أعيذكم أن تغفلوا عن أموره

أعيذكم أن تغفلوا عن أموره

​أعيذكم أن تغفلوا عن أموره​ المؤلف عماد الدين الأصبهاني


أعيذكم أن تغفلوا عن أموره
وأن تتركوه نهبة لمغيره
عفا الله عنكم قد عفا رسم ودكم
خلعتم على عهدي دثار دثوره
بما بيننا يا صاحبي من مودة
وفاءك إني قانع بيسيره
وهذا أوان النصح إن كنت ناصحا
أخا فقبيح تركه بغروره
وإني أرى الأري المشور مشورة
حلت موقعا عند امرئ من مشيره
تحملت عبء الوجد غير مطيقه
وعلمت صبر القلب غير صبوره
صلوا من قضى من وحشة البين نحبه
ونشر مطاوي أنسه في نشوره
رعى الله نجدا إذ شكرنا بقربكم
قصار ليالي العيش بين قصوره
وإذ راقت الأبصار حسنى حسانه
وأطربت الأسماع نجوى سميره
وإذ بكرات الروض ألسنة الصبا
تعبر في انفاسها عن عبيره
وإذ تكتب الأنداء في شجراته
وأوراقها إملاء ورق طيوره
أيا نجد حياك الحيا بأحبتي
بهم كنت كالفردوس زين نحوره
وما طاب عرف الريح إلا لأنه
أصاب عبيرا منك عند عبوره
ومطلقة لما رأتني موثقا
أعنة دمع أنزعت من غديره
تناشدني بالله من لي ومن ترى
يقوم لبيت شدته بأموره
فقلت لها بالله عودي فإنما
هو الكافل الكافي بجبر كسيره
هو الفلك الدوار لكن على الورى
مقدرة أحداثه من مديره
عذري أضحى عاذلي في خطوبه
فيا من عذير المبتلى من عذيره
يجرعني من كأسه صرف صرفه
فعيش مرير ذوقه في مروره
ولست أرى عاما من العمر ينقصني
حميدا ولم أفرح بمر شهوره
لحى الله دهرا ضاق بي إذ وسعته
بفضلي كما ضاقت صدور صدوره
فلم أر فيها واحدا غير واعد
يخيل لي زور الخيال بزروه
وما كنت أدري أن فضلي ناقصي
وأن ظلام الحظ من فيض نوره
كذلك طول الليل من ذي صبابه
يخبره عن عيشه بقصوره
وما كنت أدري أن عقلي عاقلي
وأن سراري حادث من سفوره
وكان كتاب الفضل باسمي معنونا
فحاول حظي محوه من سطوره
فيا ليت فضلي ألآسري قد عدمته
فأضحى فداء في فكاك أسيره
أرى الفضل معتاد له خسف أهله
كما الأفق معتاد خسوف بدوره
أقول لعزمي إن للمجد منهجا
سهول الأماني في سلوك وعوره
فهون عليك الصعب فيه فإنما
بأخطاره تحظى بوصل خطيره
ومالي يا فكري سواك مظاهر
وقد يستعين المبتلى بظهيره
فخل معنى خاض في غمراته
وحسبك معنى خضت لي في بحوره
وكن لي سفير الخير تسفر مطالبي
فحظ الفتى إسفاره بسفيره
وقل للذي في الجدب أطلق جده
سبيل الحيا حتى همى بدروره
لماذا حبستم مخلصا في ولائكم
وما الله ملقي مؤمن في سعيره
وكم فدفد جاوزت أجوازه سرى
كأني وشاح جائل في خضوره
بمهرية تحكي بكفي زمامها
وأحكي لكد السير بعض سيوره
وخاطب أبكار الفدافد جاعل
بكار المهارى في السرى من مهوره
وإن رجاء بالإمام أنوطه
حقيق بآمالي ابتسام ثغوره
تقر بعلياه الخلافة عينها
فناظرها لم يكتحل بنظيره
أرى الله أعطى يوسفا حسن يوسف
ومكنه في العالمين لخيره
برتني صروف الحادثات فآوني
تضع مني الإنعام عند شكوره
كذا القلم المبري آوته أنمل
فقام يؤدي شكرها بصريره
وما زهر هامي الرباب يحوكه
تعمم هامات الربى بحريره
كأن سقيط الطل في صفحاته
سحيرا نظيم الدر بين نثيره
يقابل منه النرجس الورد مثلما
رأت وجنة المعشوق عين غيوره
وللورد خد بالبنفسج معذر
ونرجسه طرف رنا بفتوره
بأبهج من شعر مدحتكم به
ومعناكم مستودع في ضميره
وماحق هذا الشعر لا لجريره
وقد سار في الآفاق جيش جريره