ألا قف بالمنازل والربوع

​ألا قِفْ بالمنازلِ والربوعِ​ للشاعر ابن مقبل


ألا قِفْ بالمنازلِ والربوعِ
ديار الحي كانت للجميع
تلوح، وقد مضت حجج ثمانٍ،
بنجدٍبين أجمادٍ وريع
تطالعها الجنوب من الثنايا
بهَيْفٍ ما يَمَلُّ منَ الطُّلوعِ
فلمَّا أنْ غدَتْ مِنْ ذاتِ عِرقٍٍ
تكاد تجفُّ بالخشب الصريع
ديارٌ للَّتي ذهبت بقلبي
فما يُرجى لقلبي مِن رجوعِ
وليلة خائفٍ قد بتُّ وحدي
وأبيض قد وثقت به ضجيعي
وعندي العنس يصرف بازلاها
عليها قاتِرٌ قَلِقُ النُّسُوعِ
تَرُدُّ إلى المريء ودَأْيَتَيْها
صُبَابَ الماءِ بالفَرْثِ الرَّجيعِ
عذافرةٌ أضرَّ بها سفاري
وأعيت من معاينة القطيع
كجأبٍ يرتعي بجنوب فلجٍ
تُؤامَ البَقْلِ في أَحْوى مَريعِ
يُقَلِّبُ سَمْحَجاً قَبَّاءَ تُضْحي
كقوسِ الشَّوْحَطِ العُطُلِ الصَّنيعِ
يظلان النهار برأس قفٍّ
كميت اللون ذي فلكٍ رفيع
ويرتعيان ليلهما قراراً
سَقَتْهُ كلُّ مُغْصِنَةٍ هَمُوعِ
زخاريَّ النَّبات كأنَّ فيه
جيادَ العبقريَّةِ والقُطوعِ
فلما قلصالحوذان عنه
وآلَ لَوِيُّهُ بعدَ المُتوعِ
وهَيَّجَها الطريقَ، فأصحبَتْهُ
برجل رأدةٍ ويدٍ ضبوع
برجلٍ رأدةٍ لا عيب فيها
أضَرَّ بها العِثارُ، ولا ظَلُوعِ
تصكٌّ النَّحر والدأيات منه
بضَربٍ لوْ تَوَجَّعَهُ وَجيعِ
فأوْرَدَها معَ الإبْصارِ ضَحْلاً
ضفادعه تنقُّ على الشروع
ولمَّا يَنْذَرا بضُبوءِ طِمْلٍ
أخي قنصٍ برزَّهما سميع
خفيَّ الشَّخص،يغمز عجس فرعٍ
من الشِّريان مرزامٍ سجوع
إذا غمزت ترنم أبهراها
حنين النَّاب بالأفق النَّزوع
فلمْ تكُ غيرَ خاطئةٍ ووَلَّى
سريعاً،أو يزيد على السَّريع
أقولُ، وقد قطعْنَ بنا شَرَوْرى
ثوانيَ، واسْتَوَيْنَ منَ الضَّجُوعِ
لصحبي،والقلاص العيس تثني
أزمتها سوالف كالجذوع
أبالغةٌ بليَّتها المنايا
ولمَّا ألق حيَّ بني الخليع
هُمُ جَبَلٌ يَلوذُ الناسُ فيهِ
وفَرْعٌ نابِتٌ فَرْعَ الفُروعِ
مَقارٍ حينَ تنكفِئُ الأفاعي
إلى أحجارهن من الصقيع
ترى الريـطاليماني دانياتٍ
على أقدامهم وقت الشُّروع
ويوماً باكَروا مِسْكاً، ويوماً
ترى بثيابِهمْ صدَأَ الدُّروعِ
إذا فَزِعوا غداةَ الرَّوْعِ ثابُوا
بكلِّ نَزيعةٍ ووأىً نَزيعِ
يَحُلُّونَ الفضَاءَ بِحَيِّ صِدْقٍ
جميع الأمر، ميقاص الجموع