أستغفر الله لا مالي ولا ولدي

أستغفر الله لا مالي ولا ولدي

​أستغفر الله لا مالي ولا ولدي​ المؤلف ابن نباتة المصري


أستغفر الله لا مالي ولا ولدي
آسي عليه إذا ضم الثرى جسدي
عفتُ الاقامةَ في الدنيا لو انشرحت
حالي فكيفَ وماحظي سوى النكد
وقد صدئتُ ولي تحتَ الترابِ جلاً
إنّ الترابَ لجلاءٌ لكلّ صدي
لا عارَ في أدبي إن لم ينل رتباً
وإنما العارُ في دهري وفي بلدي
هذا كلامي وذا حظي فيا عجباً
مني لثروة لفظٍ وافتقار يد
انسان عينيَ أعشته مكابدةٌ
وانما خلقَ الانسانُ في كبد
وما عجبت لدهر ذبتُ منه أسىً
لكن عجبتُ لضدٍ ذاب من حسد
تدورُ هامتهُ غيظاً عليَّ ولا
والله ما دارَ في فكري ولا خلدي
من لي بمرّ الردى كيما يجاورني
رباً كريماً ويكفيني جوار ردي
حياةُ كل امرىءٍ سجنٌ بمهجتهِ
فاعجب لطالبِ طول السجن والكمد
أما الهمومُ فبحرٌ خضتُ زاخرهُ
أما ترى فوقَ رأسي فائض الزبد
وعشت بين بني الأيام منفرداً
وربّ منفعةٍ في عيشِ منفرد
لأتركنّ فريداً في التراب غداً
ولو تكثرَ ما بين الورى عددي
ما نافعي سعةٌ في العيش أو حرجٌ
إن لم تسعني رحمى الواحدِ الصمدِ
يا جامعَ المالِ إن العمر منصرمٌ
فابخل بمالكَ مهما شئتَ أو فجدِ
ويا عزيزاً بخيطُ العجبُ ناظرهُ
أذكر هوانك تحت الترب واتئد
قالوا ترقى فلانُ اليومَ منزلةً
فقلت ينزلهُ عنها لقاء غدِ
كم واثقٍ بالليالي مدّ راحتهُ
الى المرامِ فناداه الحمامُ قدِ
وباسطٍ يدهُ حكماً ومقدرةً
ووارد الموت أدنى من فمٍ ليد
كم غير الدهرُ من دارٍ وساكنها
لا عن عميد ثنى بطشاً ولا عمد
زالَ الذي كان للعليا به سندٌ
وزالتِ الدار بالعلياء فالسند
تباركَ الله كم تلقى مصائدها
هذي النجومُ على الدانين والبعد
تجري النجوم بتقريب الحمام لنا
وهنّ من قربه منها على أمدِ
لا بدّ أن يغمسَ المقدارُ مديته
في لبة الجدي منها أو حشى الأسد
عجبت من آملٍ طولَ البقاءِ وقد
أخنى عليه الذي أخنى على لبد
يجرّ خيط الدجى والفجر أنفسنا
للتربِ ما لا يجرّ الحبل من مسد
هذي عجائب تثني النفس حائرةً
وتقعد العقلَ من عيّ على ضمدِ
مالي أسرّ بيوم نلت لذته
وقد ذوى معه جزءٌ من الجسد
أصبحت لا أحتوي عيش الخمول ولاَ
الى المراتب أرمي طرفَ مجتهد
جسمي الى جدثي مهوايَ من كثب
فكيف يعجبني مهوايَ من صعد
لا تخدعن بشهدِ العيش ترشفه
فأي سمٍّ ثوى في ذلك الشهد
و لا تراعِ أخا دنيا يسر بها
ولا تمار أخا غيٍ ولا لدد
وان وجدت غشوم القوم في بلدٍ
حلاً فقل أنتَ في حلٍ من البلد
لأنصحنك نصحاً إن مشيت به
فيالهُ من سبيلٍ للعلى جدد
إغضاب نفسك فيما أنتَ فاعله
رضى مليكك فاغضبها ولا تزدِ