ألا كم تسمع الزمن العتابا
ألا كمْ تُسْمَعُ الزمن العتابا
ألا كمْ تُسْمَعُ الزمن العتابا
تخاطبه ولا يدري الخطابا
أتطمع أن يرد عليك إلفاً
ويُبقي ما حييت لك الشبابا
لم تَرَ صرفه يُبْلِي جديداً
ويتركُ کهلَ الدُّنْيا يَبابا
وإن كان الثواءُ عليك داءُ
فبرؤك في نوىً تمطي الركابا
وهمّك همّ مرتقبٍ أموراً
تسيحُ على غرائبها اغترابا
وإن أخا الحزامة من كراه
كَحَسوِ مُرَوّعِ الطيرِ الثِّغابا
فتىً يستطعمُ البيضَ المواضي
ويستسقي اللهاذم لا السحابا
فصرِّفْ في العُلَى الأفعالُ حزْماً
وعزماً إن نحوتَ بها الصوابا
وكن في جانبِ التحريضِ نارا
تزيدُ بنفحةِ الرِّيحِ التهابا
فلم يمهِ الحسام القين إلاّ
ليصرفَ عند سلَّتهِ الرِّقابا
ولاترغبْ بنفسك عن فلاة
تخالُ سَرَابَ قَيْعَتها شَرَابا
فكم ملكٍ ينالُ بخوضِ هلكٍ
فلا يُبهِمْ عليك الخوْفُ بابا
وقفتُ من التناقضِ مُستريبا
وقد يقفُ اللبيبُ إذا استرابا
كأن الدهر محسنه مسيءٌ
فما يجزي على عمل ثوابا
ولو أخذَ الزّمان بكفّ حرّ
لكان بطبعِهِ أمْرا عُجابا
يَجُرّ عليّ شُرْبُ الراحِ هَمّاً
ويورثُ قلبيَ الشدُوُ اكتئابا
وفي خُلُق الزّمان طباعُ خُلْفٍ
تُمرِّرُ في فمي النُّغَبَ العذابا
وقد بدلت بعد سراة قومي
ذئاباً في الصحابة لا الصحابا
وألفيتُ الجليس على خلافي
فلسْتُ مجالِساً إلاَّ كِتابَا
وما العنقاء أعوزُ من صديق
إذا خبثُ الزمانُ عليك طابا
وما ضاقَتْ عليَّ الأرضُ إلاَّ
دَحَوْتُ مكانها خُلُقاً رحابا
سأعتسِفُ القفارَ بِمُرْقِلاَتٍ
تجاوزنِي سباسِبَها انْتهابا
تخالُ حديث أيديها سراعاً
حثيث أنامل لقطت حسابا
وتحسب خافق الهادي وجيفاً
يظن زمام مخمطه حبابا
وأسري تحتَ نَجمٍ من سناني
إذا نجمٌ عن الأبصار غابا
وإن المَيْتَ في سَفَرِ المعالِي
كمن نال المُنى منها وآبا
ويُنجدني على الحدثان عضْبٌ
يذلل قرعه النوبَ الصعابا
يمانٍ كلما استمطرْتُ صوْباً
به من عارض المهَجات صابا
كأن عليه نارَ القين تذكي
فلولا ماءُ رونَقِهِ لذابا
كأن شعاعَ عين الشمس فيه
وإن كان الفِرِنْدُ به ضبَابا
كأن الدهر شيبهُ قديماً
فما زال النجيع له خضابا
كأن ذبابهُ شادي صبوحٍ
يحرّك، إن ضربتُ به رقابا
وكنّا في مواطنِنِا كِراماً
تعافُ الضيم أنفسنا وتابى
ونطلع في مطالعنا نجوماً
تعدّ لكلّ شيطان شهابا
ولم تَسْلمْ لنا إلا نفوسٌ
وأحسابٌ نُكَرِّمها احتسابا
ولم تخْلُ الكواكب من سقوطٍ
ولكن لا يُبلّغها الترابا