ألا إن هذا الفؤاد اضطرم

ألاَ إنَّ هذا الفؤادَ اضطرم

​ألاَ إنَّ هذا الفؤادَ اضطرم​ المؤلف عبد الغفار الأخرس


ألاَ إنَّ هذا الفؤادَ اضطرم
فهلْ من خمودٍ لهذا الضرَّمْ
وفي كلِّ جارحةٍ لوعةٌ
تثور وفي كل عضوٍ أَلَمْ
وأيقظ وجديَ برقٌ يلوح
وقد نام عن أعينٍ لم تنمْ
ولما سرى موهناً في الدجى
بكيت له عن جوىً وابتسم
وباحت دموعي بسرّي المصون
وسرّ الصبابة لا ينكتم
فللّه برق أثار الغرام
ولله دمع جرى وانسجم
صامَمْتُ عن عاذلي في الهوى
وما بي ودين الهوى من صمم
فمن منصفي من غرام ظلوم
ومن منصفي من حَبيب ظَلَم
فلا سلم الصبر من مغرم
إذا ذكر الحي في ذي سَلَم
أعلل نفسي بنيل المنى
وما لي إلي نيلها مقتحم
ومن لي بعزم الجريّ الأبيّ
فلا ينثني عزمه إن عزم
وإنّي على شغفي بالخمول
أروم من الدهر ما لم يُرَم
وقد شَيَّبتني صروف الزمان
وصرف الزمان يشيب اللمم
فما لي أقمت بأرض العراق
ولولا خمولي بها لم أقم
وكنت ترحَّلْتُ عن موطنٍ
إذا كنت في غيره لم أضم
إلى قائد عسكر المسلمين
ومقدامهم في الحروب الدهم
عليّ الرضا مشرفيّ القضا
وغيث العطاء غياث الأمم
قريب النوال مجيب السؤال
منيع المنال رفيع الهمم
جزيل الثواب مجيد الضّراب
شديد العقاب إذا ما انتقم
أذلّ الطغاة وأردى الكماة
وساق الصناديد سوق الغنم
إذا حارب الأُمَم الفاجرين
تصدَّعَ من شعبها ما التأم
سيف مبيد ورأي سديد
وعزم شديد وأنفٍ أشم
حسام الدولة عبد المجيد
مليك الملوك وسيف خذم
يقدّ به الهام ممَّن عَصاه
ويَفَلق في شفريته القمم
وإن هالت الحرب يوم النزال
تصدى ّ لأهوالها واقتحم
وحسبك أنَّ المليك اصطفاه
وولاّه دفع الأهمَّ الأهم
فكان إذا استخون الغادرين
رأى من عليّ وفيّ الذمم
ففي مثل صدق عليّ الرضا
تَبَلَّج صبُحُ الرّضا وابتسم
فقرّبه من علاهُ المليك
فكان المبجَّلَ والمحتشم
وفي عدل هذا المليك العظيم
نجاة الرعية من كلِّ غم
إذا أبْعَدَته ملوك الزمان
تُقَبّلُ منه مكان القدم
به اعتصمت من جميع الخطوب
وفي مثل دولته المعتصم
بصنعٍ أجاد وفضلٍ أعاد
وقرنٍ أباد وأنفٍ رغم
وتلك المواهب بين الملوك
وفيك البداية والمختتم
تلوذ برأفته الخائفون
فتأمن من كلِّ أمرٍ مهم
ومن كان باباً لنيل المراد
فلا شك في بابه المزدحم
مناهله شرعة الواردين
بحيث النوال وحيث الكرم
صوارمه نقمة تتَّقى
وأنظاره نعمة تغتنم
وقد خلق الله كلتيهما
لحتف دنا أو لرزقٍ قسم
أعاد إلى الملك شرخ الشباب
وعهد الشبيبة بعد الهرم
رقاها ببيض الحداد
فما برح الداء حتى انحسم
فأينع في روضها ما ذوى
وشيّد من ركنها ما انهدم
حمى حوزة الدين في صام
إذا صرم الموت فيه انصرم
فتهدي الأنام لسلطانه
بحسن الثناء وطيب الكلم
دعاء لدولته يستجاب
وعهد لخدمته يلتزم
وفيت له يا علي الرضا
وهل ينفع الغادرين الندم
وقمت لدولته قائماً
لكربٍ ألمَّ وخطبٍ هجم
ولله درُّك من صادق
إذا مُيّز الصدق والمتهم
ولاحت خفايا صدور الرجال
وأصبح أمرهم قد علم
ألا لا برحت سرور الوجود
بمن أوجد الخلق بعد العدم
وقد نظم العبد فيك القريض
فصلْ من قبولٍ لها من نظم
يَؤُمُّ جنابَ عليّ الجناب
ومن حقّ حضرته أن تؤم
تلوح معاليه للناظرين
ولا مثلَ نارٍ بأعلى علم
فأنطقَ بالمدح حتى العُجُم
وأسمع بالصيت حتى الأصم
محبَّتُه أُغرزت في القلوب
وشكرانه ساغ في كل فم
لقد شملتنا له نعمة
وقد أوجب الله شكر النعم
فيا ليتني كنت في ظلّهِ
وكنت أكون كبعض الخدم
أفوز بباب عليّ الجناب
فأروي محاسن تلك الشيم
وأنْشِدُه الشعر عن أخرسٍ
يترجم عنه لسان القلم