أعلمت من حملوا على الأعواد

أعَلمْتَ مَنْ حَمَلُوا عَلى الأعْوَادِ

​أعَلمْتَ مَنْ حَمَلُوا عَلى الأعْوَادِ​ المؤلف الشريف الرضي


أعَلمْتَ مَنْ حَمَلُوا عَلى الأعْوَادِ
أرَأيْتَ كَيْفَ خَبَا ضِيَاءُ النّادِي
جَبَلٌ هَوَى لوْ خَرّ في البَحرِ اغتَدى
مِنْ وَقْعِهِ مُتَتَابِعَ الإزْبَادِ
ما كنت اعلم قبل حظك في الثرى
ان الثرى بعلو على الاطواد
بعداً ليومك في الزمان فانه
أقذَى العُيُونَ وَفَتّ في الأعْضَادِ
لا يَنْفَدُ الدّمْعُ الذِي يُبْكَى بِهِ
إنّ القُلُوبَ لَهُ مِنَ الأمْدَادِ
كيف انمحى ذاك الجناب وعطلت
تلك الفجاج وضل ذاك الهادي
طاحَتْ بتِلْكَ المَكْرُماتِ طَوَائِحٌ
وعدت على ذاك الجواد عوادي
قالوا: أطاعَ وَقِيدَ في شَطَنِ الرّدَى
ايدي المنون ملكت اي قياد
من مصعب لو لم يقده الاهه
بِقَضَائِهِ مَا كَانَ بِالمُنْقَادِ
هَذا أبُو إسْحَقَ يُغْلِقُ رَهْنُهُ
هل ذا يد أو مانع أو فاد
لَوْ كُنتَ تُفدَى لافتَدَتكَ فَوَارِسٌ
مُطِرُوا بعارِضِ كُلِّ يَوْمٍ طِرَادِ
واذا تألق بارق لوقيعة
والخيل تفحص بالرجال بداد
سَلّوا الدّرُوعَ مِنَ العُبابِ، وَأقبَلوا
مِنْ جانِبَيْكَ مَقَاوِدُ العُوّادِ
لكن رماك مجبن الشجعان عن
إقدامِهِمْ، وَمُضَعضِعُ الأنْجَادِ
كاللّيثِ يُوهَنُ بالتّرَابِ، وَيَمتَلي
نَوْماً عَلى الأضْغَانِ وَالأحْقَادِ
وَالدّهْرُ تَدْخُلُ نَافِذاتُ سِهَامِهِ
مأوى الصلال ومربض الاساد
ألقَى الجِرَانَ عَلى عَنَطْنَطِ حِميَرٍ
فَمَضَى، وَمَدّ يَداً لأحْمَرِ عَادِ
اعزز عليَّ بان يفارق ناظري
لمَعَانَ ذاكَ الكَوْكَبِ الوَقّادِ
اعزز عليَّ بان نزلت بمنزل
مُتَشَابِهِ الأمْجَادِ وَالأوْغَادِ
في عُصْبَةٍ جُنِبُوا إلى آجَالِهِمْ
وَالدّهْرُ يُعْجِلُهُمْ عَنِ الإرْوَادِ
ضَرَبُوا بِمَدْرَجَةِ الفَنَاءِ قِبَابَهُمْ
مِنْ غَيرِ أطْنَابٍ، وَلا أوْتَادِ
ركب اناخوا لا يرجى منهم
قصد لاتهام ولا انجاد
كرهوا النزول فانزلتهم وقعة
للدهر باركة بكل مقاد
فتَهافَتُوا عَنْ رَحْلِ كلّ مُذَلَّلٍ
وَتَطاوَحُوا عَنْ سَرْجِ كلّ جَوَادِ
بَادُونَ في صُوَرِ الجَميعِ، وَإنّهُمْ
مُتَفّرّدُونَ تَفَرُّدَ الآحَادِ
مِمّا يُطِيلُ الهَمَّ أنّ أمَامَنَا
طول الطريق وقلة الازواد
عُمرِي! لقَد أغمَدتُ منكَ مُهَنّداً
في الترب كان ممزق الاغماد
قد كنت اهوى ان اشاطرك الردى
ولكن اراد الله غير مراد
وَلَقَدْ كَبَا طَرْفُ الرّقَادِ بنَاظِرِي
اسفاً عليك فلا لعاً لرقاد
ثكلتك ارض لم تلد لك ثانياً
أنّى، وَمِثْلُكَ مُعْوَذ المِيلادِ
مَنْ للبَلاغَةِ وَالفَصَاحَةِ إنْ هَمَى
ذاك الغمام وعب ذاك الوادي
من للملوك يجز في اعدائها
بِظُبًى مِنَ القَوْلِ البَلِيغِ حِدَادِ
من للممالك لا يزال يلمها
بسداد امر ضائع وسداد
مَنْ للجَحَافِلِ يَسْتَزِلُّ رِمَاحَها
ويرد رعلتها بغير جلاد
من للموارق يسترد قلوبها
بِزَلازِلِ الإبْرَاقِ وَالإرْعَادِ
وَصَحَايفٍ فِيهَا الأرَاقِمُ كُمَّنٌ
مرهوبة الاصدار والايراد
تدمى طوائعها اذا استعرضتها
مِنْ شِدّةِ التّحْذِيرِ وَالإيعَادِ
حمر على نظر العدو كأنما
بدم يخط بهن لا بمداد
يُقْدِمْنَ إقْدامَ الجُيُوشِ، وَباطِلٌ
أنْ يَنْهَزِمْنَ هَزَائِمَ الأجْنَادِ
فقر بها تمسى الملوك فقيرة
أبَداً إلى مَبْدى لَهَا وَمَعَادِ
وتكون صوتا للحرون اذا ونى
وَعِنَانَ عُنْقِ الجامِحِ المُتَمَادي
تُرْقي، وَتَلذَعُ في القلوبِ، وَإن يَشَا
حَطَّ النّجُومَ بِهَا مِنَ الأبْعَادِ
ان الدموع عليك غير بخيلة
وَالقَلْبَ بالسُّلْوَانِ غَيرُ جَوَادِ
سودت ما بين الفضاء وناظري
وغسلت من عينيَّ كل سواد
ري الخدود من المدامع شاهد
أنّ القُلوبَ مِنَ الغَلِيلِ صَوَادِ
ما كنت اخشى ان نضن بلفظة
لتقوم بعدك لي مقام الزاد
ماذا الذي منع الفنيق هديره
من بعد صولته على الاذواد
ماذا الذي حبس الجواد عن المدى
من بعد سبقته الى الآماد
ماذا الذي فجع الهمام بوثبة
وَعَدا عَلى دَمِهِ، وَكَانَ العَادِي
قل للنوائب عددي ايامه
يَغنى عَنِ التّعْدِيدِ بِالتّعْدادِ
حَمّالُ ألْوِيَةِ العَلاءِ بنَجْدَةٍ
كالسيف يغني عن مناط نجاد
قلصت اظلة كل فضل بعده
وَأمَرَّ مَشْرَبُهَا عَلى الوُرّادِ
لقضى لسانك مذ ذوت ثمراته
أنْ لا دَوَامَ لنُضْرَةِ الأعْوَادِ
وقضى جنابك مذ قضت وقداته
أنْ لا بقَاءَ لِقَدْحِ كُلّ زِنَادِ
بقيت اعيجاز يضل تبيعها
وَمَضَتْ هَوَادٍ للرّجَالِ هَوَادِ
يا لَيتَ أنّي ما اقتَنَيتُكَ صَاحِباً
كم قنينة جلبت اسى لفؤادي
إنْ لمْ تَسُفّ إلى التّناسُلِ نَفْسُهُ
كُفِيَ الأسَى بِتَفَاقُدِ الأوْدادِ
برد القلوب لمن تحب بقاءه
مما يجر حرارة الاكباد
لَيسَ الفَجَائِعُ بِالذّخائِرِ مِثلَها
باماجد الاعيان والافراد
ويقول من لم يدركنهك انهم
نقصوا به عدداً من الاعداد
هَيهاتَ! أدرَجَ بَينَ بُرْدَيكَ الرّدَى
رَجُلَ الرّجَالِ وَأوْحَدَ الآحَادِ
لا تطلبي يا نفس خلاَّ بعد
فلمثله اعيي على المرتاد
فقدت ملائمة الشكول بفقده
وَبَقِيتُ بَينَ تَبَايُنِ الأضْدادِ
ما مطعم الدنيا بحلو بعده
أبَداً، وَلا مَاءُ الحَيَا بِبُرَادِ
الفضل ناسب بيننا ان لم يكن
شَرَفي مُنَاسِبَهُ وَلا مِيلادِي
إنْ لمْ تكُنْ مِنْ أُسرَتي وَعَشِيرَتي
فلا انت اعلقهم يداً بوداد
لو لم يكن عالي الاصول فقد وفى
شرف الجدود بسؤدد الاجداد
لا در دري ان مطلتك ذمة
في بَاطِنٍ مُتَغَيِّبٍ، أوْ بَادِ
إنّ الوَفَاءَ، كمَا اقتَرَحتُ، فلوْ يكُنْ
حيا اذا ما كنت بالمزداد
ليس التنافث بيننا بمعاود
أبَداً، وَلَيْسَ زَمَانُنَا بِمُعَادِ
ضاقت عليَّ الارض بعدك كلها
وتركت اضيقها عليَّ بلادي
لك في الحشى قبر وان لم تأوه
ومن الدموع روائح وغوادي
سلوا من الابراد جسمك وانثنى
جِسمي يُسَلُّ عَلَيْكَ في الأبْرَادِ
كم من طويل العمر بعد وفاته
بالذّكْرِ يَصْحَبُ حاضراً، أوْ بادِي
مَا مَاتَ مَنْ جَعَلَ الزّمَانَ لِسَانُهُ
يَتْلُو مَنَاقِبَ عُوَّداً وَبَوَادِي
فاذهب كما ذهب الربيع واثره
باق بكل خمايل ونجاد
لا تَبْعَدَنّ وَأينَ قُرْبُكَ بَعدَهَا
إنّ المَنَايَا غَايَةُ الأبْعَادِ
صفح الثرى عن حر وجهك انه
مغرى بطي محاسن الامجاد
وتماسكت تلك البنان فطالما
عبث البلى بانامل الاجواد
وَسَقَاكَ فَضْلُكَ إنّهُ أرْوَى حَياً
مِنْ رَائِحٍ مُتَعَرِّسٍ، أوْ غَادِ
حَدَثٌ عَلى أنْ لا نَبَاتَ بِأرْضِهِ
وقفت عليه مطالب الرواد