أقمنا وربتنا الديار، ولا أرى
أقَمْنَا وَرَبّتْنَا الدّيَارُ، وَلا أرَى
كَمَرْبَعِنَا بَينَ الحَنِيَّينِ مَرْبَعَا
ألاَ حبَّ بالوادي الذي ربما نرى
به مِنْ جَميعِ الحَيّ مَرْأًى وَمَسمَعَا
ألا لا تَلُومَا القَلْبِ أنْ يَتَخَشّعَا،
فقدْ هاجتِ الأحزانُ قلباً مفزعاً
وَجودَا لهِنْدٍ بِالكَرَامَةِ مِنْكُمَا،
وَمَا شِئْتُمَا أنْ تَمْنَعَا بَعدُ فامنَعَا
وَمَا حَفَلَتْ هِنْدٌ تَعَرُّضَ حاجَتي
وَلا نَوْمَ عَيْنيّ الغِشاشَ المُرَوَّعَا
بِعَيْني مِنْ جَارٍ عَلى غُرْبَةِ النّوَى
أرَادَ بِسُلْمَانِينَ بَيْناً فَوَدّعَا
لَعلّكَ في شَكٍّ مِنَ البَينِ بَعدَمَا
رأيتَ الحمامَ الورقَ في الدارِ وقعا
كأنّ غَماماً في الخُدورِ التي غَدَتْ
دنا ثمَّ هزتهُ الصبا فترفعا
فليتَ ركابَ الحيَّ يومَ تحملوا
بحَوْمَانَةِ الدَّرّاجِ أصْبَحْنَ ظُلَّعَا
بني مالكٍ إنَّ الفرزدقَ لمْ يزل
فَلُوَّ المِخازِي من لَدُنْ أنْ تَيَفَّعَا
رميتُ ابنِ ذي الكيرين حتى تركتهُ
قَعُودَ القَوَافي ذا عُلُوبٍ مُوَقَّعا
وفقأتُ عيني غالبٍ عندَ كيرهِ
وَأقلَعتُ عن أنفِ الفَرَزْدَقِ أجْدَعَا
مددتُ لهُ الغاياتِ حتى نخستهُ
جَرِيحَ الذُّنَابَى فانيَ السّنّ مُقْطَعَا
ضَغَا قِرْدُكمْ لمّا اختَطَفتُ فؤادَهُ،
وَلابنِ وَثِيلٍ كانَ خَدُّكَ أضْرَعَا
وَمَا غَرّ أوْلادُ القُيُونِ مُجاشِعاً
بذي صولةٍ يحمى العرينَ الممنعا
وَيَا لَيتَ شِعرِي ما تَقُولُ مُجاشِعٌ
و لمْ تتركْ كفاكَ في الفوسِ منزعا
وَأيّةُ أحْلامٍ رَدَدْنَ مُجاشِعاً،
يعلونَ ذيفاناً منَ السمَّ منقعا
ألا رُبّمَا بَاتَ الفَرَزْدَقُ قَائِماً
علىَ حرَّ نارٍ تتركُ الوجهَ أسفعا
و كانَ المخازي طالما نزلتْ بهِ
فيصبحُ منها قاصرَ الطرفِ أخضعا
و إنَّ ذيادَ الليلِ لا تستطيعهُ
و لا الصبحُ حتى يستنيرَ فيسطعا
تَرَكْتُ لكَ القَيْنَينِ قِيْنيْ مُجاشعٍ
وَلا يأخُذانِ النّصْفَ شَتى وَلا مَعَا
و قدْ وجداني حينَ مدتْ حبالنا
أشَدَّ مُحاماةً، وَأبْعَدَ مَنْزَعَا
و إني أخو الحربِ التي يصطلى بها
إذا حَمَلَتْهُ فَوْقَ حالٍ تَشَنَّعَا
و أدركتُ منْ قد كانَ قبلي ولمْ أدعْ
لمنْ كانَ بعدي في القصائدِ مصنعا
تفجعَ بسطامٌ وخبرهُ الصدى
وَمَا يَمْنَعُ الأصْداءَ ألاّ تَفَجَّعَا
سيتركُ زيقٌٌ صهر آلِ مجاشعٍ
وَيَمْنَعُ زِيقٌ مَا أرَادَ لِيَمْنَعَا
أتَعْدِلُ مَسْعُوداً وَقَيْساً وَخَالِداً
بأقيانِ ليلى لا ترى لكَ مقنعا
و لما غررتمْ منْ أناسٍ كريمةٍ
لؤمتمْ وضقتمْ بالكرائمِ أذرعا
فلوْ لمْ تلاقوا قومَ حدراءَ قومها
لو سدها كيرُ القيونِ المرقعا
رأى القينُ أختانَ الشناءةِ قد جنوا
منَ الحربِ جرباءَ المساعرِ سلفعا
وَإنّكَ لَوْ رَاجَعْتَ شَيبانَ بَعْدَهَا
لأبتَ بمصاومِ الخياشمِ أجدعا
إذا فوزتْ عنْ نهرَ بينَ تقادفت
بحدراءَ دارٌ لا تريدُ لتجمعا
و اضحتْ ركابُ القينِ منْ خيبةِ السرى
و نقلِ حديد القينِ حسرى وظلعا
وَحَدْرَاءُ لَوْ لمْ يُنْجِها الله بُرّزَتْ
إلى شَرّ ذي حَرْثٍ دَمَالاً وَمَزْرَعَا
و قدْ كانَ نجساً طهرتْ منْ جماعهِ
و آبَ إلى شرَّ المضاجعِ مضجعا
حُمَيْدَةُ كانَتْ للفَرَزُدَقِ جارَةً
يُنَادِمُ حَوْطاً عِنْدَهَا وَالمُقَطَّعَا
سأذكرُ ما لمْ تذكروا عندَ منقرٍ
وَأثْني بِعَارٍ مِنْ حُمَيدَةَ أشْنَعَا
دَعاكُمْ حَوَاريُّ الرّسُولِ فكُنْتُمُ
عَضَارِيطَ يا خُشبَ الخِلافِ المُصرَّعَا
أغَرّكَ جَارٌ ضَلّ قَائِمُ سَيْفِهِ،
فلا رجعَ الكفينِ إلاَّ مكنعا
و آبَ ابنُ ذيالٍ جميعاً وأنتمُ
تعدونَ غنماً رحلهُ المتمزعا
فلا تدعُ جاراً منْ عقالٍ ترى لهُ
ضواغطَ يلثقنَ الازارَ وأضرعا
فَلا قَيْن شَرٌّ مِنْ أبي القَينِ مَنزِلاً
وَلا لُؤمَ إلاّ دونَ لؤمِكِ، صَعصَعَا
تعدونَ عقرْ النيب أفضلَ سعيكمْ
بنى ضوطري هلاَّ الكميَّ المقنعا
وَتَبكي على ما فاتَ قَبْلَكَ دارِماً،
وَإنْ تَبكِ لا تَترُكْ بعَينِكَ مَدمَعَا
لعَمْرُكَ ما كانَتْ حُمَاةُ مُجاشعٍ
كراماً ولا حكامُ ضبةَ مقنعا
أتَعْدِلُ يَرْبوعاً خَنَاثَى مُجاشِعٍ
إذا هُزّ بِالأيْدي القَنَا، فَتَزَعْزَعَا
وَجَدتَ ليَرْبوعٍ، إذا ما عجَمتَهُم،
مَنَابِتَ نَبْعٍ لمْ يُخالِطْنَ خِرْوَعَا
هُمُ القَوْمُ لَوْ باتَ الزّبَيرُ إلَيْهمُ
لما باتَ مفلولاً ولاَ متطلعا
وَقَدْ عَلِمَ الأقْوَامُ أنّ سُيوفَنَا
عَجَمنَ حديدَ البَيضِ حتى تصَدّعَا
ألا رُبّ جَبّارٍ عَلَيْهِ مَهَابَةٌ،
سقيناهُ كأسَ الموتِ حتى تضلعا
نقودُ جياداً لمْ تقدها مجاشعٌ
تكُونُ مِنَ الأعْداء مَرْأًى ومَسمعَا
تَدارِكْنَ بِسطاماً فأُنْزِلَ في الوَغَى
عِنَاقاً وَمَالَ السّرْجُ حتى تَقَعْقَعَا
دَعا هانىءٌ بَكْراً وَقَد عَضّ هانِئاً
عرى الكبلِ فينا الصيفَ والمتربعا
وَنَحنُ خَضَبْنَا لابنِ كَبْشَةَ تاجَهُ
وَلاقَى امْرَأً في ضَمّةِ الخيلِ مصْقَعَا
و قابوسَ أعضضنا الحديدَ ابنَ منذرٍ
و حسانَ إذْ لا يدفعُ الدلَّ مدفعا
و قدْ جعلتْ يوماً بطخفةَ خيلنا
مَجَرّاً لذي التّاجِ الهُمامَ وَمَصرَعَا
و قدْ جربَ الهرماسُ أنَّ سيوفنا
عضضنَ برأسِ الكبشِ حتىَّ تصدعا
و نحنُ تداركنا بحيراً وقدْ حوى
نهابَ العنابينِ الخميسُ ليربعا
فعاينَ بالمروتِ أمنعَ معشرٍ
صَرِيخَ رِياحٍ، وَاللّوَاءَ المُزَعْزَعَا
فوارسَ لا يدعونَ يالَ مجاشعٍ
إذا كانَ يَوْماً ذا كوَاكبَ أشْنَعَا
و منا الذي أبلى صدىَّ بنَ مالكٍ
و نفرَ طيراً عنْ جعادةَ وقعا
فَدَعْ عَنْكَ لَوْماً في جُعادَةَ، إنّمَا
وصلناهُ إذْ لاقىَ ابنَ بيبةَ أقطعا
ضربنا عميدَ الصمتينِ فأعولتْ
دعائمَ عرشِ الحيَّ أنْ يتضعضعا
وَلَوْ شَهِدَتْ يَوْمَ الوَقيطَينِ خَيلُنا
لما قاظتِ الأسرى القطاطَ ولعلعا
ربعنا وأردفنا الملوكَ فظللوا
وِطَابَ الأحَاليبِ الثُّمَامَ المُنَزَّعَا
فتلكَ مساعٍ لم تنلها شجاشعٌ
سبقتَ فلا تجزعْ منَ الموتِ مجزعا