أعطى الشباب من الآراب ما طلبا

أعطى الشبابَ منَ الآرابِ ما طَلَبا

​أعطى الشبابَ منَ الآرابِ ما طَلَبا​ المؤلف ابن الخياط



أعطى الشبابَ منَ الآرابِ ما طَلَبا
 
وراحَ يختالُ في ثوبيْ هوى ً وصِبا
لَمْ يُدْرِكِ الشَّيْبُ إلاّ فَضْلِ صَبْوَتِهِ
 
كَما يُغادِرُ فَضْلَ الكأسِ مَنْ شَرِبا
رأى الشَّبِيبَة َ خَطّاً مُونِقاً فَدَرى
 
أنَّ الزَّمانَ سيمْحُو مِنْهُ ما كَتَبا
إنَّ الثَّلاثِينَ لَمْ يُسْفِرْنَ عَنْ أحَدٍ
 
إلا ارتَدى بِرِداءِ الشَّيْبِ وانتَقَبا
وَالْمَرْءُ مَنْ شَنَّ فِي الأيَّامِ غارَتَهُ
 
فبادَرَ العيشَ باللَّذاتِ وانتهبَا
ما شاءَ فليتَّخِذْ أيّامَهُ فُرَصاً
 
فَلَيْسَ يَومٌ بِمَرْدُودٍ إذا ذَهَبا
هلِ الصِّبى غيرُ محبوبٍ ظَرِفْتُ بهِ
 
لَمْ أقْضِ مِنْ حُبِّهِ قَبْلَ النَّوَى أرَبا
إنِّي لأحْسَدُ مَنْ طاحَ الغَرامُ بهِ
 
وجاذَبَتْهُ حِبالُ الشوْقِ فانْجَذَبا
والعَجْزُ أنْ أتْرُكَ الأوْطار مُقْبِلَة ً
 
حتّى إذا أدْبَرَتْ حاوَلْتُها طَلَبا
مالِي وللْحَظِّ لا ينفكُّ يقذِفُ بي
 
صُمَّ المطالِبِ لا وِرْداً ولا قَرَبا
أصبَحْتُ فِي قَبْضَة ِ الأيّامِ مُرْتَهَناً
 
نائِي المَحَلِّ طَرِيداً عَنْهُ مُغتَرِبا
ألَحَّ دَهْرٌ لَجُوجٌ فِي مُعانَدَتِي
 
فكُلَّما رُضْتُهُ في مطلَبٍ صَعُبا
كخائِضِ الوحْلِ إذْ طالَ الْعناءُ بهِ
 
فكُلَّما قلْقَلَتْهُ نهْضة ٌ رَسَبا
لأسلُكَنَّ صروفَ الدهرِ مُقتحِماً
 
هوْلاً يُزَهِّدُ في الأَيامِ مَنْ رَغِبا
غضْبانَ للمجدِ طلاّباً بثأْرِ عُلاً
 
واللَّيثُ أفْتَكُ مَا لاقى إذا غَضِبا
عِندِي عزائمُ رأْيٍ لوْ لَقِيتُ بِها
 
صَرْفَ الزَّمانِ لَوَلَّى مُمْعِناً هَرَبا
لاَ يَمْنَعَنَّكَ مِنْ أمْرٍ مَخافَتُهُ
 
لَيْسَ العُلى لِنَفِيسٍ يَكْرَهُ العَطَبا
كنْ كيفَ شئتَ إذا ما لمْ تَخِمْ فَرَقاً
 
لا عَيْبَ للسيفِ إلا أنْ يُقالَ نَبا
لاَ تَلْحَ فِي طَلَب العَلْياءِ ذَا كَلَفٍ
 
فقلَّما أعتَبَ المُشْتاقُ منْ عَتَبا
لَتَعْلَمَنَّ بَناتُ الدَّهْرِ ما صَنَعَتْ
 
إذا استشاطتْ بناتُ الفكرِ لي غَضَبا
هيَ القوافِي فإنْ خطْبٌ تمرَّسَ بِي
 
فَهُنَّ ما شاءَ عَزْمِي مِنْ قَناً وَظُبا
عقائِلٌ قلَّما زُفَّتْ إلى مَلِكٍ
 
إلا أباحَ لهنَّ الودَّ والنَّشَبا
غَرائِبٌ ما حَدا الرَّكْبُ الرِّكابَ بِها
 
إلاَّ تَرَنَّحْنَ مِنْ تَرْجِيعها طَرَبا
منْ كُلِّ حسْناءَ تَقْتادُ النُّفُوسَ هوى ً
 
إذا ألَمَّ بِسَمْعٍ رَجْعُها خَلَبا
شامَتْ بُرُوقَ حَياً باتَتْ تشِبُّ كَما
 
تُجاذِبُ الرِّيحُ عنْ أرماحِها العَذَبا
وکسْتَوْضَحَتْ سبُلَ الآمالِ حائِدَة ً
 
عَنِ المُلُوكِ إلى أعلاهُمُ حَسَبا
تَؤُمُّ أبهرهُمْ فضلاً وأغمَرَهُمْ
 
بذْلاً وأفخرهُمْ فعلاً ومُنتسَبا
تفيَّأَتْ ظلَّ فخرِ الملكِ واغتبطَتْ
 
بِحَيْثُ حُلَّ عِقالُ المُزْنِ فکنْسَكَبا
حَتَّى إذَا وَرَدَتْ تَهْفُو قَلائِدَها
 
ألفَتْ أغَرَّ بِتاجِ المَجْدِ مُعْتَصِبا
أشَمَّ أشوسَ مضروباً سُرادقُهُ
 
عَلَى المَالِكِ مُرْخٍ دُونَها الْحُجُبا
مُمَنَّعَ العِزِّ معْمُورَ الفِناءِ بهِ
 
مُظَفَّرَ العَزْمِ وَالآراءِ مُنْتَجَبا
مِنْ مَعْشَرٍ طَالَما شَبُّوا بِكُلِّ وَغَى ً
 
ناراً تَظَلُّ أعادِيهِمْ لَها حَطَبا
بِيضٌ تَوَقَّدُ فِي أيمانِهِمْ شُعَلٌ
 
هِيَ الصَّواعِقُ إذْ تستوطِنُ السُّحُبا
مِنْ كُلِّ أرْوَعَ مَضّاءٍ إذا قَصُرَتْ
 
خُطَى المُحامِينَ فِي مَكْرُوهة ٍ وَثَبا
ذَا لا كَمَنْ قَصَّرَتْ فِي المَجْدِ هِمَّتُهُ
 
فباتَ يستبعِدُ المَرْمى الذي قَرُبا
غَضْبِ العَزِيمَة ِ لَوْ لاقَتْ مَضارِبُها
 
طُوداً منَ المُشْرِفاتِ الصُّمِّ لانْقَضَبا
زاكِي العُرُوقِ لَهُ مِنْ طيِّءٍ حسبٌ
 
لوْ كانَ لفظاً لكانَ النظْمَ والخُطَبا
الهادِمِينَ مِنَ الأمْوالِ ما عَمَرُوا
 
والعامِرينَ منَ الآمالِ ما خَرِبا
رَهْطِ السَّماحِ وفِيهِمْ طَابَ مَوْلِدُهُ
 
إنَّ السَّماحَ يَمانٍ كُلَّما انْتسبَا
أمّا المُلوكُ فمالِي عندَهُمْ أرَبٌ
 
مَنْ جاَوَر العِدَّ لَمْ يَسْتَغْزِرِ القُلُبا
أيُّ المطالِبِ يَستَوْفِي مدَى هِمَمِي
 
والشُّهْبُ تَحْسَبُها مِنْ فَوْقِها الشُّهُبا
خَلا نَدى مَلِكٍ تُصْبِي خلائِقُهُ
 
قَلْبَ الثَّناءِ إذا قَلْبُ المُحِبِّ صَبَا
لقدْ رَمَتْ في مرامِيها النَّوى زمناً
 
فاليومَ لا أنتَحِي في الأرضِ مُضْطَرَبا
أأرْتَجِي غيرَ عمارٍ لنائِبة ٍ
 
إذنْ فلا آمنتنِي كفُّهُ النُّوَبا
المانِعُ الجارَ لوْ شاءَ الزَّمانُ لَهُ
 
إنَّ الزَّمانَ بَرَتْ عُودِي نَوائِبُهُ
الباذِلُ المالَ مَسْئولاً وَمُبْتَدِئاً
 
والصّائنُ المجْدَ مورُوثاً ومُكْتَسَبا
الواهِبُ النِّعْمَة َ الخَضْراءِ يُتْبِعُها
 
امثالَها غيْرَ مُعتدٍّ بما وَهَبا
إذا أرَدْتُ أفاءَتْنِي عَواطِفُهُ
 
ظِلاًّ يُرِيحُ لِيَ الحَظَّ الَّذِي عَزَبا
والجَدُّ والْفَهْمُ أسْنَى مِنْحَة ٍ قُسِمَتْ
 
لِلطالِبينَ ولَكِنْ قَلَّما اصْطَحبا
أرانِيَ العيْشَ مُخضَرّاً وأسْمَعَنِي
 
لَفْظاً إذا خاضَ سَمْعاً فَرَّجَ الكُرَبا
خَلائِقٌ حَسُنَتْ مَرْأى وَمُسْتَمَعاً
 
قَوْلاً وفِعْلاً يُفِيدُ المالَ وَالأدَبا
كالرَّوْضِ أهْدى إلى رُوّادهِ أرَجاً
 
يُذْكِي النَّسِيمَ وأبْدَى مَنْظَراً عَجَبا
عادتْ بسعدِكَ أعيادُ الزمانِ ولا
 
زالَ الهناءُ جديداً والمُنى كَثَبا
 
يوماً ولا بَرْقُ غيثٍ مِنْ نَداكَ خَبا
إنَّ الزَّمانَ بَرَتْ عُوِي نوائِبُهُ
 
فَما أُعَدُّ بِهِ نَبْعاً وَلا غَرَبا
وغَالَ بِالْخَفْضِ جَداً كانَ مُعْتَلِياً
 
وَبِالْمَرارَة ِ عَيْشاً طَالَما عَذُبا
فَما سَخا الْعَزْمُ بِي إلاّ إلَيْكَ وَلا
 
وَقَفْتُ إلاّ عَلَيْكَ الظَّنَّ مُحْتَسِبا
يا رُبَّ أجْرَدَ ورْسِيٍّ سرابِلُهُ
 
تَكادُ تَقبِسُ مِنْهُ فِي الدُّجَى لَهَبا
إذا نَضا الفَجْرُ عَنْهُ صِبْغَ فِضَّتِهِ
 
أجْرى الصَّباحُ علَى أعطافِهِ ذَهَبا
يَجْرِي فَتَحْسُرُ عَنْهُ العَيْنُ ناظِرَة ً
 
كَما اسْتَطارَ وَمِيضُ البَرْقِ والْتَهَبا
جَمِّ النَّشاطِ إذا ظُنَّ الكَلالُ بِهِ
 
رأَيْتَ مِنْ مرَحٍ في جدِّهِ لَعِبا
يَرْتاحُ لِلْجَرْيِ فِي إمْساكِهِ قَلِقاً
 
حتى كأنَّ لهُ في راحة ٍ تعبَا
يَطْغَى مِراحاً فَيَعْتَنُّ الصَّهِيلُ لَهُ
 
كَالْبَحْرِ جاشَ بهِ الآذِيُّ فاصْطَخَبا
جادَتْ يداكَ بهِ في عُرْضِ ما وَهَبَتْ
 
قَبْلَ السُّؤَالِ وأحْرِ اليَوْمِ أنْ تَهَبا
رفْقاً بِنا آلَ عمارٍ إذا طلَعَتْ
 
خَيْلُ السَّماحِ علَى سَرْحِ الثَّنا سُرَبا
لا تَبْعَثُوها جُيُوشاً يَوْمَ جُودِكُمُ
 
إنَّ الطلائعَ منْها تبْلُغُ الأَرَبا
قد أنْضَبَ الحمْدَ ما تَأْتِي مكارِمُكُمْ
 
ما خِلْتُ أنَّ مَعِيناً قَبْلَهُ نَضَبا
وَلَوْ نَظَمْتُ نُجُومَ اللَّيْلِ مُمْتَدِحاً
 
لَمْ أقْضِ مِنْ حَقِّكُمْ بعْضَ الَّذِي وَجَبا
لأشْكُرَنَّ زماناً كانَ حادِثُهُ
 
وَغَدْرُهُ بِي إلى مَعْرُوفِكُمْ سَبَبا
فكَمْ كَسا نِعْمَة ً أدْنى ملابِسِها
 
أسْنَى مِنَ النِّعْمَة ِ الأولى الَّتِي سَلَبا
وما ارتَشَفْتُ ثنايا العَيْشِ عندَكُمُ
 
إلا وجدْتُ بِها مِنْ جُودِكُمْ شَنَبا