أرقت وقلبي عنك ليس يفيق

أرقتُ وقلبي عنك ليسَ يفيقُ

​أرقتُ وقلبي عنك ليسَ يفيقُ​ المؤلف ابن عبد ربه


أرقتُ وقلبي عنك ليسَ يفيقُ
وأسعدتَ أعدائي وأنتَ صديقُ
وصدَّ الخيالُ الواصلي منكَ في الكرى
بصدِّكَ عنِّي، فالفؤادُ مشوقُ
تعلَّمَ منكَ الهجرَ لما هجرتهُ
فليس له في مُقلتيَّ طريقُ
وتَأبَى عليَّ الصَّبرَ نفسٌ كئيبةٌ
وقلبٌ بأصنافِ الهمومِ رفيقُ
سُهادٌ ودمعٌ بالهمومِ توكَّلا؛
فذا موثقٌ فيها وذاكَ طليقُ
رَشاً لو رآهُ البدرُ يُشرقُ وجهُهُ
لأظلمَ وجهُ البدرِ وهو شريقُ
دقيقُ فرندِ الحُسنِ، أمّا وشاحُهُ
فيَهْفو، وأما حُجلُهُ فيضيقُ
يغضُّ زمانَ الوصلِ لمّا تطلَّعتْ
لوامعُ في رأسي لهنَّ بريقُ
سلامٌ على عهدِ الشبابِ الذي مضَى
إذِ العيشُ غضٌّ والزمانُ أنيقُ
وإذْ لبناتِ الخِدرِ نحوي تطلُّعٌ
كما لمعتْ بينَ الغمامِ بروقُ
عطابيلُ كالآرام أمّا وجوهُها
فدُرٌّ، ولكنَّ الخدودَ عقيقُ
سفرْنَ قناعَ الحُسنِ عنها فأشرقتْ
مصابيحُ أبوابِ السماءِ تَروقُ
أشِبْهَ نعاجِ الرَّملِ هل من بقيةٍ
ولو سببٌ من وصلكنَّ دقيقُ
لقد بَتَّ حبلَ الوصلِ وهو وثيقُ
حُسامٌ منَ الهِجْرانِ ليسَ يَليقُ
فلا نَيْلَ إلا أنْ أُخالسَ لحظةً
ولا وصلَ إلا أن ينمَّ شَهيقُ
وأن تبسطَ الآمالُ في ساحةِ العُلا
رجاءٌ يُداوي الشوقَ وهو يشوقُ
وإني لأبدي للوُشاةِ تبسُّماً
وإنسانُ عيني في الدموعِ غريقُ
ولي قَولةٌ في الناسِ لا أَبتغي بها
منَ الناسِ إلا أن يقالَ: صديقُ
ألا تشكرونَ اللهَ إذْ قامَ فيكمُ
إمامُ هدىً في المكرُماتِ عريقُ؟
وأحكمَ حكمَ اللّهِ بينَ عبادِهِ
لسانٌ بآياتِ الكتابِ طليقُ
خلافةُ عبدِاللهِ حجٌّ عنِ الورى
فلا رَفَثٌ في عصرِها وفسوقُ
إمامُ هدىً أحيا لنا مهجةَ الهُدى
وقد جشأتْ للموتِ فهيَ تفوقُ
حقيقٌ بما نالتْ يداهُ منَ العُلا
وما نالنا منها بهِ فحقيقُ
يدبرُ ملكَ المغْربينِ، وإنَّهُ
بتدبيرِ ملْكِ المشرقينِ خليقُ
تجلَّتْ دياجي الحيفِ عن نورِ عدلهِ
كما ذرَّ في جنحِ الظَّلامِ شروقُ
وثقَّفَ سهمَ الدينِ بالعدلِ والتُّقى
فهذا لهُ نصلٌ وذلك فُوقُ
وأعلقَ أسبابَ الهُدى بضميرهِ
فليسَ لهُ إلا بهنَّ علوقُ
وما عاقَهُ عنها عوائقُ ملكهِ
وأمثالُه عن مثلهنَّ تَعوقُ
إذا فتحتْ جنَّاتُ عدنٍ وأزلفتْ
فأنتَ بها للأنبياءِ رَفيقُ