أروم الوفاء الصعب بالمطلب السهل

أروم الوفاءَ الصعبَ بالمطلبِ السهلِ

​أروم الوفاءَ الصعبَ بالمطلبِ السهلِ​ المؤلف مهيار الديلمي


أروم الوفاءَ الصعبَ بالمطلبِ السهلِ
وأرتاد جود الحبِّ في منبتِ البخلِ
وآمنُ خوّانَ الضّمان وأقتضي
ديونيَ مقتولَ المواعيد بالمطلِ
إلى كم وفي صبري على هجركم دمي
أعينكم يا هاجرين على قتلي
فظنتُ فلا قلبي يقرُّ على الأذى
إباءً ولا عيني تنام على الذلِّ
متى سقتِ العينُ الربوعَ فلا تزل
ربوعكمُ من بخل جفنيَ في محلِ
أأستاق بالبيداء جسما أرثُّه
وأُبلي وقلبي مستعار بلا شغلِ
وأحلو ولي بين الضلوع مرارةٌ
لصماءَ منكم لا تمرُّ ولا تُحلي
وأترك في بغدادَ من لا يبيعني
بمال ولا يرتاح دوني إلى أهلِ
غدرتم وقد ترقا دموعٌ كما جرت
ويبردُ شوقٌ نافرٌ بعد ما يغلي
ومالي وفخر الملك جارى نصره
بنفس كنفس لا أضنّ ولا أغلي
وعلَّم عزّاً كلَّ قلبٍ ووسَّمتْ
يداه ببسط الجود كلَّ يدٍ غفلِ
رأى غير معقول على الغيب رأيه
وجاد فخيط المزن ليس بمنحلِّ
وأعجز قولَ السائلين نوالُه
وإن كان حظِّي منه يمشي على مهلِ
أرى عارضاً قد طبّق الأرضَ ماؤه
وعتم وربعي منه ليس بمتبلِّ
وجارين لو مسُّوا غباري تجمّلوا
وقد وصلوا بعدي وقد وصلوا قبلي
ولم أغنِ عنهم غير من طال نبته
وطاب ولم أذهب إلى نابت البقلِ
أتوسع قدّامي وحاش قياسكم
خطى قدمٍ لو قد حذت ما حذت نعلي
وأُلقي ضياعاً لا لساني ولا يدي
ببسط وقبض لا لعقدٍ ولا حلِّ
شرائط نعماكم وإحسان جودكم
ترى جذبكم ضبعي وحملكم ثقلي
فإنكم لو تنفضون عيابكم
لعزَّ على التفتيش أن تجدوا مثلي
فلا تحملوا سرَّ الأمور وغيبها
على ظاهرٍ تحت القناعة مختلِّ
وكم من حسام قاطع بفلوله
وآخر نابٍ بالطلاوة والصقلِ
ومنتخبات إن دهى الشعرَ هجنةُ ال
أبوّة راحت وهي مخبورةُ الأصلِ
إذا ما رأيتَ النجم منها مشرقا
شهدتَ ولم ينسب أبا أنه نجلي
خدمتُ قريباً قائماً فمشافها
بها وبعيداً قبلُ بالكتب والرسلِ
فلم أحظَ من إحسانها واحتوائها
على كلّ معنى دقّ أو منطق فصلِ
وهل نافعي يوماً وحظّيَ قاعدٌ
إذا نهضت بي همّتي أوسعت رجلي
ولمّا مننتم بالندى فعطفتم
عليّ وأعلقتم بمعروفكم حبلي
حماني نداكم صفوه وحلاله
خبيثُ اللسان دونكم كدرُ الفعلِ
إذا مضغ الأعراضَ كان عدوُّه
ومولاه في فيه خليقين بالأكلِ
أأعدُله هيهات أظلمه إذن
ومن لم ير الإحسانَ لم يُصغ للعذلِ
أمانيُّ لي فيكم أمات نشاطها
فلا كان من قبل الأمانيِّ في حلِّ
وما والذي أحيا بك الجودَ بعدما
لها الناسُ عنه واطمأنّوا إلى الثُّكل
جزعتُ لوفر أخطأتني سماؤه
وصابت بطلٍّ أرضَ غيريَ أو وبلِ
فإني على عضّ الزمان وحمله
صليبُ قناة الصبر جلدٌ على الثّقلِ
أحبّ الجدا يأتي جميلا منوِّها
وأقلي الغنى المجنوبَ في رسن الذلِّ
ولكن يظنّ الناسُ أنك مانعي
لزهدك في مدحي وشكِّك في فضلي
ويقضون فيّ أنّني غيرُ موضعٍ
بطرحك أمري للصنيع ولا أهلِ
ومن كان في أيّام ملكك خاملا
ففي أي ملكٍ يستريش ويستعلي
نحلنا ملوكا قبلك المدحَ فانتفت
خلائقُ غشٍّ لن تصحّ على النَّحلِ
وكنّا حلى دولاتهم فتضاءلتْ
على الطوق عنقٌ عوِّدت حلقَ الغُلِّ
فما استعذبوا طعم الثناء ولا رأوا
مفارقةً بين السماحة والبخلِ
ولا فطنوا أن يجلسوا ووفودُهم
يميسون في الألطاف منهم وفي الفضل
فسوّوا بحكم اللؤم في المنع بيننا
وعمّوا كما سوّيت في الجود والبذلِ
علاً عشيت أيامهم عن شعاعها
فمرّوا وخلَّوها لأيّامك النُّجلِ
نشرتَ أساطير الكرام فشوهدت
أخابيرُ كانت تسترابُ مع النقلِ
فأحييتهم بالجودِ ثم فضحتهم
بفضلٍ وكانوا من جنابك في قتلِ
أبنيِّ ونوِّهْ بي فربَّ صنيعةٍ
زكا لك فرعاها ولم تشق بالأصلِ
بقيتَ بلا بعدٍ تراعي انتظاره
كما أنت إن عدّ الملوكُ بلا قبلِ
يَعُدُّ لك الأعيادَ متصل العرى
من العمر منظومُ العلائق في الشملِ
مدى الدهر ما لبَّوا فطافوا فحلّلوا
عن البدنِ يومَ النحر مثنيّةَ العقلِ
وما نسلوا للنفر داعين من منى
رعى الله فخر الملك للحرثِ والنسلِ
تمدّ بحبلٍ غيرِ منتقض القوى
وتسكن عزّاً غيرَ منتقلِ الظلِّ