أخا الدهر ما الدهر إذ ينسب

أخا الدهر ما الدهر إذ ينسب

​أخا الدهر ما الدهر إذ ينسب​ المؤلف أحمد محرم


أخا الدهر ما الدهر إذ ينسب
وأين هي الأمم الغيب
شربت العصور فأفنيتها
وما زلت من دمها تشرب
تميت وتحيي على شرعةٍ
يدور بها الزمن القلب
تثور وتسكن تقضي الأمور
فتطفو الحوادث أو ترسب
أخا الدهر أين حديث القرون
وأين المداد لمن يكتب
شهدت الممالك تزجي الجنود
وعاينتها رمماً تندب
وما حجب الدهر من سرها
فخافيه عندك لا يحجب
إليك انصرفت أضم المنى
وأبعثها نزعاً تدأب
غوالب تأخذ أقصى المدى
ويأخذها القدر الأغلب
يصرفها في أفانينها
هوىً لا يضل ولا يكذب
على ملةٍ من شعاع الضحى
يضاحكها الرونق المعجب
يجاوره أدبٌ ساطعٌ
كما جاور الكوكب الكوكب
فيا نيل أنت الهوى والحياة
وأنت الأمير وأنت الأب
ويا نيل أنت الصديق الوفي
وأنت الأخ الأصدق الأطيب
وأنت القريص الذي أقتفي
فيزهى به الشرق والمغرب
ولولاك تعذب للشاربين
لما ساغ مورده الأعذب
فإن أورث الخصب هذي العقول
فمما تعلمني تخصب
وإن أنا أطربت هذي النفوس
فصوتك لا صوتي المطرب
تسيل فتندفق الرائعات
وتجري فتستبق الجوب
قوافٍ يقود بها الحادثات
فتىً لا يقاد ولا يجنب
عصيتك إن كان لي مأربٌ
سواك فيؤثر أو يطلب
قسمت الحظوظ فمن يشتكي
وسست الحياة فمن يعتب
لئن فاتني الذهب المنتقى
فما فاتني الأدب المذهب
وهبت لك الملك ملك القريض
وذلك أفضل ما يوهب
فهل وهبت مالها أمةٌ
يظل الغرور بها يلعب
تضن عليك بنزر العطاء
ويسلبها الغي ما يسلب
تسيء إليك فلا تستطير
وتجني عليك فلا تغضب
وتقتل أبناءك النابغين
فتذهب في الحلم ما تذهب
ألم يئن أن تزع الجاهلين
فنحيا ونأمن ما نرهب
لئن وجب الحلم عمن أساء
فإن دفاع الأذى أوجب
فلا تجر إلا دماً أو ذعافاً
ولا تحفل القوم أن يعطبوا
أماناً فما بيننا ثائرٌ
وعفواً فما بيننا مذنب
عسى عقب منهمو صالحٌ
يعظم أقدار من تنجب