أرى برق الغوير إذا تراءى

أرى برقَ الغويرِ إذا تراءى

​أرى برقَ الغويرِ إذا تراءى​ المؤلف البرعي


أرى برقَ الغويرِ إذا تراءى
بأقصى الشامِ زودني بكاءَ
و ماعبرَ الصبا النجديُّ إلاَّ
ليمطرَ ناظري دماً وماءَ
تقسمني الهوى العذريُّ هما
وسقما لا أرى لهما دواءَ
و أمرضني الطبيبُ فيا لقومي
طبيبٌ زادني بدواهُ داءَ
فما للعاذلينَ وطولِ عذلي
جعلتُ لمنْ أحبهمُ فداءَ
أكاتمُ عنهمُ عبراتِ وجدي
و أختلقُ السلوَّ لهمْ رداءَ
مضتْ أيامُ جيرتنا بنجدٍ
فأصبحَ كلُّ ما وهبتْ هباءَ
أمنكر الإخاءِ بغيرِ جرمٍ
علامَ وفيمَ تنكرني الإخاءَ
فدعني والذينَ أرى حياتي
و موتي بعدَ ما رحلوا سواءَ
بحقكَ هلْ سألتَ حلولَ نجدٍ
ألمٍ يجدوا لفرقتنا التقاءَ
و هلْ لكَ بالخبا المضروبِ علمٌ
فتعلمني بمنْ ضربَ الخباءَ
بقيتُ أسائلُ الركبانَ عمنْ
أقامَ بذي الأراكِ ومنْ تناءى
و في أكنافِ طيبةَ هاشميٌّ
تصرفهُ السماحةُ حيثُ شاءَ
إمامُ المرسلينَ ومنتقاهمْ
حوى الخيراتِ ختماً وابتداءَ
تناهى فخرُ كلِّ أخى فخارٍ
و لنْ تلقى لمفخرةِ انتهاءَ
كفتهُ كرامةُ المعراجِ فضلاً
بها في القربِ سادَ الأنبياءَ
سرى منْ مكةٍ ببراقِ عزٍّ
لأقصى مسجدٍ وعلاَ السماءَ
مفتحةً لهُ الأبوابُ منها
يجاوزها إلى العرشِ ارتقاءَ
فسرَّ بهِ الملائكةُ ابتهاجاً
و صلى خلفهُ الرسلُ اقتداءَ
و كلمَّ ربهُ منْ قابَ قوسٍ
و ألهمَ في تحيتهِ الثناءُ
فقالَ اللهُ عزَّ وجلَّ سلني
فلستُ أشاءُ إلا أنْ أشاءَ
خزائنُ رحمتي لكَ فاقضِ فيها
بحكمكَ لستُ أمنعكَ العطاءَ
و شفعهُ الإلهُ بكلِّ عاصٍ
و كلِّ مقصرٍ يخشى الجزاءَ
وشرفهُ على الثقلينِ قدراً
و حقق في المعادِ له الجزاءَ
نبيٌّ ما رأته الشمسُ إلا
وكلتْ منْ محاسنهِ حياءَ
عظيمٌ إنْ تواضعَ عنْ علوٍ
كبيرٌ ليسَ يرضى الكبرياءَ
حوى جملَ الكلامِ فقالَ صدقاً
و أحسنَ في السؤالِ وما أساءَ
أبادَبدينهِ الأديانَ حقاً
و كانتْ قبلُ زوراً وافتراءَ
زمامُصوافنٍ شهدتْ مغازٍ
وحدُّ صوارمٍ قطرتْ دماءَ
سيدُ سادةٍ في كلِّ ثغرٍ
يروى البيضَ والأسلَ الظماءَ
فلاَ برحَ الغمامُ يصوبُ أرضاً
دفنا الجودَ فيها والسخاءَ
و ذلكَ خيرُ منْ حملتهُ أمٌّ
و منْ لبسَ العمامةَ والرداءَ
أنخْ بجنابةِ الأنضاءَ وابذلْ
لزائرهِ المودةَ والصفاءَ
وقلْ للركبِ إنْ هجعوا فإني
أرى برقَ الغويرِ إذا تراآى
أما جبريلُ روحُ اللهِ وجداً
بمنْ تحتَ الكسا وردَ الكساءَ
نحنُ لذكرهِ طرباً وشوقاً
فتحسبنا تساقينا الطلاءَ
و ما لى لا أحنُّ إلى حبيبٍِ
ثملتُ براحِ مدحتهِ انتشاءَ
رسولُ اللهِ أعلى الناسٍ قدراً
و أكرمهموأزحمهم فناءَ
منْ اختارَ الوسيلةَ في المعالي
و منْ أوتى الوسيلةَ واللواءَ
شفيعُ المذنبينَ أثقلْ عثاري
فإنكَ خيرُ منْ سمعَ النداءَ
دعوتكَ بعدَ ما عظمتْ ذنوبي
و ضاعَ العمرُ فاستجبِ الدعاءَ
و منْ لي أنْ أزوركَ بعدَ بعدٍ
صباحاً يا محمدُ أوْ مساءَ
و ألثمُ تربةً نفحتْعبيراً
و أنظرُ قبةً ملئتْ ضياءَ
و إنْ كنتُ المصرَّ على المعاصي
فكنْ للداءِ منْ ذنبي دواءَ
و هبْ لي منكَ في الدارينِ فضلاً
و أوردني منَ الحوضِ ارتواءَ
وصلْ عبدَ الرحيمِ ومنْ يليهِ
بحبلِ الأنسِ واكفهمُ البلاءَ
جزاكَ اللهُ عنا كلَّ خيرٍ
و زادكَ يا ابنَ آمنةٍ سناءَ
عليكَ صلاةُ ربكَ ما تبارتْ
صبا نجدٍ نسيماً أو رخاءَ
و لاَ برحتْ تحياتيتحيي
صحابتكَ الكرامَ الأنقياءَ