أرى جارتي خفت وخف نصيحها

​أرى جارتي خَفّتْ وخفّ نَصيحُها​ للشاعر عمرو بن قميئة


أرى جارتي خَفّتْ، وخفّ نَصيحُها
وحبّ بها، لولا النّوى، وطُمُوحها
فَبِينيِ عَلَى نَجْمٍ شَخِيسٍ نُحُوسُهُ؛
وَأَشْأَمُ طَيْرِ الزَّاجِرِينَ سَنِيحُهَا
فَإنْ تَشْغَيِ فَالشَّغْبُ مِنِّي سَجِبَّةٌ
إذا شِيمتي لم يُؤتَ منها سَجِيحُها
أُقَارِضُ أَقْوَاماً، فَأُوْفِي قُرُوضَهُمْ
وعَفٌّ إذَا أَرْدَى النُّفُوسَ شَحِيحُهَا
على أنّ قومي أَشْقذوني فأصبحت
دياري بأرض غيرِ دانٍ نُبُوحُها
تَنفَّذَ مِنْهُمْ نافِذَاتٌ فَسُؤْنَنِي
واَضْمَرَ أَضْغاناً عَلَىَّ كُشُوحُهَا
فقلت: فراقُ الدارِ أجملُ بينِنا
وقضدْ يَنْتَئِ عن دَارِ سَوْءٍ نَزِيحُهَا
على أنني قد أدّعي بأبيهم
إذا عَمّتِ الدّعوى وثابَ صَريحُها
وأني أرى دِيني يُوافق دِينَهُم
إذا نسكوا أفراعُها وذَبيحُها
بِوُدِّكِ ما قَوْمِي علَى أَنْ تَركْتِهِمْ
سُلَيُمَي إذَل هَبَّتْ شَمَالٌ وريِحُهَا
وغَابَ شُعَاعُ الشَّمْسِ في غيْرِ جُلْبَةٍ
ولا غَمْرَةٍ إلاَّ وَشِيكاً مُصُوحُهَا
وَهاجَ عَماءٌ مُقشَعِرٌ كَأَنَّهُ
نَقِيلةُ نَعلٍ بانَ منها سَريحُها
إذا عُدم المحلوبُ عادت عليهمُ
قدورٌ كثيرٌ في القِصاع قَدِيحها
يثوبُ عليهم كلُّ ضيفٍ وجانبٍ
كما ردَّ دَهداه القلاص نضيحُهَا
بأيديهم مقرومةٌ ومغالقٌ
يعود بأرزاق العِيال مَنيحها
وملومةٍ لا يخرقُ الطرفُ عرضها
لها كوكبٌ فخمٌ شديدٌ وُضوحُها
تسيرُ وتُزجي السّمَ تحت نُحورها
كريهٌ إلى مَنْ فاجأته صَبوحُها
على مُقذحِرَّاتٍ وهنَّ عوابسٌ
ضبائرُ موتٍ لا يُراح مُريحا
نَبذنا إليهم دعوةً يالَ مالك
لها إربةٌ إن لم تجد مَنْ يُريحُهَا
فسُرنا عليهم سَورَةً ثعلبيَّةً
وأسيافنا يجري عليهم نضوُحُهَا
وأرماحُنَا ينهزنهُمْ نَهْزَ جُمَّةٍ
يعود عليهم وِرْدُنا فَنَميحُها
فَدَارَتْ رحَانَا ساعةً ورحاهُمُ
ودرّت طِباقاً بعد بكءٍ لُقُوحُها
فَمَا أتلفتْ أيديهمُ من نُفوسنا
وإنْ كرُمتْ فإنَّنا لا ننوُحها
فَقُلنا هِيَ النُهبى وَحَلَّ حَرامُها
وكانت حمىً ما قَبْلنا فنُبيحُها
فَأُبْنا وآبوا كلّنا بمَضيضةٍ
مُهملَةٍ أجراحُنا وجُرُوحُهَا
وَكُنّا إِذا أَحلامُ قَومٍ تَغَيَّبَت
نَشِحُّ عَلى أَحلامِنا فَنُريحُها