ألا لله ما صنع الحمام

ألا لله ما صنع الحمامُ

​ألا لله ما صنع الحمامُ​ المؤلف الشريف المرتضى


ألا لله ما صنع الحمامُ
وما وارتْ بساحتها الرّجامُ
طوى من لا سبيلَ إلى لقاهُ
وإنْ جدَّ التَّطَلُّبُ والمَرامُ
وكيفَ لقاءُ مَن دهتِ اللَّيالي
وغرّبه صباحٌ أو ظلامُ؟
وهيهاتَ المطامعُ في أُناسٍ
أقاموا حيث لا يغنى المقامُ
ثَوَوْا متجاورين ولا لقاءٌ
وناجَوْا واعظين ولا كلامُ
خلقنا للفناءِ وإنْ غررنا
بإيماضٍ من الدّنيا يشامُ
ونبصرُ ملءَ أعيننا فعالَ الـرّدى وكأنّنا عنه نيامُ
رَدى وكأنَّنا عنه نِيامُ
" وتحلو " مذقةُ الدّنيا لحىٍّ
له من بعدِها كأسٌ سِمامُ
غَمامٌ من مواعدِها جَهامٌ
وأسبابٌ لجَدْواها رِمامُ
وما الأحزانُ والأفراحُ فيها
وإنْ طاوَلْنَنا إلاّ مَنامُ
ولو علمَ الحَمامُ كما علمنا
منَ الدُّنيا لما طَرِب الحَمامُ
سلامٌ الله غادٍ كلَّ يومٍ
على مَن ليس يبلغُه السّلامُ
على عبقِ الثّرى خضلِ النّواحى
وإنْ لم يستهلَّ له الغمامُ
مضى صفرَ الحقيبةِ من قبيحٍ
غريباً فى صحيفته الأثامُ
نقىَّ الجيبِ عفَّ الغيبِ "برٌّ"
حرامٌ ليس يألفه الحرامُ
منَ القومِ الأُلى دَرَجوا خِفافاً
وزادُهمُ صلاةٌ أو صيامُ
لهمْ في كلّ مَأْثَرَةٍ حديثٌ
كما طابتْ لناشِقها المُدامُ
مَضَوا وكأنَّهمْ، من طيبِ ذكرٍ
تراهُ مُخلَّداً لهمُ، أقامُوا
تعزَّ أبا علىٍّ فالرّزايا
متى تَعْدوك ليس لها احترامُ
وما صابتْ سهامُ الموت خلقاً
إذا طاشتْ له عنك السَّهامُ
وغيرُك مَن تُثقفِّهُ التَّعازي
ويعدلُ من جوانبه الكلامُ
فإنّك من تجافى العتبُ عنه
وأَعْوَزَ في خلائقه الملامُ