أفتاة سوريا أسير هواك

أفتاة سوريّا أسير هواك

​أفتاة سوريّا أسير هواك​ المؤلف إبراهيم المنذر


أفتاة سوريّا أسير هواك
لا يبتغي في الدّهر غير علاك
جودي على صبٍّ يروم رضاك
وتعطّفي كرماً على مضناك
أمليكة القلب المعنّى بالهوى
أضرمت في الأحشاء نيران الجوى
في مهجري ما غيّرت عهدي النّوى
روحي ولو طال البعاد فداك
أفتاة أحلامي جمالك رائع
وضياء وجهك كالزّواهر ساطع
ولئن تهبّ على حماك زوابع
فبمهجتي الحرّى أصون حماك
أفتاة سوريّا إذا اشتدّ السّقم
فطبيبك الشّافي يقيك من الألم
وإذا فقدت ضياك من فرط الظّلم
فبنور عيني أستعيد ضياك
إّني تركتك والبلاد قواحل
والشّعب معصوب المحاجر غافل
طال النّوى وصبا إليك الرّاحل
لولاك ما ذاق النّوى لولاك
ماذا جرى بعد لفراق تذكّري
الماضٍ يلوح لنا قريب المخبر
هل كان عهد خصاصةٍ وتقهقر
وظلامة وصغارةٍ وتشاك
يا سعد رحت إلى بلاد المجر
أرض المعالي والهدى والمفخر
وذووك في وادي الشّقاء المقفر
شدّت رقابهم بشرّ شباك
حكّامنا سلبوا المها والمالا
شنقوا الأسود وأبعدوا الأشبالا
هدموا الدّيار فأصبحت أطلالا
جوعٌ وآلام وطرف باك
تحت الثّرى جثث ثوت وعلى الثّرى
جثث ممزّقة تداس وتزدرى
وأخو الحجى فقد الحجى ممّا يرى
يهذي بلا فهمٍ ولا إدراك
ولكم فتاةٍ جارت الدّنيا على
آلٍ لها فمضت تعاف المنزلا
هامت ويا للعار نازعةً إلى
خلع العذار بدجنة الأحلاك
صعق الفتى وجلا وقد مدّ اليدا
للصدر يسند قلبه متجلدا
وعلى الفتاة رمى السؤال مشدّدا
لا تكتمي خبرّا بحقّ هواك
ماذا دهى أهلي أجابت ماتوا
ويلي وإخوان الصّفاء رفات
كتبت على حجراتهم آيات
هذي ضحايا فتية الأتراك
ماذا جرى لأبي إلى الأرض ائتوى
وأخي المفدّى قرب والده ثوى
وشقيقاتي إذا لقد قذف الطّوى
بهما لدار القائد الأفاك
ويلي جننت الجوع مزقّ داريا
والقائد السّفّاح خلّد عاريا
إنّي إذا لأكون وحشاً ضاريا
بفمي أمزق مهجة الفتّاك
ربّاه إن كنت الذّي خلق السّما
والأرض كيف غفلت حتّى نظلما
سأكون بين النّاس سفّاك الدّما
إن كان لا يحيا سوى السّفّاك
الأرض من ألمي تميد تحرّجا
والنّار في صدري تزيد تأججا
ويل الظّلوم المستبد متى دجى
ليل الهموم على الطّليم الشّاكي
ما كان يؤلمني الزّمان إذا طغى
كلاّ ولا الباغي الأثيم إذا بغى
لو بات أهلي في ميادين الوغى
طعم الوحوش ومأكل الأسماك
لكنّهم موت الأذلّة ماتوا
ويقال عنهم خائنون جناة
لو كان في شعب البلاد حياة
لسطا وقوّض قبة الأفلاك