أعرض عن الخير ما استطعتا

أعرض عن الخير ما استطعتا

​أعرض عن الخير ما استطعتا​ المؤلف محيي الدين بن عربي



أعرض عن الخير ما استطعتا
 
فالخيرُ يأتيكَ إن أطعتا
لبَّاكَ ربُّ العبادِ لما
 
دعوتَ بالصدقِ لو سمعتا
وقال يا عبدُ كُنْ حفيظاً
 
لكلِّ ما أنت قد جمعتا
واصدعْ بأمرِ الإلهِ تبصرْ
 
نتيجة الصدقِ إنْ صدعتا
وانزعْ لهُ رتبة َ المعالي
 
يحمَدْ مسعاكَ إنْ نزعتا
واكرع إذا ما وردتَ حوضا
 
فالريُّ مضمونٌ إنْ كرعتا
لا تطمعنْ إنْ رأيتَ ربحاً
 
فالخسرُ يأتيكَ إنْ طمعتا
إنْ قلت في حكمة بأمر
 
مستحسنٍ أنتَ قدْ شرعتا
فلا تكن ذا هوى ورأي
 
ولا تقس جهد ما استطعتا
ولا تقلِّد ولا تعلل
 
إنْ أنت من أرسل ابتعتا
إنْ كنتَ عيسى وكنت تشفى
 
إليه من فوركم رفعتا
أو كنتَ عيسى وكنتَ تحيـي
 
ميتَ أجداثِه وضعتا
أو كنتَ عيناً لكلِّ كونٍ
 
وفته رحمته برعتا
قد كنتَ للطبعِ في سفال
 
تحصد فيه الذي زرعتا
حتى إذا ما انتهيتَ فيه
 
رفعك الله فارتفعتا
تحشر في عينِ كلِّ كونٍ
 
تنظرُ فيهِ الذي صنعتا
منْ كلِّ خيرٍ وكلِّ شرٍّ
 
علمت فيه لما جمعتا
لله حبلٌ فصِلْه تصعدْ
 
فإنْ تكنْ حبلهُ قطعتا
شقيتَ فانظرْ بأيِّ أرضٍ
 
يكون مثواكَ إنْ وقعتا
إنَّ لكَ الخيرَ منهُ حتماً
 
إنْ أنتَ في حقهِ انتجعتا
أو كنت ذا فتنة ٍ بولدٍ
 
أصبحت فيه وقد فجعتا
 
بالصوم أو كنت فيه جعتا
أصبتَ خيراً بكلِّ وجهٍ
 
وتهتَ تيهاً بهِ وضعتا
ما كلُّ وقتٍ يكون فرداً
 
يخلعُ عنكَ الذي خلعتا
أو يمنعُ الله عنكَ أمرا
 
قد كنتَ من قبله منعتا
ما الشان أن تشتري نفوسَ
 
بيعَ فضولٍ فما انتزعتا
منْ ملكهِ ما شريتُ منهُ
 
حتى اشتراه وما ارتجعتا
ضاقتْ سماءُ الإلهِ عنهُ
 
وأنت ربُّ العلى وسعتا
من غير كيفٍ ولا احتيالٍ
 
لوْ لمْ يرَ ذاكَ ما استعتا
وسعتنا رحمة ً وعلماً
 
إذ لكَ يا ربنا اصطنعتا
يستفهمُ اللهُ كلَّ عبدٍ
 
في علمهِ منهُ هل شبعتا؟
فقلْ لهُ: ربِّ إنَّ جوعي
 
ما ينقضي للذي شرعتا
من كنت فيه أو كنت منه
 
أو كنته عنك ما رجعتا
فلا تقلْ للذي أتاني
 
من عندكم رحمة قنعتا
إنْ غبتَ في الغربِ عنهُ شمساً
 
عليه من شرقه طلعتا
إنْ أنتَ جاهدتَ لا تبالي
 
بأيّ جنبٍ فيه صرعتا
قد كنتَ عبداً فصرتَ ملكاً
 
لذاكَ واللهِ ما انتفعتا
إنْ كان هو أنت لا تكنه
 
واحذر من القرعِ إنْ قرعتا
فإن دعاك الرسولُ يوماً
 
فافزع إليه إذا فزعتا
وحاذر الأمر من قريبٍ
 
تسعد فيه إذا جزعتا
يعلو بكَ النهرُ في انحدارٍ
 
لو جرعة منه قد جرعتا
وإنْ دعا للوصالِ يوماً
 
فأنتَ واللهِ ما انقطعتا
المكر من شيمة ِ الموالي
 
لا تنخدع فيه إن خدعتا
تقبضْ عندَ الرحيلِ حتماً
 
على الذي فيه قد طبعتا
من أعجبِ الأمرِ أنَّ قولا
 
تجابُ فيهِ وما سمعتا
لأنه لم يكن كلامٌ
 
عنكَ ولا عنهمُ انقطعتا
انظر إلى قوله تعالى
 
في أ÷لِ كهفِ لو اطلعتا
ملئت رعباً فازددت بُعداً
 
ومع هذا فما اندفعتا
يا أشجعَ الناسِ في نزالٍ
 
أنتَ بتثبيته شجعتا
قد جعلَ الله يا حبيبي
 
بيدكَ الخيرَ إنْ قنعتا