أرى الإنسان يطغى حين يغنى

أرى الإنسانَ يطغى حينَ يغنى

​أرى الإنسانَ يطغى حينَ يغنى​ المؤلف مصطفى صادق الرافعي


أرى الإنسانَ يطغى حينَ يغنى
وما أدنى الهبوطَ من الصعودِ
يظنُّ الناسَ من خلقٍ قديمِ
ويحبسهُ أتاهم من جديدِ
كما تعمى البهائمُ حينَ ترعى
عن الشوكِ الكثيرِ لأجلِ عودِ
متى كانتْ جيوبكَ من نضارٍ
فقد صارتْ جنوبكَ من حديدِ
ومن عجبٍ يكونُ المالُ تاجاً
وحبُّ المالِ أشبهُ بالقيودِ
فيا أسفاً على الفقراءِ أمسوا
كمثلَ العودِ جُفِّفَ للوقودِ
دموعهم دنانيرٌ ولكن
تعامى الناسُ عن هذي النقودِ
أليسَ من التغابُنِ وهو ظلمٌ
جزاءُ السَّعي يعطى للقعودِ
ومن يحصدْ فإنَّ الويلَ أن لا
يذودَ الطيرَ عنْ حبِّ الحصيدِ
ومن يحملْ على عنقٍ حساماً
فقد ظمأ الحسامُ إلى الوريدِ
وما زال الورى بعضُ لبعضٍ
حسوداً يتقي شرَّ الحسودِ
يقولُ الناسُ إن المالَ ماءٌ
بهِ يحيى المجدُّ معَ البليدِ
أكالماءِ المرشحِ ما تراهُ
حوى الكدرينِ من طينٍ ودودِ
وأينَ البحرُ يضطربُ اضطراباً
من المستنقعاتِ على ركودِ
كذا خُلقَ الأنامُ فمن شقيٍّ
يلازمهُ الشقاءُ ومن سعيدِ
ومن يسخطْ على زحلٍ فلمْ لا
يدير بكفهِ نجمَ السعودِ
وكم بينَ النحاسِ وإن جلوهُ
وبينَ توهجِ الذهبَ الشديدِ
نواميس جرتْ في الكونِ قدماً
ليتَّضحَ الفناءُ من الخلودِ