أخي

​أخي​ المؤلف سيد قطب


أخي أنت حرٌ وراء السدود
أخي أنت حرٌ بتلك القيود
إذا كنت بالله مستعصما
فماذا يضيرك كيد العبيد
أخي ستبيد جيوش الظلام
ويشرق في الكون فجر جديد
فأطلق لروحك إشراقها
ترى الفجر يرمقنا من بعيد
أخي قد أصابك سهم ذليل
و غدرا رماك ذراعٌ كليل
ستُبترُ يوما فصبر جميل
و لم يَدْمَ بعدُ عرينُ الأسود
أخي قد سرت من يديك الدماء
أبت أن تُشلّ بقيد الإماء
سترفعُ قُربانها... للسماء
مخضبة بدماء الخلود
أخي هل تُراك سئمت الكفاح
وألقيت عن كاهليك السلاح
فمن للضحايا يواسي الجراح
ويرفع راياتها من جديد
أخي هل سمعت أنين التراب
تدُكّ حَصاه جيوشُ الخراب
تُمَزقُ أحشاءه بالحراب
وتصفعهُ وهو صلب عنيد
أخي إنني اليوم صلب المراس
أدُك صخور الجبال الرواس
غدا سأشيح بفأس الخلاص
رءوس الأفاعي إلى أن تبيد
أخي إن ذرفت علىّ الدموع
وبللّت قبري بها في خشوع
فأوقد لهم من رفاتي الشموع
وسيروا بها نحو مجد تليد
أخي إن نمُتْ نلقَ أحبابنا
فروْضاتُ ربي أعدت لنا
وأطيارُها رفرفت حولنا
فطوبى لنا في ديار الخلود
أخي إنني ما سئمت الكفاح
ولا أنا أقيت عني السلاح
وإن طوقتني جيوشُ الظلام
فإني على ثقة... بالصباح
وإني على ثقة من طريقي
إلى الله رب السنا و الشروق
فإن عافني السَّوقُ أو عَقّنِي
فإني أمين لعهدي الوثيق
أخي أخذوك على إثرنا
وفوج على إثر فجرٍ جديد
فإن أنا مُتّ فإني شهيد
وأنت ستمضي بنصر جديد
قد اختارنا الله ف دعوته
وإنا سنمضي على سُنته
فمنا الذين قضوا نحبهم
ومنا الحفيظ على ذِمته
أخي فامض لا تلتفت للوراء
طريقك قد خضبته الدماء
ولا تلتفت ههنا أو هناك
ولا تتطلع لغير السماء
فلسنا بطير مهيض الجناح
ولن نستذل.. و لن نستباح
وإني لأسمع صوت الدماء
قويا ينادي الكفاحَ الكفاح
سأثأرُ لكن لربٍ و دين
وأمضي على سنتي في يقين
فإما إلى النصر فوق الأنام
وإما إلى الله في الخالدين