أفي الطلل الحديث أو القديم

أفي الطَلل الحديث أو القديم

​أفي الطَلل الحديث أو القديم​ المؤلف عبد الغفار الأخرس


أفي الطَلل الحديث أو القديم
بلوغُ مرامِ صبٍّ من مرومِ؟
وقفتُ على رسوم دارسات
وما يغني الوقوف على الرسوم
ألا سقيتْ منازلُ آل سلمى
بذي سلمَ ورامة والغميم
وحيّ حيَّ أحباب تناءت
بقلب سار عن جسد مقيم
خذي يا ريح أنفاسي إليهم
وإنْ كانت أحرّ من السموم
أكفكفُ بعدهم دمعاً كريماً
جرى من لوعة الوجد اللئيم
رعى الله الأحبة كيف مرّت
لياليهم بمنعرج الصريم
قضيتُ نعيم عيشٍ مرَّ فيها
فسَلني إنْ جهلتَ عن النعيم
وكم غصنٍ هصرتُ بها رطيباً
جنيّ الزهر مخضرّ الأديم
بحيث نزوج ابنَ المزن لما
عقدت حبابه بنتَ الكرومِ
إلى بعد الغميم وعهد سلعٍ
نجاة من هموم أو غموم
سقتها هذه العبرات صوباً
تنوف به على الغيث العميم
كأنّي حين أسقيها دموعي
سقاني البين كأساً من حميم
تلوم لجهلها لمياءُ وجدي
وأين اللائمون من الملوم
سألتكِ إنْ رأيتِ اللوم يجدي
حليفَ الوجد حينئذٍ فلومي
أما وحشاشة في القلب تزكو
غراماً يا أميمة كالغريم
لقد عدمَ التصبّر فيك قلبي
ومن يبغي الثراءَ من العديم
وها أنا بعْدَ مَن أهوى عليلٌ
شفائي منه معتلّ النسيم
وكم دنفٍ بكاظمة سقيمٍ
ولكنْ من هوى طرف سقيم
وليثٍ دون ذاك الحي يرمي
فيصرعُ في سهام لحاظ ريم
وأحباب أقاسي ما أقاسي
عَذاباً من عذابهم الأليم
هُمُ نقضوا العهود وهم أصَرّوا
بصدّهم على الحنث العظيم
وذكري بعدهم جنات عيش
رماني في لظى نار الجحيم
وفي دار السلام تركت قومي
وما أنا من هواهم بالسليم
ولي في البصرة الفيحاء قوم
أصولُ بهم على الخطب الجسيم
جرى من صدر إبراهيم فيها
على الدنيا ينابيع العلوم
من الأشراف من أعلى قريش
بهم شرفٌ لزمزم والحطيم
إذا عدّت قرومُ بني معدٍّ
فأوَّلُ ما يُعَدُّ من القُروم
عماد الدين قام اليوم فينا
بأمرِ الله والدين القويم
وفرعٍ من رسول الله دلَّتْ
أطايبهُ على طيب الأروم
ونجمٍ في سماء المجد يهدي
إلى نهج الصراط المستقيم
شهاب ثاقب لا زال يذكو
فيقذف كل شيطان رجيم
يعيد ظلام ليل الشكّ صبحاً
إذا ما كان كالليل البهيم
يزيد عقولنا بدقيق فهمٍ
غذاءً للعقول وللفهوم
ونرجع في الكلام إلى خبيرٍ
بكشف دقائق المعنى عليم
تكاد حلاوة الألفاظ منه
تعيد الروح في الجسم الرميم
وروض من رياض الفضل ضاهى
بزهر كلامه زهر النجوم
يقصّرُ بالبلاغة باعَ قُسٍّ
ويقصُرُ عنه قيس بن الخطيم
وإنّك إنْ نظرتَ إلى علاه
نظرتَ إلى جبال من حلوم
إذا ذكرتْ مناقبه انتشينا
وكانت كالمدامة للنديم
لقد كرمتْ له خيمٌ وجلًّتْ
وخيمُ الأكرمين أجلّ خيم
وهل في السادة الأنجاب إلاّ
كريمٌ قد تفرّع من كريم
يفوقُ الدَّرَ في نثرٍ ونظمٍ
إذا ما قيس في الدُّرِّ النظم
وأينَ المسكُ من نفحات شيخٍ
يفوق نوافج المسك الشيم
ولم يبرح يقابِلُ سائليه
بحسن الخلق والطبع الحليم
تنال بفضله علماً وحكماً
وتعلم لقمان الحكيم
فحاز مكارم الأخلاق طراً
وحاشاه من الخلق الذميم
زفَفتُ إلى علاك بناتِ فكري
فكانت منية الكفو الكريم
أغارُ من اللئام على القوافي
فلا يَحظى بها حظّ اللئيم
أمانعُ عن قوافيَّ الأداني
ممانعةَ الغيور على الحريم