ألا بكرت عرسي تلوم وتعذل

أَلاَ بَكَرتْ عِرْسِي تَلُوم وتَعْذُلُ

​أَلاَ بَكَرتْ عِرْسِي تَلُوم وتَعْذُلُ​ المؤلف كعب بن زهير


أَلاَ بَكَرتْ عِرْسِي تَلُوم وتَعْذُلُ
وغيرُ الذي قالتْ أعفُّ وأجملُ
ولما رأتْ رأسي تبدَّلَ لونهُ
بياضاً عن اللونِ الذي كان أوّلُ
أَرَنَّتْ من الشَّيْبِ العَجِيبِ الذي رأتْ
وهل أَنتِ منِّي وَيْبَ غَيْرِك أَمْثَلُ
وقد أشهدُ الكأسَ الروّيةَ لاهياً
أعلُّ قبيلَ الصبحِ منها وأُنهلُ
ينازعنيها ليّنٌ غيرُ فاحشٍ
مُبَادِرُ غاياتِ التِّجارِ معذِّلُ
إذا غلَبتْه الكأسُ لا متعبَّسُ
حصورٌ ولا من دونها يتبسَّلُ
وليس خَلِيلي بالمَلُولِ ولا الَّذِي
يلومُ على البخل البخيلَ ويبخلُ
لنا حاجة في صرحةِ الحيِّ بعدما
بَدَا لهمُ أن يَظْعَنوا فتَحَمَّلوا
نشاوى نديمِ الكأسِ منا مرنَّحٌ
وعِيسٌ مُنَاخاتٌ عليهنّ أَرْحُلُ
وحَجْلٌ سَلِيمٌ قَدْ كشَفْنا جِلاَلَه
وآخر في أنضاءِ مسحٍ مسربلُ
وصرماءَ مذكارٍ كأنّ دويَّها
بيعدَ جنانِ اليل مما يخيلَ
حديثُ أناسيٍّ فلما سمعتهُ
إذا ليسَ فيه ما أَبِينُ فأَعْقِلُ
قطَعْتُ يُمَاشِينِي بها متضائلٌ
من الطُّلْسِ أحياناً يَخُبُّ ويَعْسِلُ
يحبّ دُنوَّ الإنس منه وما بهِ
إلى أحد يوماً من الإنس منزلُ
تقرَّبَ حتى قلتُ لم يدنُ هكذا
من الإنس إلا جاهلٌ أو مضلَّلُ
إذا ما عَوَى مُسْتقبِلَ الرِّيحِ جَاوبَتْ
مَسَامِعُه فَاهُ على الزَّادِ مُعْوِلُ
كسوبٌ إلى أن شبّ من كسبِ واحدٍ
محالفه الإقتارُ لا يتمَّولُ
كأنَّ دخانَ الرَّمثِ خالطَ لونهُ
يُغلُّ به من باطنٍ ويجللُ
بصيرٌ بأدغال الضَّراءِ إذا خدى
يَعِيلُ ويَخْفَى بالجَهَاد ويَمْثُلُ
تَرَاه سَمِيناً ما شَتَا وكأنه
حميٌّ إذا ما صافَ أو هو أهزلُ
كان نساهُ شرعةٌ وكأنّه
إذا ما تَمَطَّى وجْهَةَ الرِّيحِ محْمَلُ
وحَمْشٌ بَصِيرٌ المُقْلَتيْن كأنّهُ
إذا ما مشَى مُسْتكرِهَ الرِّيحِ أقْزَلُ
يكاد يَرَى مالا تَرَى عينُ واحدٍ
يُثيرُ له ما غَيَّبَ التُّرْبُ مِعْوَلُ
إذا حضراني قلتُ لو تعلمانِه
ألم تعلما أني من الزاد مرملُ
أغارا على ما خيَّلت وكلاهما
سيخلفهُ مني الذي كانَ يأملُ
كأنّ شجاعي رملةً درجا معاً
فمَرَّا بنا لَوْلاَ وقوفٌ ومَنْزَلُ
ومَضْرَبَها تحت الحَصَى بِجرَانِها
ومثنى نواجٍ لم يخنهنَّ مفصلُ
وأَتْلَعَ يُلْوَى بالجَدِيل كأنّه
عَسِيبٌ سقاه من سُمَيحةَ جَدْولُ
ومَوْضِعَ طُولِيٍّ وأَحْنَاءَ قاتِرٍ
يئطُّ إذا ما شدّ بالنسعِ من علُ
وسُمْرٌ ظِمَاءٌ واتَرَتْهنَّ بعدَما
مَضَتْ هَجْعةٌ من آخرِ اللّيلِ ذُبَّلُ
سَفَى فوقهنّ التُّرْبَ ضافٍ كأنّه
على الفَرْج والحاذَيْنِ قِنْوٌ مذلَّلُ
ومضطّمرٌ من خاشع الطرف خائفٌ
لما تضع الأرضُ القواءُ وتحملُ
انختُ قلوصي واكتلأْتُ بعينها
وآمَرْتُ نَفْسِي أيَّ أمْرَيَّ أفعَلُ
أأكْلَؤُها خوفَ الحوادثِ إنها
تريبُ على الانسانِ أم أتوكلُ
فأقسمتُ بالرحمنِ لا شيءَ غيرّهُ
يمينَ امرئٍ برٍّ ولا أتحلَّلُ
لأَستشعرنْ أعْلى دريسيَّ مسلماً
لوَجْهِ الذي يُحْيي الأَنَامَ ويقتلُ
هو الحافظُ الوَسْنانَ باللّيل ميِّتاً
على أنه حيُّ من النوْمِ مثقلُ
من الأسود الساري وإن كان ثائراً
على حدِّ نابيه السِّمامُ المثمِّلُ
فلما استدارَ الفرقدان زجرتها
وهَبَّ سِمَاكٌ ذو سِلاَحٍ وأعْزَلُ
فحَطَّتْ سَرِيعاً لم يَخُنْها فؤادُها
ولا عَيْنُها من خَشْيةِ السَّوْطِ تَغْفُلُ
يقطِّع سَيْرَ الناعِجاتِ ذَمِيلُها
نجاءً اذا اختبّ النجاءُ المعوِّلُ
منفَّجةَ الدَّفًّينُ طيِّن لحمها
كما طِينَ بالضَّاحِي من اللِّبْنِ مِجْدَلُ
ودفٌّ لها مثل الصَّفاة ومرفقٌ
عن الزَّوْرِ مفتولُ المُشَاشةِ أَفْتَلُ
وسالفةٌ ريّا يبلُّ جديلها
إذا ما عَلاَها ماؤها المتبزِّلُ
وصافيةٌ تنفي القذاةَ كأنها
على الأَيْنِ يَجْلُوها جِلاَءٌ وتُكْحَلُ
فمَنْ للقَوَافِي شانَها مَنْ يَحُوكُها
إذا ما ثَوَى كَعْبٌ وفَوَّزَ جَرْوَلُ
يقولُ فلا يَعْيَا بشيءٍ يقولُه
ومِنْ قائليها مَنْ يُسِيء ويعمَل
يقوِّمُها حتى تَقُومَ مُتُونُها
فيَقْصُرُ عنها كلُّ ما يُتمثَّلُ
كَفَيْتُكَ لا تَلْقَى من الناس شاعراً
تَنَخَّلَ منها مثلَ ما أتنخَّلُ