أقداح و أحلام
أقداح و أحلام
أنا لا أزال و في يدي قدحي
ياليل أين تفرق الشرب
ما زلت أشربها و أشربها
حتى ترنح أفقك الرحب
الشرق عُفر بالضباب فما
يبدو فأين سناك يا غرب؟
ما للنجوم غرقن، من سأم
في ضوئهن و كادت الشهب؟
أنا لا أزال و في يدي قدحي
ياليل أين تفرق الشرب؟
الحان بالشهوات مصطخب
حتى يكاد بهن ينهار
و كأن مصاحبيه من ضرج
كفان مدهما لي العار
كفان؟!بل ثغران قد صبغا
بدم تدفق منه تيار
كأسان ملؤهما طلى عصرت
من مهجتين رماهما الحب
آو مخلبان عليهما مزق
حمراء تزعم أنها قلب
يا ليل، أين تطوف بي قدمي؟
في أي منعرج من الظلم
تلك السبيل أكاد أعرفها
بالأمس خاصر طيفها حلمي
هي غمد خنجرك الرهيب، و قد
جردته و مسحت عنه دمي
تلك السبيل على جوانبها
تتمزق الخطوات أو تكبو
تتثاءب الأجساد جائعة
فيها كما يتثاءب الذئب
حسناء يلهب عريها ظمأي
فأكاد أشرب ذلك العريا
و أكاد أحطمه، فتحطمني
عينان جائعتان كالدنيا
غرست يد الحمى على فمها
زهرا طوى شهواتها طيّا
إن فتحته بحرها شفة
سكرى يعربد فوقها ندب
رقص اللهيب على كمائمه
و مشى الطلاء يهزه الوثب
عين يرنح هدبها نفسي
وفم يقطع همسه الداء
ويد على كتفي مجلجلة
رباه.. ويك!أتلك حواء
لا كنت آدمها و لا لفحت
فردوسي الخمري صحراء
صوت النعاس يرن في أفقي
فتذوب ناعسة به السحب
إن الفراش يقيك ياقدمي
سوء العثار إذا دجى درب
أنا حائر متوجف قلق
كالظل بين جوانب البحر
المد قربني إلى شبحي
والآن تبعدني يد الجزر
وأنا الضياء تخيفني دجن
وأخاف أن سأضيع في الفجر
يانوم كل عوالمي حجب
ولو التقيتك ذابت الحجب
و انثال، من سهري على
سهري ينبوعك المتثائب الرطب
أثملت بين جوانحي أملا
ماكنت أعلم أنه أمل
مثل الفراشة عاد يحبسها
دوح بذائب طله خضل
لولا خفوق جناحها غفلت
بيض الأزاهر عنه والمقل
أنا من ظلالك بين أودية
عذراء، كل سهادها عشب
هام الضباب على جوانبها
طل الوشاح كنجمة تخبو
أنا كوكب ظمآن ترعشه
نطف مؤرجة من السحر
أنا غير جسمي عالمي حلم
بكر الظلال، ولمحه عمري
قلبي تغرّب عن أحبته
وانسل من نغماته وتري
فإذا لثمت فغير خادعة
باتت لكل مخادع تصبو
وإذا شدوت أرن في أفق
عبر السماء غنائي العذب
هو يافؤادي طيفها مسحت
عنه التراب أنامل الغسق
هو غير تلك أما ترى ألقا
هو من دمائك أنت من حرقي
هو غيرها.. غدرت، وبادلني
حبي، و ضمد بالسنا أفقي
ومن المهازل أن يرى أمدا
بين الخيانة و الهوى _ هدب؟
أين العوالم كيف غيّرها
نوم يرف وخاطر صب
خفقت ذوائبها على شفتي
و سنى فأسكر عطرها نفسي
نهر من النفحات أرشفني
ريحا تريب مجامر الغلس
فكأن نايا ضمخته يدا آذار
ناغم ليلة العرس
فغفا و ما زالت ملاحنه
ملء الفضاء يعيدها الحب
أو أن سوسنة يراقصها
رجع الغناء بشعرها تربو
ياقبلة أخذت على عجل
أفدي بعمري ذلك العجلا
الشعر ستّر بالظلال فمي
فهوى على الوجنات واشتعلا
فعلى جوانبهن منه سنا
يدعوه من جهل الهوى: خجلا
فضح احمرارك ياخدود فما
زال يفضحني بما يحبو
هو طفلك اللاهي ينازعه
أبدا إلى زهراتك اللعب
يا جسم ذاك الطيف، ايا شبحا
من ذكرياتي يا هوى خدعا
لعناتي الحنقات ما برحت تعتاد
خدرك و الظلام معا
خفقت بأجنحة الغراب على
عينيك تنشر حولك الفزعا
الصبح، صبحك، ضحك شامتة
دام و لليلك مضجع ينبو
و إذا هلكت غدا، فلا تجدي
قبرا و مزق صدرك الذئب؟
و البوم يملأ عشه نتفا
من شعرك المتعفر الضجر
و يعود ثغرك للذباب لقى
و يداك مثقلتان بالحجر
لا تدفعان أذاه عن شفة
بالأمس أخرس لغوها و تري
و ليسق من دمك الخبث غدا
دوح تعشش فوقه الغرب
تأوي الصلال إلى جوانبه
غرثى و يعوي تحته الكلب
ويعود من خشباته نزق
جان، بمقبض خنجر دام
ويعد منه سرير زانية
تهوى فتثقله بآثام
وتظل أعواد المشانق من
أعواده، كسيت بأجسام
حتى إذا عصف الذبول به
وهوى عليه المعول العضب
كان الوقود لقدر ساحرة
بين المقابر شأنها القشب