ألا بان الخليط ولم يزاروا

ألا بان الخليط ولم يُزاروا

​ألا بان الخليط ولم يُزاروا​ المؤلف بشرُ بنُ أَبي خازِم


أَلا بانَ الخَليطُ وَلَم يُزاروا
وَقَلبُكَ في الظَعائِنِ مُستَعارُ
أُسائِلُ صاحِبي وَلَقَد أَراني
بَصيراً بِالظَعائِنِ حَيثُ صاروا
تَؤُمُّ بِها الحُداةُ مِياهَ نَخلٍ
وَفيها عَن أَبانَينِ اِزوِرارُ
نُحاذِرُ أَن تَبينَ بَنو عُقَيلٍ
بِجارَتِنا فَقَد حُقَّ الحِذارُ
فَلَأياً ما قَصَرتُ الطَرفَ عَنهُم
بِقانِيَةٍ وَقَد تَلَعَ النَهارُ
بِلَيلٍ ما أَتَينَ عَلى أُرومِ
وَشابَةَ عَن شَمائِلِها تِعارُ
كَأَنَّ ظِباءَ أَسنُمَةٍ عَلَيها
كَوانِسَ قالِصاً عَنها المَغارُ
يُفَلِّجنَ الشِفاهَ عَنِ اِقحُوانِ
جَلاهُ غِبَّ سارِيَةٍ قِطارُ
وَفي الأَظعانِ آنِسَةٌ لَعوبٌ
تَيَمَّمَ أَهلُها بَلَداً فَساروا
مِنَ اللائي غُذينَ بِغَيرِ بُؤسٍ
مَنازِلُها القَصيمَةُ فَالأُوارُ
غَذاها قارِصٌ يَجري عَلَيها
وَمَحضٌ حينَ تَنبَعِثُ العِشارُ
نَبيلَةُ مَوضِعِ الحِجلَينِ خَودٌ
وَفي الكَشَحَينِ وَالبَطنِ اِضطِمارُ
ثَقالٌ كُلَّما رامَت قِياماً
وَفيها حينَ تَندَفِعُ اِنبِهارُ
فَبِتُّ مُسَهَّداً أَرِقاً كَأَنّي
تَمَشَّت في مَفاصِلِيَ العُقارُ
أُراقِبُ في السَماءِ بَناتِ نَعشٍ
وَقَد دارَت كَما عُطِفَ الصِوارُ
وَعانَدَتِ الثُرَيّا بَعدَ هَدءٍ
مُعانَدَةً لَها العَيّوقُ جارُ
فَيا لَلناسِ لِلرَجُلِ المُعَنّى
بِطولِ الحَبسِ إِذ طالَ الحِصارُ
فَإِن تَكُنِ العُقَيلِيّاتُ شَطَّت
بِهِنَّ وَبِالرَهيناتِ الدِيارُ
فَقَد كانَت لَنا وَلَهُنَّ حَتّى
زَوَتنا الحَربُ أَيّامٌ قِصارُ
لَيالِيَ لا أُطاوِعُ مَن نَهاني
وَيَضفوا فَوقَ كَعبَيَّ الإِزارُ
فَأَعصي عاذِلي وَأُصيبُ لَهواً
وَأوذي في الزِيارَةِ مَن يَغارُ
وَلَمّا أَن رَأَينا الناسَ صاروا
أَعادِيَ لَيسَ بَينَهُمُ اِئتِمارُ
مَضَت سُلّافُنا حَتّى حَلَلنا
بِأَرضٍ قَد تَحامَتها نِزارُ
وَشَبَّت طَيِّئُ الجَبَلَينِ حَرباً
تَهِرُّ لِشَجوِها مِنها صُحارُ
يَسُدّونَ الشِعابَ إِذا رَأَونا
وَلَيسَ يُعيذُهُم مِنا اِنجِحارُ
وَحَلَّ الحَيُّ حَيُّ بَني سُبَيعٍ
قَراضِبَةً وَنَحنُ لَهُ إِطارُ
وَخَذَّلَ قَومَهُ عَمرُو بنُ عَمرٍو
كَجادِعِ أَنفِهِ وَبِهِ اِنتِصارُ
وَأَصعَدَتِ الرِبابُ فَلَيسَ مِنها
بِصاراتٍ وَلا بِالحَبسِ نارُ
يَسومونَ السِلاحَ بِذاتِ كَهفٍ
وَما فيها لَهُم سَلَعٌ وَقارُ
فَحاطونا القَصا وَلَقَد رَأَونا
قَريباً حَيثُ يُستَمَعُ السِرارُ
وَأَنزَلَ خَوفُنا سَعداً بِأَرضٍ
هُنالِكَ إِذ تُجيرُ وَلا تُجارُ
وَأَدنى عامِرٍ حَيّاً إِلَينا
عُقَيلٌ بِالمِرانَةِ وَالوِبارُ
وَبُدِّلَتِ الأَباطِحُ مِن نُمَيرٍ
سَنابِكَ يُستَثارُ بِها الغُبارُ
وَلَيسَ الحَيُّ حَيُّ بَني كِلابٍ
بِمُنجيهِم وَإِن هَرَبوا الفِرارُ
وَقَد ضَمَزَت بِجِرَّتِها سُلَيمٌ
مَخافَتَنا كَما ضَمَزَ الحِمارُ
وَأَمّا أَشجَعُ الخُنثى فَوَلَّوا
تُيوساً بِالشَظِيِّ لَها يُعارُ
وَلَم نَهلِك لِمُرَّةَ إِذ تَوَلَّوا
فَساروا سَيرَ هارِبَةٍ فَغاروا
أَبى لِبَني خُزَيمَةَ أَنَّ فيهِم
قَديمَ المَجدِ وَالحَسَبُ النُضارُ
هُمُ فَضَلوا بِخِلّاتٍ كِرامٍ
مَعَدّاً حَيثُما حَلّوا وَساروا
فَمِنهُنَّ الوَفاءُ إِذا عَقَدنا
وَأَيسارٌ إِذا حُبَّ القُتارُ
فَأَبلِغ إِن عَرَضتَ بِنا رَسولاً
كِنانَةَ قَومَنا في حَيثُ صاروا
كَفَينا مَن تَغَيَّبَ وَاِستَبَحنا
سَنامَ الأَرضِ إِذ قَحِطَ القِطارُ
بِكُلَّ قِيادِ مُسنِفَةٍ عَنودٍ
أَضَرَّ بِها المَسالِحُ وَالغِوارُ
مُهارِشَةُ العِنانِ كَأَنَّ فيها
جَرادَةَ هَبوَةٍ فيها اِصفِرارُ
نَسوفٌ لِلحِزامِ بِمِرفَقَيها
يَسُدُّ خَواءَ طُبيَيها الغُبارُ
تَراها مِن يَبيسِ الماءِ شُهباً
مُخالِطَ دِرَّةٍ فيها غِرارُ
بِكُلِّ قَرارَةٍ مِن حَيثُ جالَت
رَكِيَّةُ سُنبُكٍ فيها اِنهِيارُ
وَخِنذيذٍ تَرى الغُرمولَ مِنهُ
كَطَيِّ الرِقِّ عَلَّقَهُ التِجارُ
كَأَنَّ حَفيفَ مَنخِرِهِ إِذا ما
كَتَمنَ الرَبوَ كيرٌ مُستَعارُ
وَجَدنا في كِتابِ بَني تَميمٍ
أَحَقُّ الخَيلِ بِالرَكضِ المُعارُ
يُضَمَّرُ في الأَصائِلِ فَهوَ نَهدٌ
أَقَبُّ مُقَلِّصٌ فيهِ اِقوِرارُ
كَأَنَّ سَراتَهُ وَالخَيلُ شُعثٌ
غَداةَ وَجيفِها مَسَدٌ مُغارُ
يَظَلُّ يُعارِضُ الرُكبانَ يَهفو
كَأَنَّ بَياضَ غُرَّتِهِ خِمارُ
وَما يُدريكَ ما فَقري إِلَيهِ
إِذا ما القَومُ وَلَّوا أَو أَغاروا
وَلا يُنجي مِنَ الغَمَراتِ إِلّا
بَراكاءُ القِتالِ أَوِ الفِرارُ