أحق ما رأيت أم احتلام
أَحق ما رأيت أَم اِحتلام
أَحَقٌّ ما رَأَيتُ أَمِ اِحتِلامُ
أَمِ الأَهوالُ إِذ صَحبي نِيامُ
أَلا ظَعَنَت لِنِيَّتِها إِدامُ
وَكُلُّ وِصالِ غانِيَةٍ رِمامُ
جَدَدتَ بِحُبِّها وَهَزَلتَ حَتّى
كَبِرتَ وَقيلَ إِنَّكَ مُستَهامُ
وَقَد تَغنى بِنا حيناً وَنَغنى
بِها وَالدَهرُ لَيسَ لَهُ دَوامُ
لَيالِيَ تَستَبيكَ بِذي غُروبٍ
كَأَنَّ رُضابَهُ وَهناً مُدامُ
وَأَبلَجَ مُشرِقِ الخَدَّينِ فَخمٍ
يُسَنُّ عَلى مَراغِمِهِ القَسامُ
تَعَرُّضَ جَأبَةِ المِدرى خَذولٍ
بِصاحَةَ في أَسِرَّتِها السِلامُ
وَصاحِبُها غَضيضُ الطَرفِ أَحوى
يَضوعُ فُؤادَها مِنهُ بُغامُ
وَخَرقٍ تَعزِفُ الجِنّانُ فيهِ
فَيافيهِ يَخِرُّ بِها السَهامُ
ذَعَرتُ ظِباءَهُ مُتَغَوِّراتٍ
إِذا اِدَّرَعَت لَوامِعَها الإِكامُ
بِذِعلِبَةٍ بَراها النَصُّ حَتّى
بَلَغتُ نُضارَها وَفَنى السَنامُ
كَأَخنَسَ ناشِطٍ باتَت عَلَيهِ
بِحَربَةَ لَيلَةٌ فيها جَهامُ
فَباتَ يَقولُ أَصبِح لَيلُ حَتّى
تَجَلّى عَن صَريمَتِهِ الظَلامُ
فَأَصبَحَ ناصِلاً مِنها ضُحَيّاً
نُصولَ الدُرِّ أَسلَمَهُ النِظامُ
أَلا أَبلِغ بَني سَعدٍ رَسولاً
وَمَولاهُم فَقَد حُلِبَت صُرامُ
نَسومُكُمُ الرَشادَ وَنَحنُ قَومٌ
لِتارِكِ وُدِّنا في الحَربِ ذامُ
فَإِن صَفِرَت عِيابُ الوُدَّ مِنكُم
وَلَم يَكُ بِينَنا فيها ذِمامُ
فَإِنَّ الجِزعَ جِزعَ عُرَيتِناتٍ
وَبُرقَةِ عَيهَمٍ مِنكُم حَرامُ
سَنَمنَعُها وَإِن كانَت بِلاداً
بِها تَربو الخَواصِرُ وَالسَنامُ
بِها قَرَّت لَبونُ الناسِ عَيناً
وَحَلَّ بِها عَزالِيَهُ الغَمامُ
وَغَيثٍ أَحجَمَ الرُوّادُ عَنهُ
بِهِ نَفَلٌ وَحَوذانٌ تُؤامُ
تَغالى نَبتُهُ وَاِعتَمَّ حَتّى
كَأَنَّ مَنابِتَ العَلَجانِ شامُ
أَنَخناهُ بِحَيٍّ ذي حِلالِ
إِذا ما ريعَ سَربُهُمُ أَقاموا
وَما يَندوهُمُ النادي وَلَكِن
بِكُلِّ مَحَلَّةٍ مَنهُم فِئامُ
وَما تَسعى رِجالُهُمُ وَلَكِن
فُضولُ الخَيلِ مُلجَمَةٌ صِيامُ
فَباتَت لَيلَةً وَأَديمَ يَومٍ
عَلى المَمهى يُجَزُّ لَها الثَغامُ
فَلَمّا أَسهَلَت مِن ذي صُباحِ
وَسالَ بِها المَدافِعُ وَالإِكامُ
أَثَرنَ عَجاجَةً فَخَرَجنَ مِنها
كَما خَرَجَت مِنَ الغَرَضِ السِهامُ
بِكُلِّ قَرارَةٍ مِن حَيثُ جالَت
رَكِيَّةُ سُنبُكٍ فيها اِنثِلامُ
إِذا خَرَجَت أَوائِلُهُنَّ شُعثاً
مُجَلِّحَةً نَواصيها قِيامُ
بِأَحقيها المُلاءُ مَحَزَّماتٍ
كَأَنَّ جِذاعَها أُصُلاً جِلامُ
يُبارينَ الأَسِنَّةَ مُصغِياتٍ
كَما يَتَفارَطُ الثَمَدَ الحَمامُ
أَلَم تَرَ أَنَّ طولَ الدَهرِ يُسلي
وَيُنسي مِثلَما نَسِيَت جُذامُ
وَكانوا قَومَنا فَبَغَوا عَلَينا
فَسُقناهُم إِلى البَلَدِ الشَآمي
وَكُنّا دونَهُم حِصناً حَصيناً
لَنا الرَأسُ المُقَدَّمُ وَالسَنامُ
وَقالوا لَن تُقيموا إِن ظَعَنّا
فَكانَ لَنا وَقَد ظَعَنوا مُقامُ
أَثافٍ مِن خُزَيمَةَ راسِياتٌ
لَنا حِلُّ المَناقِبِ وَالحَرامُ
فَإِنَّ مُقامَنا نَدعو عَلَيكُم
بِأَسفَلِ ذي المَجازِ لَهُ أَثامُ