أطعت الغي في حب الغواني

أَطَعْتُ الْغَيَّ فِي حُبِّ الْغَوَانِي

​أَطَعْتُ الْغَيَّ فِي حُبِّ الْغَوَانِي​ المؤلف محمود سامي البارودي


أَطَعْتُ الْغَيَّ فِي حُبِّ الْغَوَانِي
وَ لمْ أحفلْ مقالةَ منْ نهاني
وَمَا لِي لاَ أَهِيمُ وَكُلُّ شَهْمٍ
بِحُبِّ الْغِيدِ مَشْغُوفُ الْجَنَانِ؟
وَلِي فِي الأَرْبَعِينَ مَجَالُ لَهْوٍ
تنالُ يدي بهِ عقدَ الرهانِ
فكيفَ أذودُ عنْ نفسي غراماً
تضيفَ مهجتي باسمِ الحسان
أبحتُ لهُ الفؤادَ، فعاثَ فيهِ
وَحَقُّ الضَّيْفِ إِعْزَازُ الْمَكَانِ
فدعني منْ ملامكَ؛ إنَّ قلبي
أبيٌّ لا يقرُّ على الهوانِ
فما بالحبَّ عارٌ أتقيهِ
وَ إنْ أخنى على الدمعِ الزمانُ
رضيتُ من الهوى بنحولِ جسمي
وَمِنْ صِلَةِ الْبَخِيلَةِ بِالأَمَانِي
وَ لستُ بطالبٍ في الناسِ خلاًّ
يناصحني؛ فعقلي قدْ كفاني
فَإِنْ يَكُنِ الْهَوَى قَدْ رَاضَ نَفْسِي
فَلَسْتُ لِغَيْرِهِ سَلِسَ الْعِنَانِ
أَشَدُّ مِنَ الصُّخُورِ الصُّمِّ قَلْبِي
وَ أرهفُ منْ شبا سيفي لساني
وَلَوْ كَانَ الْغَرَامُ يَخَافُ بَأْساً
أَمَلْتُ إِلَيْهِ كَفِّي بِالسنَانِ
فكمْ بطلٍ خضبتُ الأرضَ منهُ
بأحمرَ منْ دمِ التأمورِ قاني
وَ ما أنا بالذليلِ أردتُ ختلاً
وَ لكني أزفُّ إلى الطعانِ
وَلِي فِي «سَرْنَسُوفَ» مَقَامُ صِدْقٍ
أَقَرَّ بِهِ إِلَيَّ الْخَافِقَانِ
وَ ما أبقتْ بهِ الأشواقُ مني
سوى رمقٍ تجولُ بهِ الأماني
وَ يسلبُ أنفسَ الأبطالِ سيفي
وَ تسلبُ مهجتي حدقُ الحسانِ
فَلَوْ بَرَزَ الْحِمَامُ إِلَيَّ شَخْصاً
دلفتُ إليهِ بالسيفِ اليماني