؤلفات تفسير القرآن في مجلدين ضخمين؛ األفه لمصلح الدين محمد أمجد علي شاه، ورسالة في مسألة فدك، ورسالتان في المتعة، ورسالة في التجويد، ورسالة في الرد على الأخباريين، ورسالة في إقامة التعازي للحسين (عليه السلام، ورسالة في الكلام.
- الثالث السيِّد حسن عالم فاضل مقدس معروف بالورع والتقوى مشغوف بالعبادات محتاط في الفتيا. ولد في 21 ذي القعدة سنة 1205 هـ، وقرأ على أبيه وأخيه السيد محمد، وله من المؤلفات: حاشية على تحرير إقليدس، ورسالة في تحقيق معنى إن شاء الله، ورسالة في أحكام الأموات، ورسالة في التجويد، وتذكرة الشيوخ والشبان في المواعظ، والباقيات الصالحات في الكلام، ورشحة فيض في التجويد فارسي مطبوع. توفي في 11 شوال سنة 1260 هـ عن أربع وخمسين سنة، ودفن في حسينية أبيه.
- الرابع السيد مهدي. فاضل دقيق النظر سابق على أقرانه في سلامة الطبع وجودة الفكر وحدة الذهن. ولد سنة 1298 هـ، وقرأ عند أبيه العلوم العقلية والنقلية، وله حواشي تحقيق مسائل متفرقة تشهد بفضله وعلو كماله. توفي شاباً في آخر ذي الحجة سنة 1231 هـ، وهو ابن ثلاث وعشرين سنة، فاغتم والده وشقَّ عليه هذا الفادح المكروب وألَّف في ذلك كتابه مسكن القلوب المتقدم ذكره.
- الخامس السيد حسين، وسيأتي ذكره إن شاء الله تعالى.