أشد بأيامنا لتشهرها
أشدْ بأيامنا لتَشهرَها
أشدْ بأيامنا لتَشهرَها
وقلْ بها معلناً لتُظهرَها
وابغ ازدياداً بنشْر أنعُمها
لا تخف إحسانها فتكفُرها
مِنْ حَلَبِ الصُّنعِ أن تبادر بالنْ
نِعمة مُوليكها فتشكرها
إنّا غدونا على خلال فتىً
كرَّمها رَبُّنا وطهَّرها
باكَرنا بالصَّبوح مُدَّلجاً
لنشوةٍ شاءها فبكَّرها
عاج بنا مائلاً إلى حِلَلٍ
قصورِ مُلكٍ له تخيرها
من إرثه عن أبي مُحمَّده
يا لك مأوى العلا ومفخرَها
أحكمَ إتقانها بحكمته
وشاد بنيانها وقدرها
وسْط رياض دنا الربيع لها
فحاك أبرادها ونشَّرها
وجادها من سحابه دِيَمٌ
ورَّد أنوارها وعَصْفَرها
وساق ما حولها جداولُها
فشق أنهارها وفجّرها
فارتوتِ الماء من جوانبها
فزانها ربُّنا ونضّرها
فهْي لفرط اهتزاز رونقها
تُخيلُ نطقاً لمن تبصّرها
كأنها في ابتهاج زهرتها
وجهُ فتى للسرور يَسَّرها
إذا بدا وجهُهُ لزهرتها
حار لها تارةً وحيرها
واختار من أحسن السقوف لها
أفضلها قيمةً وعَرْعرها
مُشْعَرةً بالشموس من ذهب
بين عيون تنير مُشْعرَها
كأنها في احمرارها شُمُسٌ
يعشَى لها من دنا فأبصرها
أمامها بركة مرخَّمةُ
ترضى إذا ما رأيت مرمرها
أعارها البحر من جداوله
لُجًّا غزير المياه أخضرَها
كأنما الناظر المُطيفُ بها
فوق سماءٍ حنَى لينظرها
رِباعُ مُلك يريك منظرُها
أنبلَ ذي بهجة وأكبرها
لو قابلتْها نُبُلاً خلائقنا
لم نكُ في حسنها لنَعشِرها
ثم أتى مُبدعاً بمائدةٍ
عظَّمها جاهداً وكبرها
محفوفةً شهوةَ النفوسِ على
أحسنِ نَضْدٍ تروق مُبْصرها
تخالها في الرُّواء من سعةٍ
كدارةِ البدر حين دوَّرها
ثم انثنينا إلى الشراب وقد
جاء بآلاته فأَحضرها
من تُحَفٍ ما تُغِبُّ فائدةً
لم تكُ في وهمنا ولم نرها
وَقينةٍ إن مُنِحْتَ رؤيتَها
رَضِيتَ مسموعَها ومنظرها
إذا بدَتْ لِلعيون طلعَتُها
أبدتْ لها سرَّها ومُضْمَرها
شمسٌ من الحسن في مُعَصفرةٍ
ضاهتْ بلونٍ لها مُعصفرها
في وجناتٍ تحْمَرُّ من خجلٍ
كأن ورد الربيع حمَّرها
يسعَى إليها بكأسه رشأٌ
أنَّثَهُ الله حينَ ذكَّرها
تُشْبه أعلاهُ لا تُغادِرهُ
وينْثني مشْيها مؤزَّرَها
يقول من رآهُ وعاينَها
سبحان من صاغه وصورها
في كفّه كالشِّهاب لاح على
ظلماء ليلٍ دجتْ فنوَّرها
كأن زُرْقَ الدَّبا جوانبها
تاحَ لها تائحٌ فنفَّرها
إن برزتْ للهواء غيَّرها
أو قُرِعَتْ بالمزاج كدَّرها
فليسَ لِلشَّارب الحصيف سوى
أن تتراءى له فَيَبْدُرها
ثم أتت سرّعاً مجامرُهُ
تمنحها نَدَّها وعنبرها
يا لذةً للعيون قد عَلِمتْ
بأنها جُمِّعت لتبهرها
أو شهوةً للنفوس ما برحت
تُبدي لنا حسنها لنشهرها
يا حسرتي كيف غاب وهب ولم
يكن لنا حاضراً فيحضُرها
إذا أتى سالماً كمُنيتنا
أعادها محسناً وكررها
أحسنُ من كل ما بَدأتْ
به أخلاقُهُ إذْ بدا وأظهرَها
من كرمٍ يستبي مُعاشِرَهُ
وعشرةٍ لا نذُمُّ مَخبرها
وخدمةٍ للصديق دائمةً
تَجشَّمها النفسُ كي يوقرها
تواضعٌ لا تشوبُهُ ضَعةٌ
وشيمةٌ لا يرى تفترها
أيا خلال كَمُلْنَ فيه لقد
حسَّنها الله ثم كثَّرها
ويا أبا القاسم اغتنِمْ مِدَحي
تغنمْ من المكرُمات أفخرَها
واعلم بأني امرُؤٌ إذا سنحتْ
للفظه المأثُراتُ حبَّرها
ثم حدا نطقَها بفطنته
فساقها مُوشكاً وسيَّرها
ها إنها مِدحةٌ مبالغةٌ
إن امرُؤٌ منصِفٌ تدبَّرها